رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس اللجنة الأفريقية بالبرلمان: ندفع ثمن إهمال مبارك لأفريقيا وتعاليه على رؤسائها

فيتو

  • قطر وتركيا وإسرائيل يتحركون في مسألة سد النهضة بأسلوب "المكايدة"
  • حقنا الفعلي من مياه النيل 66 مليار متر وإثيوبيا تسعى لتقليصها عند 44
  • هناك دول لا تشرب من النيل ولها وزارات شئون أفريقية
  • تجميد عضوية مصر سببه اعتبار الدبلوماسيين الأفارقة لـ30 يونيو انقلابا
  • أفريقيا مسألة وجود لمصر فوق الأمن القومي
  • اللاعبون في المنطقة من خارج القارة أشبه بالضباب وعندما تسطع شمس مصر سينقشع
  • من يتحدثون عن أزمة سد النهضة "بدون دراية" يضرون القضية
  • اتفاق 2015 أحباره لم تجف وإثيوبيا تستهدف تعطيش مصر عامين
  • السودان وجد مصلحة في السد وفريق من السفلة يصفونا بـ"مصرائيل"
  • خط الفقر الدولي من المياه 1000 متر مكعب وفي مصر وصلنا لـ500 فقط

هو واحد من أهم الخبراء في الشأن الأفريقي داخل مصر، لديه رؤية ثاقبة في كل ما تمر به العلاقات المصرية مع الأشقاء الأفارقة.
الدكتور السيد فليفل، رئيس لجنة الشئون الأفريقية في مجلس النواب، حمل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، مسئولية إهمال الملف الأفريقي، الذي نتج عنه حالة من عدم التوافق في العديد من الملفات، إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، نجح بعد أسبوعين من توليه المنصب -على حد تعبيره- في دخول القمة الأفريقية بدون استئذان رغم تجميد عضويتها في الاتحاد الأفريقي بحجة أن 30 يونيو انقلابا.

لم يفقد الدكتور السيد فليفل في حواره لـ"فيتو" الأمل في التوصل إلى حلول لأزمة سد النهضة الإثيوبي القائمة حاليا عن طريق الحوار، مؤكدا أنه لا غنى لمصر عن نقطة مياه واحدة من حصتها في مياه النيل.

وفي نص الحوار.. تفاصيل المؤامرات التي يحيكها اللاعبون الجدد في القارة للتأثير في مصر وأمنها المائي، والتحركات الواجبة لقشع ضباب المحاولات البائسة لقطر وتركيا وإسرائيل.

ما تعليقك على قرار الرئيس السوداني عمر البشير بشأن ميناء سواكن لصالح تركيا؟
إجراء الرئيس السوادني أن يعهد بهذا الميناء إلى تركيا خطأ تاريخي، حيث إن ميناء سواكن له صلة بالاستعمار التركي في المنطقة، حيث كانت هذه المنطقة جزءا من ولاية الحبشة وكان هدفها حماية الحرمين الشريفين، وفي مراحل تاريخية أصبحت تخضع لحكم أسرة محمد علي.

وهل كان لمصر دور فيه؟
هذه المنطقة أنفقت مصر فيها أموالا طائلة لتأمين نقل الحجاج، وهناك ارتباط تاريخي بين مصر والميناء، حيث كانت تشرف عليه مصر في إطار رعاية حجاج الحرمين الشريفين، وهذا يشير إلى أن هناك خريطة قديمة لمصر الأصلية، حيث كانت تمتد إلى كل شمال السودان.

ذكرت أن القرار فيه خطأ تاريخي.. لماذا؟
أولا.. لأنه يذكر السودانيين بالاستعمار التركي الذي أنهته ثورة 23 يوليو 1952، ثانيا يشير إلى مواصلة تركيا تهديد السعودية ومصر من خلال المحور الإخواني، ثالثا ليس من المعقول أن يكون لمصر كل هذا الدور في سواكن، وفي النهاية يتم العهد به إلى تركيا عن طريق الرئيس السوداني عمر البشير.

ماذا عن التحرك المصري في هذا الصدد؟
لن يكون هناك أي تحرك، لأن البشير دائم تغيير القرارات، وهناك العديد من الاتفاقيات الإستراتيجية التي أنهتها السودان قبل إتمامها لصالح بعض الدول، لأن المشكلة تكمن في أن الحكومة السودانية تتحرك بأهواء عمر البشير وتوجيهات جماعة الإخوان وهذا لن يطول لأن الشعب السوداني لا يرضى بهذه التصرفات.

وهل هناك تأثير مباشر من هذا القرار على مصر؟
القرار لن يستمر طويلا والقادم أفضل.



*ما طبيعة التحرك المصري تجاه أفريقيا في الوقت الراهن؟
- التوجه المصري تغير تجاه القارة الأفريقية، فضلا عن أن هناك آلية تنموية كبيرة، وهي مبادرة حوض النيل في الخارجية، وهي أيضا الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التي استطاعت تدريب أعضاء ضخمة في مجالات تخصصية سواء في الصحافة والإعلام، أو في المجال الطبي أو الزراعي، وغيرها.

*نأتي لدور البرلمان.. في مجلس النواب الحالي تم استحداث لجنة جديدة للشئون الأفريقية.. فهل نجحت في القيام بالدور المنوط بها في التواصل مع أفريقيا؟

- اللجنة في سبيل تأسيس جمعيات صداقة برلمانية بعدما تمت الموافقة عليها من حيث المبدأ في أكثر من 15 دولة أفريقية شقيقة، والآن هناك تطور جديد في البرلمانات الأفريقية، وكان تشكيل اللجنة قائم على أساس الاهتمام بأفريقيا لكن الدول الأفريقية بما أنها أفريقية لا تشكل لجانا بهذا النوع، ولكنها بدأت تشكل لجانا إقليميا، وهذه إضافة حدثت لدى بعض الدول، حيث كان لديهم لجانا للشئون الخارجية وهي التي تتعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، لكن فيما يتعلق بالأفارقة لا توجد لجان.

*وما أوجه التحرك من أجل تدعيم تلك العلاقات؟
- عن طريق برنامج طبي سوف نتبناه مع وزارة الصحة وشركات الأدوية، وهناك أفكار حول الاستثمار والتنمية الزراعية في دول حوض النيل، وهناك تنسيق لعقد لقاء موسع مع جمعية رجال الأعمال المصريين، ومع من يعملون في أفريقيا للتعرف على المناخ الذي يعلمون فيه، وهل هم في حاجة لتعديلات تشريعية مصرية تعاونهم في العمل، أو أن هناك مطالب من الأشقاء الأفارقة تساعدهم في أوضاع معينة، وسوف يتم مراجعة وجود البنوك المصرية في القارة الأفريقية، وسوف نراجع مع وزارة الطيران، وجود خطوط طيران جديدة للأقاليم المختلفة في القارة الأفريقية.

*في إطار المقترحات.. كان هناك مطالب باستحداث وزارة للشئون الأفريقية.. البعض رأى أن هذا توسع في المسئوليات بالإضافة إلى تحميل كأهل الدولة بأعباء إضافية؟

- القول إن هذه الوزارة مستحدثة أمر غير صحيح، وإذا راجعنا تاريخ العمل الدبلوماسي المصري، نجد أن فترات النجاح، حينما كان لمصر جهة مسئولة عن الشئون الأفريقية، وفترات التراجع عندما غاب الممثل عن الشئون الأفريقية، حيث تم إلحاق هذا الملف في مرحلة التحرر الوطني إلى رئاسة الجمهورية، لتأخذ وضعها من القوة والاندفاع، وبعد ذلك آلت إلى وزارة الخارجية وكان هناك الدكتور بطرس غالي، مبعوث مصر الدائم لدى القارة الأفريقية، وهذه الفترة التي نشأ فيها الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا، وهذا شكل الذراع التنموية والفنية للمعونة المصرية للدول الأفريقية وهذه هي فترات النجاح، ومنصب وزير دولة للشئون الأفريقية لا يتصادم مع منصب وزير الخارجية، والحسبة لا علاقة لها بالتمويل على الإطلاق.


*هل إهمال الإدارة المصرية في الفترات السابقة للقارة الأفريقية تسبب في لاعبين جدد أثروا في الوجود المصري بأفريقيا؟
- أغلب اللاعبين من خارج القارة أشبه بالضباب، لكن إذا انقشعت شمس مصر على الأراضي الأفريقية، انقشع هذا الضباب، الفارق كبير، لأن اللاعبين من الخارج، لكن نحن أصحاب الملعب.

*لكن كيف تقيم الترحيب الأفريقي لهذا الوجود الغريب على أراضيهم؟
- أي دولة تريد أن تتحرك لتقديم معونة لشغل فراغ، فلا بد أن تتمدد فيه، وأنت عندما انسحبت وجدت هذه الدول فراغا ووجدت داخل القارة، لكن عندما تتحرك وتؤدي دورك يعود هذا التمدد.

*وهل هذا التمدد يشكل خطورة على الأمن القومي المصري؟
- علاقات الدول لا تشكل خطورة على الأمن القومي المصري، سوى فريق من الدول معروف ينتمي حكامه إلى التنظيم الدولي للإخوان، وهنا مكمن الخطر "قطر وتركيا"، بالإضافة إلى إسرائيل وكلهم يتحركون في مسألة سد النهضة بأسلوب المكايدة وهذا واضح، وبالتالي عندما نتحدث أن نملأ ما يرونه فراغا فنحن ندعم أمننا القومي، ومسألة الوجود في القارة الأفريقية.

*الملف الأهم الذي يشغل بال المصريين وهو مسألة سد النهضة الإثيوبي.. ما تقييمك لتحركات الدولة تجاه هذا الأمر؟
- الدولة المصرية تتعامل مع ملف سد النهضة وفقا لخبرة تاريخية كبيرة، لأنها ليست المرة الأولى التي يجرى فيها اتفاقيات خاصة بمياه النيل، هناك اتفاقيات عديدة، جزء منها وضعه المستعمرون وتحاول إثيوبيا التملص منه لأنه تم في عهد الاستعمار، علمًا بأنها في هذا الوقت كانت دولة مستقلة، لم يفرض عليها أحد شيئا، وإنما نحن الذين كنا محتلين وبريطانيا كانت تتحكم فينا.

*ما حقنا الفعلي في مياه النيل كما يجب أن يكون؟
- ينبغي أن يكون 58 مليار متر مكعب قبل السد العالي، وبعد السد العالي يضاف إليها 7.5 مليارات، ليصبح الإجمالي 66 ونصف مليار متر مكعب.

*وما الحصة التي تسعى إثيوبيا لمنحها لمصر بعد سد النهضة؟
- إثيوبيا تقول "كفاية عليكم 40 أو 44 مليار متر مكعب" بعد سد النهضة لأنها لا تعترف بمسائل لا تخصها ومنها اتفاقية 29، التي تخص دول حوض النيل الأبيض وإثيوبيا ليست طرفا فيه ولا ينبغي أن تتحدث عنها، والشيء المذهل للأسف أن كثيرا ممن يفتون في مسألة إثيوبيا وسد النهضة يتحدثون عن اتفاقية 29 وإثيوبيا ليست طرفا فيها، بينما تتملص من اتفاقية 1891، واتفاقية 1902، وتتملص من اتفاق وقعه رئيس الوزراء ميليس زيناوي سنة 1993 وتعهدت فيه إثيوبيا باحترام الاتفاقيات السابقة، إذن المسألة أن كثيرا من يتحدثون عن قضية سد النهضة بدون دراية وهذا يضر ولا يفيد.
*وما طبيعة الخلاف القائم في مسألة سد النهضة حاليا.. هل الحجم أم مدة الملء؟
- الخلاف أولا على حجم الخزان، فلا يمكن أن يكون حجم المياه الواردة من النيل الأزرق 48 مليار متر مكعب و200 مليون، وإثيوبيا تسعى لتخزين 74 مليار متر مكعب فماذا بقي من الحصة؟ وبذلك إثيوبيا تعطش مصر سنتين كاملتين مرة واحدة، ولو مررنا بسنوات عجاف سبع كما حدث في الثمانينيات فسنعود مرة أخرى إلى التفاوض حول ملء الخزان، إذن لا يمكن لإثيوبيا التفكير إطلاقا في ملء الـ 74 مليار متر مكعب، والأمر الثاني، عندما تم توقيع الاتفاق الإطاري الثلاثي 2015 على أنه لن يتم تشغيل الخزان أو ملء السد إلا بموافقة مصر، وعلى إثيوبيا أن تلتزم بهذا، وأي متر يوضع بعد هذا مخالف للاتفاق.

*ماذا لو أن إثيوبيا لم تحترم الاتفاق الإطاري؟
- علينا أن نرفع ملفا للجهات الدولية.

*ترى ما الذي دفع إثيوبيا لمثل هذه التحركات؟
- الظروف التي انتهزتها لبناء السد الفوضى الداخلية بعد 25 يناير وحالة الضعف التي كانت عليها الدولة المصرية وانشغال الجيش بالأمن، إلا أن كل هذه الظروف انتهت وإلى الأبد، وعلى إثيوبيا أن تتعامل الآن مع دولة ذات إرادة حديدية، وتعيش على نهر واحد وتعتمد عليه اعتمادا كاملا.

* فلماذا هذا التعنت الإثيوبي ضد مصر؟
- أنا أظن أنه كان هناك أولا استضعاف لمصر بعد 25 يناير، ثانيا هناك تدخل دولي لبعض الأطراف، ثالثا المقترحات التي روج لها بعض المانحين في إطار مبادرة حوض النيل، وهي كانت تروج لتمويل قادم وهو لم يحدث إضافة إلى محاولة استخدام الماء سياسيا بأن تكبر إثيوبيا دوليا باستخدام الماء، وهو في حقيقة الأمر يكشف أن الشقيق يحاول أن يتعملق على حساب أخيه وهو غير مقبول على مستوى القارة الأفريقية، لكن على المستوى الدولي، فهو يطلق عليه اختراق قواعد القانون الدولي واختراق الالتزامات الإثيوبية، لكن إثيوبيا لن تستطيع الاستمرار في هذا الاختراق إلى الأبد، وفي نهاية الأمر إذا ووجهت بهذه الحقائق سوف تراجع نفسها؛ لأن الحكومة الحالية هناك حكومة أقلية وسبق لها أن زورت الانتخابات مرة بعد مرة.

*"مصر تعاني فقرا مائيا".. جملة طالما ترددت على لسان كبار المسئولين في مصر بمن فيهم الرئيس عبد الفتاح السيسي.. هل لك أن توضح لنا الحقيقة في هذا الشأن؟
- أيام عبد الناصر وقبل بناء السد العالي، كانت الحصة 55 ونصف المليار وعدد السكان قرابة 25 مليون نسمة، بما يوازي أكثر من 2200 متر تقريبا لكل مواطن، في حين أن خط الفقر الدولي 1000 متر، ونحن الآن 500 متر مكعب وهذا يبرهن على أننا في حالة فقر مائي، ومع ذلك مصر لم تتوقف فهناك تغيير في نظام الري، وتغطية الترع لمنع البخر لأن ذلك يوفر 10 مليارات متر مكعب، بالإضافة إلى إعادة استخدام المياه مرة واثنين وثلاثة وهذا يرفع من حجم حصة مصر من المياه، إلا أن هذا لا يكفي، حيث إن أراضي شمال الدلتا عطشى، والمزارعون لو زرعوا موسم أرز الدورة التي تليها، لا تعطيهم الدولة المياه الكافية، فضلا عن انتشار ظاهرة الأراضي المشققة، التي تفلقت من نقص المياه، ولم تعد تزرع وبلغت مئات الآلاف من الأفدنة، وهل سيصمت الفلاح المصري، ولا يضغط على الدولة المصرية ولن يتوجه إلى السودان وإثيوبيا؟!

*موقف السودان وتجاوزها في حق مصر.. هل هو غامض؟
- موقف السودان ليس غامضا.. لكن السودان وجد مصلحة في سد النهضة يكفيه شر الفيضانات في شرق البلاد، ووجود كهرباء رخيصة، ومع تنامي روح معادية للشعب المصري في ظل النظام القائم ظهرت في برامج الإعلام وكتب التعليم التي لا تتحدث باللغة الشاعرية التي كنا نتحدث بها من قبل عن بعض، كان أحمد شوقي يقول: "فمصر الرياض وسودانها عيون الرياض وخلجانها"، ويرد محمد سعيد العباسي: "يا مصر يا شقيقة بلادي".

*ولكن كيف تغلغلت هذه الدعوات داخل المجتمع السوداني؟
- في السودان هناك فريق من "السفلة" يصفون مصر التي هي كنانة الله في أرضه بأنها "مصرائيل"، وهؤلاء نقول لهم لو كنتم رجالا لرددنا عليكم الرد الذي يليق بكم.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية