DMC.. أسوأ ما في مهرجان القاهرة
التنظيم ليس معالجة الأخطاء وقت وقوعها، ولكن التنظيم هو توقع الأخطاء قبل وقوعها ومعالجتها قبل ظهور الصورة النهائية للحدث.. فالبعض يخطئ كثيرًا في فهم مصطلح "التنظيم" ويتخيل أن معالجة الأخطاء التي تحدث فجأة هو قمة الاحترافية والتنظيم، ولكن الصحيح الذي لا يقبل جدالا هو أن عدم حدوث أخطاء هو ما يعني أن التنظيم كان جيدًا.
لا يوجد أي حدث بلا أخطاء ولو حتى بسيطة، فلا يوجد كمال في أي شيء، ولكن الأخطاء الفادحة التي تصل لمرحلة الكوميديا أمر ينفي صفة "التنظيم" عن أي حدث تحدث به، وهو ما ينطبق على حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 39 الذي أقيم في قصر المنارة بالتجمع الخامس، وهو الحفل الذي أشرفت عليه قناة DMC التي استحوذت على مهرجان القاهرة خلال هذه الدورة، وربما كلمة "استحواذ" لا تمثل عُشر ما حدث فعلا.
فالقناة المسئولة عن التنظيم أخرجت الحفل في شكل كوميدي جدًا، والبداية كانت مع المذيعات الثلاث جومانة، آية، وجاسمين، على ما أتذكر، حيث وضح جيدًا أنهن استعددن جيدًا للحفل، وحضرن أسئلة جيدة للضيوف الذين سيحاورنهم على السجادة الحمراء، وكانت الأسئلة العبقرية تدور في فلك "لابسة منين؟"، "إيه رأيك في التنظيم"، "وجهي كلمة للفنانة شادية"، وهو ما جعل اللقاء مع منى زكي مثل اللقاء مع دارين حداد مثل اللقاء مع هند صبري، حتى لو كان اللقاء مع أنجلينا جولي لم يكن ليختلف الأمر كثيرًا.
حتى عندما حاولت المذيعات الخروج على المألوف كانت الردود كوميدية، فواحدة منهن سألت جميلة عوض عن فستانها وقالت لها "الفستان لحد إمبارح مكنش لسه اتفصل، إزاي خلص في يوم"، لترد عليها جميلة عوض ببلاغة "اسألي المصممة"، وكأنها أطلقت عليها رصاصة في منتصف جبهتها، وأخرى سألت دارين حداد عن آخر أعمالها فقالت لها دارين إنها لا تصّور أي عمل حاليًا ولكن كان يعرض لها مؤخرًا "بين عالمين" على CBC، لتنتقل المذيعة سريعًا إلى باسم، زميلهم الرابع الذي لم نره إلا بالصدفة، في محاولة منها للتخلص من اسم CBC الذي يبدو أن صداه أصابها بتوتر، فلم تدفع DMC كل هذه المبالغ لتحصل على الحفل بشكل حصري وفي النهاية يتم تلميع CBC خلاله.
دعك مما حدث على "الريد كاربت" وتعال معي إلى الداخل، المخرج التليفزيوني كان رائعًا، كان يركز على وجوه النجوم في اللحظات التي كانوا متجهمين فيها، ولا ندري سبب تجهمهم، ربما كانوا مجبرين على حضور الحفل، ولكن هذا لا يخصنا وما يخصنا هو صورتهم، فلا داعي للتركيز عليهم وهم "متجهمين"، ربما يمكن تصويرهم في وقت لاحق، ولكن يبدو أن المشهد قد أعجب المخرج كثيرًا وفي أقل من 30 ثانية وجه الكاميرا بشكل خاطف متتالٍ في مشاهد متقطعة للفنانين محمود حميدة، يسرا، عمرو يوسف، دلال عبد العزيز، وفاء وآيتن عامر ومصطفى فهمي "متجهمين وغاضبين" وعلى وجوههم نظرات "الزهق" وربما "الغضب".. لا أعرف ما هو تفسير هذا الأمر ولكنه شيء يدعو للتأمل والنظر للسقف طويلًا لمحاولة فهم وجهة نظر المخرج.
لم ينته الأمر عند هذا، فالمخرج هذه المرة كان معذورًا والأمر ليس بيده، فطبيعي جدًا أن يقوم بتصوير القاعة من الأعلى ليبرز جمالها، ليوضح في تلك اللقطة خطأ جديد لـ DMC التي استحوذت أيضًا على جميع دعوات الحفل، ولم تدع بعض صناع الأفلام المشاركين في المهرجان، ووضعت إدارة المهرجان في موقف حرج، وقامت بتوزيع الدعوات حسب أهوائها، لتظهر القاعة في النهاية ونصف مقاعدها خاويًا، ولا نعلم لماذا لم تعط القناة هذه الدعوات لإدارة المهرجان لتقوم بتوزيعها على صناع الأفلام أو الصحفيين الذين لم يستطيعوا الحصول على دعوات أو حتى على الجمهور، لملء الصالة وإظهار مهرجاننا الدولي بشكل جيد، ولكن يبدو أن القناة وجدت أن إلقاء الأرز في المحيط أفضل من بيعه بثمن رخيص.
دعك من "المقلب" الذي اكتشفه الجميع قبل الحفل بيوم، عندما علموا أن القنوات والصحفيين لا يحق لهم التسجيل مع النجوم على السجادة الحمراء، في موقف نسأل عنه DMC وإدارة المهرجان معًا، وهو شيء لم يحدث في أي مهرجان دولي في العالم.
ولنحمد الله أن DMC لم تتدخل في الجوانب الفنية الخاصة بالعروض في المهرجان، وإلا كانت هذه الدورة في خبر كان.. لكم الافتتاح والختام ولنا الفعاليات.