رئيس التحرير
عصام كامل

لاجئون سوريون في ألبانيا.. الاستقرار بديلا عن الهجرة!

فيتو

يفضل معظم اللاجئين الواصلين إلى ألبانيا متابعة رحلتهم غربًا نحو بلدان أوروبا الغنية. إلا أن رحلة لجوء الأخويين محمد وعلي مطاوع من سوريا توقفت في ألبانيا، إذ أنهما وجدا في هذا البلد الصغير "الوطن الثاني" لهما.

لم يكن محمد مطاوع يتصور ولو للحظة أنه سيعيش يومًا ما في ألبانيا. محمد الشاب السوري، البالغ من العمر 29 عامًا والذي نشأ بالقرب من مدينة دمشق، كان يحلم بأن يصبح طبيبًا نفسيًا في وطنه سوريا. إلا أنه اضطر بسبب اندلاع الحرب إلى ترك دراسته والهرب بعد ذلك إلى لبنان.

كان من المفترض أن تستمر رحلة محمد كلاجئ من بلد إلى آخر لو لم يقرر شقيقه الأكبر حسام، منذ سنوات الذهاب إلى ألبانيا ويصبح رجل أعمال هناك. حصل حسام اليوم على جواز سفر ألباني، وقدم طلب لم شمل لأسرته، وتمكن بعد ذلك من إحضار والديه واثنين من أشقائه محمد وعلي إلى العاصمة الألبانية "تيرانا".

في هذه المدينة يعمل الشاب محمد في مطعم افتتحه حديثًا شقيقه الأكبر حسام وعن هذه التجربة يقول: "لقد تغيرت حياتي في اتجاه لم أكن لأتخيله من قبل، ولكني راضٍ عنها". ومنذ فترة كان يفكر محمد في الذهاب إلى ألمانيا والالتحاق بشقيق آخر له هناك ولكنه يقول: "عندما سمعت عن الصعوبات التي تواجه اللاجئين هناك، قررت أن العيش هنا أفضل بالنسبة لي".

"سوريا وألبانيا"
اللغة كانت العائق الوحيد الذي واجه محمد في ألبانيا، ولكن هذا العائق لم يمنعه من التواصل مع الشعب الألباني ويقول: " الناس هنا طيبة ومتعاونة مع الآخرين، كما هو الحال لدينا في سوريا، حتى أن الطقس هنا متشابه".

ولا يستطيع محمد الجزم حاليا إذا ماكانت ألبانيا ستمثل المحطة الأخيرة في رحلة لجوئه، إلا أنه متأكد من أنه لا يريد مواصلة رحلته نحو بلدان الشمال. ويقول "سأبقى هنا حاليا، ولكن عندما تنتهي الحرب في سوريا، سأعود، لكنني أعلم الآن أنه سيكون لي دائما وطنان سوريا وألبانيا".

أما شقيق محمد الآخر "على" والذي يعمل حارسًا في مطعم العائلة في تيرانا. فقد كان حتى قبل عامين لاجئًا في إسطنبول، وهي "تجربة لا يريد تكرارها"، بحسب قوله. ويريد على أن يوصل إلى اللاجئين السوريين رسالة مفادها "أنه توجد أيضا دول يمكن العيش فيها بشكل جيد بخلاف ألمانيا".ويوضح "ألبانيا أيضا يمكنك أن تعيش فيها بشكل مناسب" كما يقول.

"عروس ألبانية"
يبدو أن الأشقاء الثلاثة يشعرون بالارتياح العيش في ألبانيا، ولا ينقصهم شيء سوى عروس ألبانية كما يقول الأخ الأكبر حسام وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة خبث "نحن الآن بحاجة إلى عروس ألبانية جيدة لشقيقنا الأصغر محمد".

ويعد التسامح الديني في ألبانيا حيث الأغلبية المسلمة أحد أسباب ارتياح الأشقاء للعيش في ألبانيا. ويقول على:" المسلمون والمسيحيون يعيشون هنا معًا بشكل جيد، كما كان الحال في السابق في سوريا". ويضيف "اليوم لم يعد هذا ممكنا، ولكن هنا لا ينظر لك أحد بشكل سيئ لكونك مسلما أو مسيحيا".

إلا أن تجربة هؤلاء الأشقاء الثلاثة تمثل حالة استثنائية، وذلك لأن ألبانيا لا تعد من الوجهات المفضلة لدى اللاجئين، كونها تعد واحدة من أفقر البلدان في أوروبا، وكثير من المواطنين الألبان يغادرون وطنهم بحثًا عن مستقبل أفضل في أوروبا الغربية. وعلى الرغم من وصول مئات اللاجئين إلى منطقة الحدود الألبانية مع اليونان هذا العام، لم يُقدم سوى 164 طلبًا للجوء في ألبانيا، وهو رقم يشكل تحديًا كبيرًا حتى بالنسبة لهذا البلد الصغير في منطقة البلقان.

أمل جديد في ألبانيا
تتحدث مديرة دائرة اللجوء بوزارة الداخلية، ألما ميلي بفخرعن استقبال بلادها للاجئين وتقول إن" ألبانيا لديها قلب كبير لكل من يبحث عن الحماية". كما أدى تغيير قانون اللجوء إلى تحسن ظروف استقبال اللاجئين.

وأضافت ميلي "إنهم يأتون من ثقافات وديانات مختلفة، ولهذا فإننا نولي اهتمامًا لخصوصياتهم الثقافية وعاداتهم، ونحاول أخذها بعين الاعتبار عند استقبالهم وخلال فترة انتظار البت في طلبات اللجوء".

كما تحدثت ألما ميلي عن بعض اللاجئين، الذين كتبوا عن تجاربهم الإيجابية في ألبانيا على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء أولئك الذين تم تسجيلهم كطالبي لجوء في البلاد، أو من الذين انتقلوا بعد ذلك من ألبانيا إلى بلدان أخرى.

"ليست ألبانيا وحدها بل أيضا الدول المجاورة لها في منطقة البلقان من تعتبر بلد العبورللاجئين" بحسب مدير مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين في ألبانيا، بابلو تساباتا: "يواصل اللاجئون رحلتهم نحو شمال أوروبا حيث يبحثون هناك عن أسرهم من أجل الحصول على مساعدة." ولتحقيق هدفهم هذا، يقصدون مهربي البشر في ألبانيا واليونان، الذين يكسبون من وراء محنة اللاجئين "الملايين"، بحسب قوله. منذ فترة قصيرة تم رصد عصابة كبيرة من المهربين من شمال اليونان. وأفادت الشرطة الألبانية عن اعتقال عصابات مشابهة في الجنوب خلال الأشهر الأخيرة.

الشقيقان مطاوع كانا محظوظين، فهما لم يحتاجا إلى مساعدة المهربين. ويعلم شقيقهما الأكبر حسام أن تجربتهما تعد استثنائية، لأن العديد من اللاجئين دفعوا مبالغ ضخمة من أجل الوصول إلى بلدان الشمال الغنية. ويقول "ألبانيا، جلبت لنا الأمل". ويضيف " قد تكون ألبانيا بلدًا فقيرًا وليست مثل ألمانيا، إلا أنها بلد غني بالإنسانية".

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية