رئيس التحرير
عصام كامل

قصة عجوز يفترش الشارع بلمبات جاز قديمة (صور)

فيتو

شارع يملؤه المارة، كل منهم تشغله حياته، وعلى مسافة ليست بالبعيدة من محطة مترو المرج، يستند إلى سور رجل كبير السن، يلفت انتباه من نظر إليه ببضاعته التي افترش بها الأرض، يميزه جلبابه وعمامته عنهم، قد اتخذ من جنبات الرصيف مكان عمل له، ليتاجر سعيًا وراء لقمة العيش.


فحينما تنظر إليه تجد تجاعيد الزمان التي تجمعت في وجهه الشاحب المكسو بهموم الحياة وضغوطها، يجلس وأمامه صندوق خشبي اتخذ من ظهره معرضًا لبضائعه التي عفى عليها الزمن ولم يعد أحد في حاجة لاستخدامها، فيبيع لمبات الجاز القديمة وبعض طفايات السجائر، في انتظار زبونه الأشبه بحالته.

«الحمدلله على كل حالى يابنى».. كلمات ابتدأ بها عم بدوى رجل في العقد السابع من عمره عندما تطرقنا للحديث معه، يقطن هذا العجوز بمنطقة المرج يجلس في الشارع طوال النهار وحينما يأتي الليل يخلد للنوم في بدروم أحد العمارات الذي أهداه أحد فاعلي الخير كهدية له بعد معاناة زادت عن قرابة العامين.

اشتعل رأس العجوز شيبا ولم يتزوج بعد ولم يذق من الحياة طعم الأبوة، وإنما ذاق منها كل الهموم، إلا أنه وقف متحديًا لهذه الظروف وقرر الجلوس في الشارع بأي شيء يمكن بيعه بدلًا من مد يده وسؤال الناس حاجته.

ويقول: "من ساعة ما وعيت على الدنيا وأنا في الشارع، أيام التسعينات كنت شغال باليومية وكنت زى مانا كده برضو في الشارع، ولو فيه شغلانه بتاخد أكتر من يومين كنت ببات في الشارع اللى في الشغل، وأهو ماشى الحال لحد دلوقت زى مانا مفيش حاجه اتجددت ولا اتغيرت، والحمدلله مازلت مؤمنا بقضاء الله وقدره".

لم يعد لهذا الرجل أي مطلب في الحياة، تلذذ بحلوها القصير الذي لم يطل وطالما ذاق من مآسيها ما جعل ظهره أشبه بظهر الناقة، يروي لنا قائلًا: "مش عاوز حاجة من الدنيا دي غير إن ربنا يحسن خاتمتى ويرحمني من عذاب الدنيا والذل اللي أنا فيه".
الجريدة الرسمية