رئيس التحرير
عصام كامل

ملك الأردن يهرع إلى واشنطن طلبًا للحماية


تشير التقارير الرسمية الأردنية إلى أن نحو 500 سلفي أردني يقاتلون في سوريا إلى جانب جماعة "جبهة النُصرة" الجهادية.

وتتحدث التقارير الإخبارية في الأردن باستمرار عن عودة السلفيين الذين استشهدوا إلى ديارهم للدفن، وهو ما يؤكد ذلك الرقم على ما يبدو، لكن الأمر الأكثر إزعاجاً بالنسبة لعمان هو النمو السريع الواضح للحركة المتطرفة داخل المملكة.


فقد صرح الشيخ السلفي يوسف الجغبير، مؤخراً لصحيفة "الغد" اليومية الأردنية بأن حركته لديها نحو 500 عضو في محافظة البلقاء وحدها. وفي يونيو الماضي، ذكرت التقارير أن السلفيين في عين الباشان الواقعة على بعد 12 ميلاً فقط شمال عمان، أعدموا أحد السكان لاتهامه بالتجديف والردة من قبل فرقة للإعدام بالرصاص.

وفي الماضي، لم تكن الحركة السلفية تمثل اتجاهاً شعبياً في المملكة (رغم بعض الاستثناءات البارزة، مثل أبو مصعب الزرقاوي، المواطن الأردني الذي قاد تنظيم «القاعدة في العراق» في الفترة ما بين 2004 و2006).

وبدلاً من ذلك، يميل الإسلاميون في الأردن، سواء كانت أصولهم من قبائل الضفة الشرقية أو الفلسطينيين، إلى الانجذاب نحو جماعة «الإخوان المسلمين» وحزبها السياسي المحلي، "جبهة العمل الإسلامي". غير أن قيادة جماعة «الإخوان» الأردنية أصبحت مؤخراً أكثر تقارباً مع «حماس»، مما دفع بعض سكان الضفة الشرقية الرواد إلى النظر إلى المنظمة على أنها ذات طابع فلسطيني أكبر. ويبدو أن هذا وغيره من العوامل قد زاد من قبول الحركة السلفية.

في ظل صراع عمان هذا الأسبوع لاحتواء التبعات الاقتصادية والسياسية والأمنية للحرب التي تدور رحاها في البلد المجاور، أكد المسئولون الأمريكيون أنه سيتم نشر 200 فرد من القوات الخاصة الأمريكية في الأردن لمساعدتها على الاستعداد لتبعات انهيار سوريا.

كما أكدوا أن الرئيس أوباما توسط في إبرام اتفاق أثناء رحلته الأخيرة إلى المنطقة سمح للطائرات الإسرائيلية بدون طيار بالتحليق في المجال الجوي الأردني لمراقبة التطورات في سوريا. وفي 19 أبريل، استشهدت صحيفة "الشرق الأوسط" اليومية بتقرير أردني يذكر أن بطاريات صواريخ باتريوت الأمريكية المتمركزة في قطر والكويت سيتم نشرها على حدود المملكة مع سوريا.

وليس هناك شك بأن هذه التطورات تتعلق بقلق الملك عبد الله المتزايد بشأن التهديد الذي يمثله نظام بشار الأسد. لقد كان الأردن منذ فترة طويلة هدفاً للإهاربيين القادمين من سوريا، وعلى الرغم من الخطر الواضح والقائم الذي تمثله دمشق، كان رد فعل بعض الأردنيين غاضباً على أخبار نشر القوات الأمريكية ومنح حق المرور للإسرائيليين.

ففي 18 أبريل ، طالب حزب المعارضة الأكبر في المملكة، "جبهة العمل الإسلامي" التي تدعم الإطاحة بالأسد، أن تتراجع الحكومة عن قرارها السماح "بتواجد قوات أجنبية على أرض الأردن"، معتبراً أن نشر تلك القوات لن يخدم سوى مصالح حليف الولايات المتحدة الاستراتيجي وهو الكيان الصهيوني".

كما دفع الإعلان عن نشر القوات الأمريكية إلى قيام "الجبهة الوطنية للإصلاح" (وهي جماعة معارضة علمانية بارزة برئاسة وزير الداخلية الأسبق أحمد عبيدات) بالإعراب عن مخاوفها بشأن تورط الأردن في سوريا.

والأمر الأكثر إزعاجاً أن 87 زعيماً من زعماء القبائل غير الإسلاميين أرسلوا خطاب تحذير مفتوح إلى الملك عبد الله في 22 أبريل. فبالإضافة إلى المطالبة بعدم استخدام أي قوات أردنية للتدخل في سوريا، تضمن خطابهم تهديداً بأن "أي جندي أمريكي يوجد على التراب الأردني سيصبح هدفاً مشروعاً لكل أردني محترم معني ببلده وأمته".

لقد كان التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والأردن قوياً على مدار سنوات، فعلى سبيل المثال، تحلق طائرات النقل الأمريكية من طراز "سي 17" بصورة دورية فوق عمان في طريقها إلى "مطار ماركا"، ولم تكن هناك سوى شكاوى محدودة من السكان المحليين. إلا أن ما ميز هذا التعاون هو عدم أخذه شكلاً بارزاً إلى حد نسبي.

ويعزى رد الفعل الشعبي السلبي تجاه المبادرات الأخيرة بشكل مباشر إلى طبيعتها العامة التي تدعو للأسف. لقد كان إعلان وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل عن نشر القوات وما تبعه من تسريب لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" من قبل مسؤول آخر رفيع المستوى بشأن خطط وزارة الدفاع الأمريكية لإرسال نحو 20 ألف جندي إلى الأردن أمراً غير حكيم وأضر بالملك عبد الله. فقد كان العاهل الأردني مشتبكاً بالفعل في السيطرة على الضرر الذي ترتب على مقابلته المثيرة للجدل مع مجلة "ذي أتلانتيك" الشهر الماضي، عندما أساء علانية لأنصاره من الضفة الشرقية.

* نقلاً عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى

الجريدة الرسمية