رئيس التحرير
عصام كامل

كارثة التوك توك الاقتصادية والاجتماعية!!


أنا لن أتناول الحادث البشع الذي راح ضحيته 8 أطفال في غرق توك توك بمحافظة البحيرة لأنه ليس الحادث الأول ولن يكون الأخير، لأننا لا نفعل أي شيء يمنع الحوادث، وما زلنا نعالج مشاكلنا بالمسكنات وسياسية رد الفعل وليس لدينا رؤية لمنع هذه الكوارث من المنبع والوقاية من حدوثها، أو بمعنى أصح ليس لدينا الإرادة الحقيقية للقضاء على حوادث الطرق والاستفادة من تجارب الآخرين، ونتحرك وقت الكارثة فقط ثم ننسى الطرق وحوادثها لحين وقوع كارثة جديدة وهكذا تسير الأمور، أنا هنا سوف أتناول الآثار الاقتصادية والاجتماعية للتوك توك.


أولا الاقتصادية، ليست هناك إحصائية دقيقة بعدد التوك توك في مصر، ولكنها بالملايين، ولدينا على الأقل أكثر من 5 ملايين شاب جذبهم سوق التوك توك، وتركوا الورش والمصانع والزراعة والتشييد والبناء والسباكة والكهرباء وكل المهن حتى يعملوا على التكاتك، وبالتالي أصحاب المصانع والورش يعانون في البحث عن حِرفيين كما أن البلد كلها تعاني عجزا شديدا في العمالة الفنية المتميزة أو حتى العمالة العادية في الزراعة والتشييد والبناء، ولماذا يعمل هؤلاء في هذه المهن طالما أنهم يستطيعون أن يكونوا أصحاب أعمال بشراء توك توك والعمل عليه وتوظيف آخرين لديهم؟ لماذا يعمل الشباب في الورش أو المصانع طالما أنه يربح أكثر من التوك توك؟ إن استمرار الأمور بهذا الشكل ينذر بكارثة اقتصادية قد تؤدي إلى إغلاق المصانع وتوقف حركة البناء والتشييد وتبوير الأراضي الزراعية واستيراد عمالة فنية من الخارج.

ورغم خطورة الآثار الاقتصادية للتوك توك فإن الآثار الاجتماعية أكثر خطرا لأن معظم العاملين عليه من الأطفال والصبية وبسبب امتلاكهم للأموال في هذه السن المبكرة بدون وعي معظمهم بدأ طريق الانحراف سواء بالادمان أو ارتكاب الجرائم، ويوميا نقرأ ونسمع عن حوادث وجرائم للسرقة والاغتصاب وتجارة المخدرات يكون بطلها واصحابها التكاتك، هؤلاء الأطفال بمثابة قنابل موقوتة في وجه الوطن قابلة للانفجار في أي لحظة على الأقل مليون صبي يفتقدون إلى أبسط قواعد التربية والقيم والأخلاق، وأصبح من الصعب السيطرة عليهم حتى من أسرهم وهذا واقع حقيقي ولا مبالغة فيه فنحن نعيشه ونراها بأعيننا يوميا.

الدولة لا تعترف بالتوك توك ولا تسمح بترخيصه وهو يسير ليلا ونهارا أمام عيون مسئوليها في الطرق السريعة والشوارع العامة والأحياء الراقية وعلى الكباري والأنفاق الرئيسية وأمام المؤسسات السيادية، التوك توك ينقل الركاب والبضائع ويحقق أرباحا كثيرة دون أن يسدد أي رسوم أو ضرائب في منافسة غير شريفة مع وسائل المواصلات المماثلة التي يسدد أصحابها مستحقات الدولة من رسوم وضرائب.

المشكلة أن المواطن ما زال سابقا للحكومة، ويدير أموره ويحل مشاكله بنفسه، وغالبا هي حلول خارج القانون، وأصبحت أمرا واقعا وعلاجها غاية في الصعوبة، الدول التي يسبق فيها المواطن حكومته لا يمكن أن تحقق تقدما ومشاكلها تتفاقم، وتكاليف علاجها باهظة، مشكلة التوك توك تحتاج إلى حلول حاسمة تحافظ على حقوق الدولة والمواطن، وتقضي على آثاره الاقتصادية والاجتماعية السلبية.
egypt1967@yahoo.com


الجريدة الرسمية