رئيس التحرير
عصام كامل

روسيا تعود لأفغانستان رغم خسارة الماضي.. تدعم طالبان لحمايتها من مؤامرة داعشية أمريكية.. تحاول بسط نفوذها في آسيا الوسطى.. تتقرب من الصين ومبادرة الحزام والطريق.. وتحقق حلم الهيمنة الدبلوماسية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بعد ثلاثة عقود من هزيمة عسكرية مهينة في أفغانستان، عادت إليها روسيا مرة ثانيةً ليس للدفاع عن الحكومة الأفغانية الصديقة للسوفييت ضد الثوار المعارضين ولكن لحماية أراضيها ونفوذها إقليميًا ودوليًا.


دعم طالبان
البداية جاءت حين أبرز موقع «ذا كونفيرزاشن» الأسترالي دعم روسيا لحركة طالبان وجماعات أخرى رغم معارضتها بشدة خلال الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي، لتضيف أفغانستان إلى قائمة الدول تتحدى فيها الغرب مثل سوريا، وليبيا، وفنزويلا وأوكرانيا، فضلا عن استضافتها محادثات إقليمية مع باكستان، وإيران، والصين.

الخوف من داعش
ويدعي مسئولون أمريكيون وأفغانيون تزويد روسيا لحركة طالبان بالسلاح والأموال منذ 2015، كما أفاد تقرير لشبكة سي إن إن الأمريكية في يوليو 2017 بنقل أسلحة روسية لمقاتلي طالبان، بينما تنفي موسكو جميع تلك الاتهامات وتعترف باتصالات دبلوماسية مع طالبان للتعاون معًا في محاربة تنظيم داعش الإرهابي.

كما يعتقد مسئولو موسكو أن تركيز طالبان على الصارع الداخلي في أفغانستان، يسمح لداعش بتهديد دول وسط آسيا، بل وروسيا نفسها خاصةً بعد انضمام آلاف المواطنين الروس للتنظيم الإرهابي في سوريا.

مواجهة أمريكا
وفي نفس السياق نوه الموقع الأسترالي بأن الحكومة الروسية تؤمن بأن تهديد الذي يشكله داعش عليها هو مؤامرة نظرًا لاشتهاره بأنه مشروع أمريكي لزعزعة استقرار الدول، وفي يونيو الماضي، أعربت الخارجية الروسية عن استيائها من طائرات هليكوبتر مجهولة الهوية تزود مقاتلي داعش.

كما اعتبر «ذا كونفيرزاشن» أن تصريحات المبعوث الروسي الخاص لدى أفغانستان «زمير كابولوف» في 2016 - عندما قال إن مقاتلي داعش لا يركزون على الصراع الأفغاني وإنما يتم إعدادهم للحرب في وسط آسيا للإضرار بالمصالح الروسية- ليست مجرد رد فعل للمخاوف الأمنية وإنما جزء من إستراتيجية جغرافية سياسية أوسع.

منافسة جيوسياسية
وتوفر أفغانستان فرصة مثالية لروسيا لإحراز تقدم في منافستها الجيوسياسية مع الغرب؛ إذ يؤكد الروس أن القواعد الأمريكية في أفغانستان هي جزء من خطة للسيطرة على المنطقة وتهديد روسيا عبر آسيا الوسطى، فضلا عن مساعدة موسكو على توسيع نفوذها في آسيا لتعويض ضعفها في الجمهوريات السوفيتية مثل تركمانستان وأوزبكستان.

تستغل روسيا أيضًا عودتها لأفغانستان في توطيد علاقاتها بالصين وضمان عدم تهميشها من قبل مبادرة الحزام والطريق الصينية، بجانب تحقيق أملها في الحفاظ على نفوذها من خلال الظهور بصورة القوة الأمنية والدبلوماسية المهيمنة عبر منطقة واسعة يُطلق عليها أوراسيا الكبرى.
الجريدة الرسمية