مصر وإثيوبيا.. وحديث الرئيس
قطع الرئيس عبد الفتاح السيسي الشك باليقين عندما تحدث بحسم يوم السبت الماضي، خلال افتتاح عدد من المشروعات التنموية بمحافظة كفر الشيخ عن ملف السد، قائلا: "مية مصر موضوع مافيش فيه كلام، وأنا بطمنكوا ما حدش يقدر يمس مية مصر".
وكشف السيسي تفاصيل مهمة في سياق جهود الدولة المصرية لحل أزمة ملف مياه النيل، قائلا: "اتكلمنا مع أشقائنا في إثيوبيا والسودان على 3 عناصر، منها عنصر عدم المساس بالمياه، وبنقول إن إحنا متفهمين للتنمية، لكن قدام التنمية دي مية حياة أو موت لشعب، ومية ربنا اللي خلقها ما حدش تاني عملها، بقالها آلاف السنين أنا عاوز أطمنكوا"، مضيفا: "وانتوا بتقولوا إن المساس بالمية خطر، طيب ما اللي زرع زراعة أرز أزيد من المطلوب ده تجاوز في حق مية مصر وصالح شعب مصر".
وفي تقديري أن الدولة تولي ملف مياه النيل أهمية كبرى جنبا إلى جنب مع بناء مصر، والتصدي للمخططات الخارجية والإرهاب، وليس أدل على ذلك من تأكيد الرئيس في 8 نوفمبر الجاري، خلال لقائه مع الإعلاميين المصريين والأجانب على هامش منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، على أن "مهمتنا هي الحفاظ على أمننا القومي، ونحن قادرون على حمايته، كما أن المياه بالنسبة لمصر أمن قومي".
ولا شك أن المخاوف الشعبية في ملف مياه النيل لها ما يبررها، ولهذا كان أن خرج الرئيس ليبث الطمأنينة في نفوس المصريين، ويؤكد أن مصر لا يمكن أن تفرط في حصتها التاريخية والأمن المائي لشعبها، وهو موقف وطني يحسم الجدل والأقاويل هنا وهناك حول هذه القضية.
إن على إثيوبيا الآن أن تعي أن مصر لا يمكن أن تقف أمام طموحها في التنمية من خلال سد النهضة، وتتمسك بالحوار والتشارك كآلية لحل الخلاف في هذا الشأن، غير أن مصر في الوقت ذاته لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي أو تقبل المساس بمياه النيل التي منحها الله لها عبر آلاف وربما ملايين السنين، وليس أدل على ذلك من قول المؤرخ الإغريقي الشهير هيرودوت "إن مصر هبة النيل".
كما أن على إثيوبيا أن تعي أن النهر بالنسبة لمصر هو بالفعل مسألة مصير وحياة أو موت، وأن مصير إثيوبيا ومصر في هذا الملف واحد، وأي خلل في هذه المعادلة يؤدي إلى اتساع هوة الخلاف، والأمل الآن معقود أن تتفهم إثيوبيا هذا، وتدرك مخاوف مصر، وأنها لن تتخلى عن مياه النهر الذي حبا الله بها مصر.