جماعة عماد الدين أديب
ربما يكون عماد الدين أديب من أذكى وأفضل خريجي كلية الإعلام، وربما يكون الأكثر مهنيا وإبداعا، وظل أديب يشكل مشكلة نفسية لكثير من خريجي الإعلام وخاصة من الدفع الأولى، بل إن أديب ابن السيناريست عبد الحي أديب صار هو العميد الشرعي لعائلة أديب، وليست تلك الكلمات اتهامات للرجل وجماعته بقدر ما هي رصد لظاهرة مصرية نجحت في التعايش بمهارة مع المتناقضات في دراما صحفية ومهنية، والمناسبة هي استدعاء الرجل فيما يبدو لمهمة أظهر مهارة مبكرة فيها وخاصة قبل الانتخابات الرئاسية حين قام بسلسلة أحاديث مع الرئيس الأسبق حسني مبارك بطريقة وتصوير وإخراج سينمائي، وأيامها قيل إن تلك الحوارات جاءت بنتيجة عكسية وسحبت الكثير من رصيد عماد المهني، ذلك إنه بعد نجاح مبارك راح أديب يمهد الطريق ويدعو علانية وبجرأة لما أسماه بالخروج الآمن، وفِي نفس الوقت يدعو لترشيح جمال مبارك، ويبرر مزاياه بحرفية، بينما كانت دوائر الدولة العليا في مرحلة شك بنية مبارك التوريث، ولكن دعوات أديب المتكررة لترشح جمال مبارك جعلت تلك الدوائر تتأكد أن قرار التوريث صدر، وأن هناك ترحيب أمريكي وإقليمي بذلك بحكم ارتباطات عماد أديب..
وكانت تلك هي الشرارة لفوضي يناير، خاصة أن مبارك الأب كان يراوغ وهو يستمع لحديث الشارع، وهمس رجال الدولة منا جعل حكاية التوريث حقيقة، حتى وإن لم يصدر بشأنه أي كلام رسمي من الأب أو الوريث، لدرجة أن بعض المحللين لفوضي يناير ذهبوا لتحميل جماعة الوريث وعلي رأسهم أديب مسئولية الكوارث التي حلت بهذا البلد..
بعد تلك الفوضي وخلال أيام الفوضي كان أديب أول من خرج ليعلن للمصريين أنها ليست ثورة ولكنها مؤامرة خلال لقائه بقناة المحور مع معتز الدمرداش، وكان أن راح النشطاء في إعداد قائمة سوداء يتصدرها أديب، ثم كان أن راح الرجل وبنفس الحماس ينظر للمجلس العسكري، وخلال المعركة الرئاسية أبدي أكثر من مرة تعاطفه مع جماعة الإخوان، بل أن القناة التي عمل بها قامت باستضافة محمد مرسي لعدة ساعات من العشاء لآذان الفجر، وأصبح الرجل هو العراب لتلك القناة الغامضة في التمويل والأهداف، ثم كان أن خرج في ظروف غير طبيعية إنسانية بعد تراكم الديون عليه لمؤسسات صحفية.
والغريب أن الرجل الذي كان ينجح في المؤسسات التي يصرف عليها الآخرون، فشل في مشروعه المهني في الصحف التي أصدرها وشركة الإنتاج السينمائي التي أسسها، ويوما ما كان الصحفيون يستغنون عن السفر للعمل في الخليج بالعمل في مطبوعات أديب وكان يقال إن الواحد منهم حصل على عقد في شارع جزيرة العرب، وكان من الطبيعي وهو الابن البار بأسرته أن عملت الزوجة السابقة هالة سرحان في مجلة نسائية، وشقيقه الأصغر عمرو وزوجته لميس معه في صحيفته الاقتصادية، وخلال تلك الرحلة كانت لأديب جماعة ظل يتنقل بها من صحيفة لبرنامج، ولكن فشل في أن يصبح صاحب مدرسة مهنية أو يكون له تلاميذ، عكس مدارس روزا اليوسف والأخبار والأهرام، ولكن تحلق حوله من الزملاء الباحثين عن زيادة دخلهم المادي ليس إلا.
ولهذا كان المشهد كاشفا في المؤتمر الصحفي لإدارة قناة الحياة الجديدة في لم شمل العائلة الاديبية، الزوجة السابقة مديرة للقناة، وجماعته السابقة في العالم اليوم، وبعد أيام سيجد المشاهد حصارا من العائلة "عمرو" في "أون تي في" و"لميس" في "السي بي سي" وهو في "الحياة" في ظاهرة لا تحدث إلا في مصر، لأسرة نجحت بامتياز في التعايش مع السلطة أيا كانت وبمهارة التنقل والتبرير لأنها سنة الحياة في التغيير، ويحسب لأديب الكبير وزوجة شقيقه عمرو "لميس" إنهما لم يتدنوا في سباب الأنظمة التي عملوا معها كما فعل "عمرو" و"هالة سرحان" صاحبة حلقات فتيات الليل المفبركة، وفِي كل الأحوال برغم ثراء التجربة الأديبية والدراما المسكوت عنها فإنها لم تكن يوما تجربة مصرية ولكنها تجربة سعودية بامتياز.