رئيس التحرير
عصام كامل

مجالس تنظيم الإعلام والصحافة


بداية أسجل تقديري لأشخاص وأقدار السادة الأساتذة المسئولين عن مجالس تنظيم الإعلام والصحافة، "مكرم محمد أحمد وكرم جبر وحسين زين"، مع حفظ الألقاب.


ولكن هذا الاحترام والتقدير الشخصي، لا يمنعني من القول إن هذه المجالس ومنذ أن تم تشكيلها قبل أشهر عدة، لم تحرك ساكنًا ولم تصلح أمرًا ولم تبادر بإصلاح وتطوير المنظومة الإعلامية في مصر.

أرى أيضًا أن مجالس تنظيم الإعلام، بدت حريصة على التعامل مع الواقع الإعلامي المخزي، بطريقة عتيقة نمطية، واكتفت باتباع الأسلوب الذي تتبعه مصلحة الدفاع المدني والحريق، التي تغير اسمها قبل سنوات، وأصبح مصلحة الحماية المدنية، أي أنها باتت مجالس لإطفاء الحرائق وترطيب الأجواء فقط! ولم تبادر بمحاولة السعي لوضع تنظيم شامل ينظم الأداء الإعلامي بأسس عامة وأطر شاملة تراعي التطور الحادث في عالم الإعلام، والذي ووجه بتطور عكسي في الأداء والتناول في كل وسائل الإعلام!

وبدأنا نرى ونلاحظ أن مجالس تنظيم الإعلام، لا تعني إلا بإصدار بيانات شجب أو إدانة أو تعاطف مع أي حدث إيجابي أو سلبي، وربما يكون مهمًا أن تتفاعل مجالس تنظيم الإعلام مع التطورات والأحداث، ولكني أرى أن بيانات الشجب أو الإدانة أو المساندة أو.... أو... هي أقل مهام مجالس تنظيم الإعلام شأنًا وقدرًا، خاصة أننا نعلم أن مهمة إصدار هذه البيانات يمكن أن يقوم بها موظف إداري، إما أن يستدعي نموذجا من النماذج المحفوظة ويعيد نشره وبثه، أو يتلقى هذا البيان بالتليفون أو على الإيميل أو الفاكس أو حتى على "فيس بوك" من أي من رؤساء هذه المجالس أو أحد أعضائها!

أرى أيضًا أن مجالس تنظيم الإعلام لديها إصرار على أن تلتزم بسياسة رد الفعل وليس الفعل، أدرك أن هناك مساعي تبذل وخاصة من جانب الهيئة الوطنية لتنظيم الصحافة، لحل مشكل الديون المتراكمة على المؤسسات الصحفية القومية، وأدرك أنه تم إنجاز أكثر من رؤية لجدولة ديون بعض المؤسسات الصحفية القومية وتعويمها ولكن، ومع تثمين هذه الجهود، لا أظن أن تسوية الديون المتراكمة على المؤسسات الصحفية القومية، وإعادة هيكلة الكيان الإداري لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، لا أظن أنها هي المهمة الوحيدة التي تنتشل القطاع الإعلامي الضخم من الهوة السحيقة التي استقر فيها، رغم أنني لا أقلل من أهمية محاولة حل هذه المشكلات.

أنوه إلى أنني لا أريد أن أهيل التراب على جهود ومساعي مجالس تنظيم الإعلام والصحافة، ولا أريد أن أبدو كمن يجلس على مقعد الناقد المعترض الرافض لأي شيء، ولكني وغيرة على مهنة الإعلام، أعتقد أنه كان يتعين على مجالس تنظيم الإعلام أن يبدأ بوضع تشخيص شامل لأزمة الإعلام من كل الوجوه والجوانب، ليست أزمة الإعلام الحكومي الأساس هي الترهل الإداري والديون، ولكن هناك التجريف والتدجين الذي تعرضت له العقول التي كانت تشغل هذه المرافق الإعلامية لعقود طويلة، هناك أيضًا الانفصام التام بين غالبية العاملين في الصحف القومية واتحاد الإذاعة والتليفزيون وبين التطور الكبير جدًا الذي طرأ في عالم الاتصال والإعلام، هناك أيضًا الافتقاد شبه التام للأسس المهنية التي ينبغي على صانع الإعلام، أي إعلام، أن يدركها ويلم بها.

هناك أيضًا الوضع الاقتصادي المخزي لغالبية العاملين في مجال الإعلام الحكومي.. لا أظن أن تعاملا بهذه الوتيرة الهادئة يمكن أن يحقق إصلاحًا إعلاميًا مطلوبًا وبشدة، خاصة في هذه المرحلة التي تمر بها مصر.
الجريدة الرسمية