رئيس التحرير
عصام كامل

قرض الصندوق الدولى بين الحقيقة و الخيال.. 1


لا حديث لمصر الآن؛ ولجميع القوى السياسية المصرية بكافة أشكالها إلا عن قرض صندوق النقد الدولى، وهل مصر ستحصل على القرض أم لا ؟، وهل مصر ستتنازل عن الإرادة السياسية فى سبيل الحصول على القرض أم لا؟، وهل مصر ستقوم بالاقتراض من كافة دول العالم وخاصة قطر وليبيا، وذلك لتنفيذ شروط الصندوق أم لا؟، وهل مصر ستقوم بزيادة حجم الدين الخارجى لها من أجل الحصول على القرض أم لا؟!..


والسؤال الذى يطرح نفسه.. هل مصر حقاً فى حالة إلى قرض الصندوق من عدمه؟، وهل مصر فى حالة عدم استجابة الصندوق لما تطلبه مصر؟..

ونقول إن مصر لديها بدائل كبيرة تستطيع بها أن تقوم بالحصول على الأموال من الموارد الذاتية لها دون الحاجة إلى قرض الصندوق أو أى قروض أخرى، وذلك لأنه فى حالة الحصول على قرض الصندوق بكامل الشروط التى فرضتها مصر على نفسها فإن حجم الدين الخارجى لن يقل عن 45 مليار دولار، وهذا معناه أن خدمة الدين أو فواتير الدين العام فى الموازنة العامة الجديدة (2013/2014) لن تقل بأى حال من الأحوال عن 25 مليار جنيه، وهى حاليا فى حدود 238 مليار جنيه.


وهذا ما يجعل مصر فى موقف ومأزق اقتصادى صعب خاصة للحكومات القادمة، ولذلك فإننا نقترح على المسئولين مجموعة من البدائل لتغطية عجز الموازنة العامة للدولة وهــــى.... 

1-الصناديق الخاصة:

يجب ضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة، وإذا كان تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات قد أعلن فى تقرير (2009/2010) أن عدد الصناديق الخاصة يبلغ 9800 صندوق بها أكثر من (1.1تريليون جنيه)، ولكن الدكتور سمير رضوان وزير المالية الأسبق فى بدايات شهر مارس 2011 أنكر وجود الصناديق أو وجود أموال بها ثم عاد واعترف بأن هذه الصناديق بها 36مليار جنيه.

وكذلك اعترف الدكتور حازم الببلاوى وزير المالية السابق والدكتور ممتاز السعيد وزير المالية، بأن هذه الصناديق بها 94 مليار جنيه.. والسؤال الذى يطرح نفسه؛ كيف تكون هناك دولة لايعرف مسئولوها بعض البيانات المالية والسيادية؟.. ولذلك علينا مراجعة هذا البند وضمه إلى الموازنة العامة للدولة..

2-ترشيد دعم الطاقة:

ونقصد به دعم المصانع الكثيفة الاستخدام للطاقة وهى:
مصانع الأسمنت، ومصانع الحديد، ومصانع الألومنيوم.. وهذه المصانع تصدعنا الحكومة ليل نهار، بأنها تقوم بدعمها بالطاقة حتى تحافظ على السعر الاجتماعى للسلعة، ولكن بتحليل هذا البند نجد أن قيمة دعم الطاقة بالكامل فى مصر هو97 مليار جنيه مصرى، منها حوالى 60 مليار جنيه لدعم المصانع الأربعة.

وبالمناسبة، من يمتلك هذه المصانع لا يتجاوز10أفراد، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه.. هو إذا كانت الحكومة تقوم بدعم هذه المصانع بما يتجاوز الـ 50 مليار جنيه سنويا حتى تصل السلعة بالأسعار الاجتماعية للمواطن المصرى، فيكون السؤال؟، وماذا عن التصدير؟.. إن معظم هذه المصانع يقوم بتصدير مايتجاوز الـ 40%من إجمالى الكمية المنتجة وتتم المحاسبة عليها بالسعر العالمى.

والآن.. لماذا لا تتم محاسبة هذه المصانع على الكمية التى تم تصديرها للخارج على بند مدخلات الطاقة بالسعر العالى أيضا؟، وفى هذه الحالة نجد أن دعم الطاقة للمصانع لن يتجاوز الـ 28مليار جنيه، أى أن هناك حوالى 22 مليار جنيه مصرى وفورات فى بند دعم الطاقة، كانت تدخل جيوب أصحاب المصانع، لا تدخل للمشترين للسلعة، فى هذه الحالة؛ يمكن دعم مزيد من بنود أخرى فى الموازنة العامة للدولة مثل التعليم والصحة وبنزين (80 & 90) الشعبى.


3- المعروف أن الاتحاد الأوروبى بنهاية عام ( 2001 ) قد قام بالتخلى عن كامل المصانع الملوثة للبيئة مثل الحديد والأسمنت و الأسمدة وخلافه.

وقام بنقل هذه المصانع إلى الدول النامية وعلى رأسها مصر وقامت مصر باستقبال هذه الاستثمارات بكل فرحة، وبالتالى أصبحت جميع الدول الأوروبية لاتنتج الحديد والأسمنت والأسمدة وإنما تقوم بشرائه من الدول النامية، ولذلك نجد أن معظم الشركات العالمية فى هذه المجالات الثلاثة قد قامت باحتكار تلك الصناعات فى الدول النامية، وقامت بشراء مجموعة كبيرة من أسهم تلك الشركات.. والسؤال الذى يطرح نفسه أن أوروبا حاليا فى احتياج لهذه السلع المهمة والأسمنت على وجه الخصوص، وأننا نعطى فى مصر حوافز لتصدير ذلك المنتــج الأسمنت من صندوق دعم الصادرات، علما بأننا نقوم ببيع هذا المنتج بالسعر العالمى لأنه لا يوجد تنافس كبير عليه بين الدول.


لذلك يجب على صندوق دعم الصادرات التخلى عن دعم صادرات الأسمنت، وكذلك المحاسبة على جزء الطاقة الذى يتم تصدير المنتج النهائى منه للخارج بالسعر العالى، وفى هذه الحالة سيتم توفير مايقارب من 34 مليار جنيه فقط.

4- لماذا لايكون هناك احتساب لتكاليف المدخلات والمخرجات للسلع الإستراتيجية مثل الحديد والأسمنت و الأسمدة، فإذا علمنا أن طن الأسمنت لا تتجاوز تكلفته بالتعبئة والتغليف والنقل وخلافه الـ 150جنيه، فلماذا يتم بيعه بـ 700جنيه فى السوق؟، ولماذا لايكون المكسب 100% فقط  أو بدلا من 450%؟..

وهل يعقل أن يتم بناء مصنع للأسمنت أو للحديد ويتم سداد كامل رأس المال ويتم استرداده خلال فترة 4 سنوات فقط؟،  هل هذا يجوز؟، ولماذا لاتكون هناك رقابة حازمة وتدخل من الدولة لتحديد سقف أعلى للأسعار يتناسب مع قيمة التكاليف؟!!.

ونجد أن فرنسا فى شهر مارس2010 قام الرئيس الفرنسى ساركوزى باستصدار قانون بالنسبة للحاصلات الزراعية ولكافة السلع الزراعية بأن يتم وضع (تكت) مع السلعة يفيد التكاليف وسعر البيع حتى يتم معرفة هامش الربح.

وللحديث بقية...
الجريدة الرسمية