هل يكون «الحريري» قنبلة صوت أم فتيل تفجير لبنان؟
الجميع في لبنان كان في انتظار سعد الحريري – المحتجز– حسب وصف الأوساط الإعلامية اللبنانية إلى لبنان. وها هو سعد الحرير في لبنان. الجميع ينتظر الآن قرار سعد الحريري بعد عودته. أسباب الترقب لا ترجع إلى التوتر الذي صاحب إعلان استقالة سعد الحريري من السعودية، لأن التوتر عملت الدبلوماسية اللبنانية على إزالته بطرق شتى، حتى إنها نجحت في جعل وزير خارجية ألمانيا يعبر عن استيائه، وما رافق ذلك من زيارات مكوكية لجبران باسيل وزير الخارجية اللبناني. وزيارة الرئيس الفرنسي ماكرون للسعودية، ثم الشكر الذي وجهه له الحريري، عندما قام سعد الحريري بزيارة فرنسا قبل أيام و"الشكر" الذي وجهه الحريري للرئيس الفرنسي أثار تساؤلات الإعلام اللبناني، فالشكر عادة يشير إلى مساعدة أو خدمة تم تقديمها، فما الخدمة التي قدمها الرئيسي الفرنسي لسعد الحريري؟ تفسير الإعلام اللبناني هو أن ماكرون ساعد على "فك أسر" الحريري، أو ساعد على الأقل على عودته بسرعة.
السبب الحقيقي للترقب الآن بعد عودة سعد الحريري هو الطريق التي سيطبق بها سعد الحريري ما جاء في مضمون استقالته. فالحريري هاجم "أذرع إيران في لبنان وقال إنها ستقطع"، والأمر لا يحتاج إلى أي ذكاء هنا، فالحريري كان يقصد هنا "حزب الله". المقابلة التي أجراها سعد الحريري مع القناة التي يملكها، "قناة المستقبل" قلل فيها من لهجته، وهو الأمر الذي أدهش الرئيس اللبناني ميشال عون والمتابعين. فالرئيس اللبناني قال إنه لن يأخذ مايقوله الحريري في المقابلة على محمل الجد، وعلى هذا الاعتبار قاطعت القنوات التليفزيونية اللبنانية الحوار، وكان الظن أن سعد الحريري سيعلى من سقف مطالبه في الحوار، ليفأجا الجميع بأن سعد الحريري كرر مطلبه بمطالبة حزب الله بالتزام سياسة النأي عن النفس.
الجميع ينتظر الآن الخطوة القادمة لسعد الحريري، فحزب الله قال إنه سينتظر خطوته القادمة وأنه لن يستبق الأحداث. السؤال الذي يمكن أن أطرحه هنا هو إشكال الخطوات التي يمكن أن يتخذها سعد الحريري:
أولا: يمكن أن يكون سعد الحريري مجرد "قنبلة صوت" في لبنان كما كان "قنبلة صوت" أثناء إقامته –التي تم وصفها– بالجبرية في السعودية. وقتها سيقدم سعد الحريري استقالته، ويطالب بتعهدات من الرئيس اللبناني، ويقوم بتشكيل حكومة جديدة. لكن سعد الحريري واللبنانيين يعرفون أن حزب الله لن يعطي تعهدات على تدخلاته في سوريا أو غيرها، وحتى أن أعطاها لن يلتزم بها وسيتعلل وقتها بالظروف التي تفرض تدخله في أي مكان شاء. فحزب الله قد يتدخل في جنوب أفريقيا إن أراد، لأنه يعتبر نفسه دولة لها صلاحية قرار الحرب بغض النظر عن حكومة لبنان.
ثانيا: يمكن لسعد الحريري أن يساهم في تفجير أزمة حكومية في لبنان، أو أن ينزع فتيل الأزمة بنفسه، وذلك بأن يرفض الحريري تشكيل حكومة جديدة، وهو ما يعني انتهاء دوره السياسي في السعودية، ليكون دوره وقتها هو تمهيد الطريق لشخصية سنية أخرى تفجر الوضع السياسي في لبنان.
الخيار الثالث للحريري: هو أن ينزع فتيل الأزمة بنفسه ويرفع سقف مطالبه إلى ما يؤدي بلبنان إلى الاحتقان السياسي، ومن ثم الانفجار في الشارع اللبناني، ولكن هذا الخيار مستبعد، لأن الجميع ينتظر من الحريري أن يكون مسئولًا وألا ينزع فتيل فتنة أزمة عجزت السعودية عن تفجيرها، عندما كان الحريري في السعودية.
عموما، الأيام القادمة ستبين هل سيكون سعد الحريري مجرد قنبلة صوت، أم شريك في تفجير الوضع السياسي في لبنان!