شكرا لتعاونكم معنا
بعيدا عن الانتقادات التي وجهت للكاتب الصحفي عماد أديب في حواره أو انفراده أو استفراده بإرهابي الواحات عبد الرحيم المسماري، وما شاب الحوار من محاورة الكاتب للإرهابي دون استعداد حقيقي، خاصة وأن أي حوار يجري مع إرهابي يفرض على المحاور مذاكرة قضية الحاكمية بشكل دقيق، حتى يتسنى له إسقاط ضحيته في مستنقع التناقض الذي تناقش من خلاله هذه القضية، واعتماده على تفاسير غير عقلانية وغير منطقية فيما يذهب إليه من تكفير الحاكم والمجتمع.
بعيدا عن كل ذلك بدا الإرهابي في ملابسه البيضاء.. هادئ الطبع.. واثقا فيما يقول، رغم تخلفه الشديد وضحالة ما يطرح، وبدا وجه عماد شاحبا يرتدي بدلة غامقة اللون، وقميصا داكنا، ورابطة عنق تكمل مشهد انكساره دون مبرر، في الوقت الذي ظهر فيه الإرهابي بملابس ملائكية بيضاء، ووجه نضر، ولسان منطلق بهدوء هزم هدوء عماد أديب المتعارف عليه.. وظهر وجه الإرهابي معتدلا، بينما كانت كاميرا عماد تظهره بشكل مائل غير معتدل، في واحدة من أكثر مناطق الحوار هزيمة.
ورغم ضحالة فكر الإرهابي الذي جاء ليقتل ويدمر ويزهق الأرواح دون مسوغ شرعي، فإن لغة الكاميرا التي لا ذنب لعماد فيها كانت في صالح الإرهابي، واختيار ملابسه وتسريحة شعره العصرية، غير أن مجمل الصورة التي ظهر بها الإرهابي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه لم يتعرض لضغط أو تعذيب، فالجزء الظاهر من جسده لم تظهر عليه أية ملامح لتعذيب أو قهر أو تعنيف أو ضرب.
ورغم أن الدولة متمثلة في جهاتها الأمنية وأجهزتها الرسمية، قدمت لعماد أديب انفراده أو استفراده دون غيره بالحوار فإن أحدا من خبراء لغة الجسد لم يعرض عليه الحوار قبل عرضه، وتُرك لاجتهادات غير علمية أدت في النهاية إلى غير ما قُصد من الحوار، خاصة وأن المحاور كان مشغولا بتصور خاص به عن الحوار، ولم يستفد مما طرحه الإرهابي من مناطق غاية في الأهمية، مثل عدم قدرة التنظيم الإرهابي على البقاء في صعيد مصر.
من يناير الماضي وحتى لحظة القبض على الإرهابي هي عمر التنظيم على أرض مصر لم نستطع أن نتبين كيف عاش هذا التنظيم طوال تلك الفترة دون أن تكتشفه الأجهزة الأمنية.. لم نتعرف كيف عاشوا كل هذه المدة؟.. كيف حصلوا على طعامهم؟ كيف أقاموا وأين تنقلوا؟ ومن الذي أمدهم بطعام وشراب وذخائر؟.. كيف عاشوا كبشر فيما بينهم؟ وكيف كانت حياتهم مستقرة إلى حد المبادرة في عمليتهم الدنيئة؟ كيف تواصلوا مع تيارات أخرى تعمل بالداخل؟ وهل هناك تنظيمات أخرى جاءت معهم من ليبيا إلى مصر؟ ما جماعتهم المرجعية وعلاقتهم بالإخوان كتنظيم أب لكل هذه التنظيمات؟ من وجهة نظر هذه التيارات لماذا استقرت في الواحات ولم تستطع البقاء في الصعيد؟ وما خططهم المستقبلية في مصر؟ وكيف كانوا يخططون للهجوم على أهداف في المدن؟ وماذا حدث بعد أن قامت قواتنا بالقضاء عليهم جميعا دونه؟.. وهل تواصل مع آخرين في الداخل الليبي أو الداخل المصري؟
بعيدا عن حالة الضعف التي ظهر عليها المحاور فكريا في قضية التكفير، كانت هناك استفهامات كثيرة تمنح الجمهور قدرة على فهم تحركات هذه التيارات بيننا، كان لا بد من طرحها.. لم يعرض الحوار على خبراء في علم الإقناع، ولم يعرض على خبراء إعلام للإجابة على السؤال المهم: هل أدى الحوار مع الإرهابي إلى ما نريد من صياغة تفيد الناس وتجعلهم قادرين على المواجهة الفكرية والأمنية كل في مكانه؟.
على أي حال فإن مجمل الرسالة التي بثها إرهابي الواحات، هي أنه ليس نادما على القتل، لأنه حسب مفاهيمه إنما هي حرب ضد الكفار، خاصة وأن عماد سقط بجهل شديد في قضية قتال الرسول أعمامه، وبدا أن الرسول حارب أعمامه لأنهم كفار، ولم يحاربهم لأنهم معادون.. باختصار قدمنا للتنظيمات الإرهابية خدمة جليلة لم تستطع قنوات الفتنة أن تقدمها رغم أن ذلك أحد أهم أهدافها!!