أول ضابط صعيدي في الشرطة الهولندية: «هناك مفيش واسطة» (فيديو)
خرج فريد مسعود، ابن قرية الغريزات التابعة لمركز المراغة بمحافظة سوهاج إلى هولندا، بعد أن أنهى الدراسة والخدمة العسكرية، حيث تزوج من هولندية كانت تزور مصر في ذلك الوقت، واجتهد حتى حقق ما أراد، ويعود من حين لآخر إلى مسقط رأسه، ويلتقي بأهله، ليستعيد ذكريات الماضي.
وقال فريد: "عقب إنهاء دراستى بكلية التجارة عام 1986، كنت أول الدفعة بجامعة سوهاج، لم أنتظر التعيين، وسافرت إلى هولندا عام 1992، لأعمل بالوحدة الحسابية بإحدى الشركات، إلى أن سمعت عن طلب الشرطة الهولندية لاستقبال دفعة جديدة، وراودتني الفكرة، وتقدمت لكلية الشرطة عام 1995، خاصة أننى حاصل على الجنسية، والتحقت بالكلية وتخرجت عام 1998.
وأضاف فريد: "أننى وجدت تعاملا في منتهى الرقي والتحضر، وكانت المفاجأة أني تفوقت على زملاء دفعتي إلى أن وصلت إلى رتبة عميد، وهناك بينهم من لا يزال برتبة رائد وأقل، هناك طبيعة الحياة مختلفة، الجميع يتساوى في الحقوق والواجبات، ويحصل على حقه دون واسطة أو محسوبية، عملت فترة في النجدة ثم في المباحث والمباحث الجنائية ومباحث التهرب الضريبي، وحاليًا أعمل في الأمن القومي الهولندي، ونائب مدير أمن في المنطقة الجنوبية، وعملت بجميع أقسام الشرطة الهولندية تقريبًا".
وأضاف أن هناك الوضع مختلف؛ لأنه مطلوب منك تنفيذ ما قمت بدراسته نظريا داخل قسم الشرطة، ويستغرق ذلك 3 شهور، وبعدها يتحول الضابط إلى القسم للتحقيق في الجرائم؛ سرقة وإتلاف ممتلكات وقتل وغيرها، وقال: "أول يوم نزول لي كان مفاجأة، من مستوى النظافة والتحضر والرقي في المعاملة مع المواطن والمجرم الذي يتم إحضاره للقسم بطريقة آدمية، ومن أكثر الأشياء التي تعلمتها هي احترام القانون واحترام حقوق المواطن".
وأشار إلى أنه لا توجد "واسطة"، ولم أستغرب عندما ألقيت القبض على ابن مأمور المركز، الذي كنت أعمل به وقتها، وهو مخمور، ويقود سيارة، وتم التعامل معه كأي مواطن، ولم يتدخل والده نهائيًا، حتى عندما رأى ابنه داخل القفص مع المتهمين، وتم تحرير محضر له، لافتا إلى أن كلمة الواسطة محذوفة من قاموس الهولنديين تمامًا، وعندما يتصل بي أحد المصريين للتدخل بسبب واقعة ما، أوجه له النصيحة بالتعامل وأرفض التدخل.
وأكد على أن نسب الجرائم بهولندا منخفضة للغاية، وهناك بعض السجون سوف تغلق؛ بسبب انخفاض معدل الجريمة هناك، ولكن أكثر الجرائم المنتشرة بشكل كبير هي جرائم الانتحار، وجميعها لشباب صغير السن، وبطرق بشعة، يصعب على أي شخص تحملها، وبالطبع نبحث الدوافع التي جعلتهم يسلكون تلك الطرق، وهناك منظمات تعمل على ذلك الأمر، خاصة بعد نزوح المئات من اللاجئين العراقيين والسوريين إلى هناك، من خلال برامج معينة، وتعليم اللغة حتى يتم وضعهم على الطريق الصحيح، لافتًا إلى أن الوضع بمصر تحسن كثيرا.
وتابع: بعد 27 عامًا قضيتها في هولندا ما زلت دائم الحنين إلى بلدي، اللمة والصحبة والأهل والحياة التي تمتاز بالحب والعواطف الجياشة مهما كانت الظروف، وعلى الرغم من أنني لفيت العالم، ولكن تبقى مصر في القلب الروح النابض، هنا الجو الدافئ المليء بالحياة، عكس الحياة هناك باردة نوعًا ما، ووالدي هو أول شخص أثر فيَّ كثيرًا، عندما علم بهذا الأمر، ولن أنسى نظرات الفخر التي وجدتها في عيونه لحظة نزولي في مطار سوهاج، واستقبال الأهل لي في عام 2003، وسوهاج كلها عرفت بي بعد انتشار الخبر من خلال برنامج تليفزيوني عام 2001، وكنت وقتها خريجا حديثا، وعرفوا أني أصبحت ضابطًا في الشرطة الهولندية، لافتًا إلى أن عائلته مكونة من بنت وولدين، واحدة أنهت دراستها بكلية الطب البشري، والتوأم أحدهما يدرس طب أسنان، والآخر ضابط في الكلية الحربية، وأبنائي يزرون مصر دائمًا، وتوقفوا عن الزيارة منذ 5 سنوات بسبب الدراسة، ولكنهم لم ولن ينسوا أنهم مصريون، وأصولهم وجذورهم هنا، ومن أجمل الأكلات التي نطلبها لحظة وصولنا إلى المراغة هي الطعمية والفول والحمام المحشي، وأبنائي يشعرون بالدفء والعلاقات الأسرية التي يفتقدونها هناك في هولندا.