تحركات الساعات الأخيرة لتدارك أزمة الحريري قبل التدويل
يوما بعد يوم تتجه قضية رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري طريقها نحو التدويل، وصولًا إلى طرحها أمام مجلس الأمن بعد تهديد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون بالجوء إلى المجتمع الدولي من أجل إعادة الحريري إلى بيروت، وسط تعاظم الاعتقاد بأن رئيس الوزراء المستقبل محتجز وقيد الإقامة الجبرية، ولا يتمتع بالحرية وفقا للدولة اللبنانية وسط انتهاء مهلة الدولة اللبنانية الخميس المقبل.
تحركات عون
فقد أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون ، أن رئيس الحكومة سعد الحريري محتجز وموقوف في السعودية، ونعتبره عملا عدائيا ضد لبنان.
وأضاف في تصريح أمام وسائل الإعلام "ما يجري مع الرئيس الحريري في السعودية من احتجاز لحريته يمس كل اللبنانيين".
وكشف الرئيس عون إلى أن "الحريري اتصل بي يوم استقالته وقال لي استقلت لأنني تعبت ومنذ ذلك اليوم لم نستطع التكلم أو التواصل معها".
ورأى الرئيس عون أن هناك انتهاكا لحقوق الإنسان في ما يحصل مع الرئيس الحريري لأنه لا يمكن توقيف إنسان من دون سبب ولا يوجد رابط بين توقيف الحريري وتوقيفات الأمراء في السعودية لأن الحريري سوّى أموره المالية من قبل.
وتابع: "لبنان سيقوم بكل ما عليه للمطالبة بالإفراج عن الرئيس الحريري ويتواصل مع الدول العربية والغربية بهذا الغرض، وسنواصل السعي لعودته من خلال الوحدة الوطنية التي تجلت بأبهى حللها.
وأشار عون إلى أن معاهدة فيينا، والأعراف الدبلوماسية تنص على عدم تقييد حرية أي رئيس حكومة في العالم".
وأكد عون في حسابه على موقع تويتر ما قاله لوسائل الإعلام. فقال في إحدى التغريدات "لا شيء يبرر عدم عودة الرئيس الحريري بعد مضي ١٢ يومًا. وعليه نعتبره محتجزا وموقوفا، ما يخالف اتفاقية فيينا وشرعة حقوق الإنسان".
وطالب الرئيس اللبناني ميشال عون السعودية بإطلاق سراح رئيس الحكومة سعد الحريري وعودته إلى بيروت.
وقد بدأ عون سلسة لقاءات ومشاوراته مع السفراء العرب والأجانب من أجل توضيح موقف لبنان من بقاء الحريري في السعودية واحتاجازه وفقا للرواية اللبنانية.
مجموعة الدعم
الرئيس عون تحرك مبكرا حيث التقى الجمعة الماضية مع سفراء مجموعة الدعم الدولية، ليحق موقف عودة الحريري إلى بيروت.
وقالت مجموعة الدعم، التي تضم أمريكا وروسيا وفرنسا، إنه من الضروري استعادة "التوازن الحيوي" في لبنان.
وناشدت المجموعة، في بيان لها صدر، حماية لبنان من التوترات في المنطقة.
وقال البيان إنه في أعقاب اجتماع أعضاء المجموعة، التي تضم الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، مع الرئيس اللبناني ميشال عون، أكدت المجموعة أهمية استعادة "التوازن الحيوي" لمؤسسات الدولة في لبنان.
ومن المتوقع أن يلتقي وزير الخارجيّة الفرنسيّة جان إيف لودريان، الرئيس سعد الحريري خلال زيارة إلى السعودية، بحسب ما أفاد مصدر قريب من لودريان.
ولفت المصدر، إلى أن لودريان سيجري محادثات مساء الأربعاء مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على أن يلتقي الحريري الخميس مبدئيًّا.
وأوضح المصدر، أن موعد اللقاء "قابل للتعديل"، إذ أنّه مرتبط بـ"متى يعتزم الحريري مغادرة السعوديّة" للعودة إلى لبنان.
وقد قام وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، بجولة أوروبية شملت بروكسل وباريس وبرلين ولندن وروما من المتوقع أن تضم موسكو وبرلين وانقرة والقاهرة، بهدف عودة الحريري إلى بيروت.
الدور الفرنسي
من جانبها نقلت صحيفة "الأخبار اللبنانية" سيناريوهات، عبر تصريحات للمسئول الفرنسي، أن أزمة الحريري تتجه إلى رهن احتمالين: أولهما أن يطلق السعوديون سراح الحريري قبل الخميس، فيعود إلى بيروت، وتنطلق الآلية الدستورية بين استقالة أو استعادة للحياة الحكومية وتطبيع الأوضاع، وتقاطع التوقيت الفرنسي مع ما قاله الوزير جبران باسيل من اعتباره الخميس مهلة نهائية قبل الانتقال إلى التدويل.
وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها وزير الخارجية باسيل علنًا عن خيار مواجهة السعوديين في الأمم المتحدة.
ثاني الاحتمالات، بحسب المسئول الفرنسي، هو «مضمون الرسالة الشديدة الأهمية التي يحملها الموفد الرئاسي اللبناني الوزير جبران باسيل اليوم إلى الرئيس الفرنسي». والأرجح أن تحمل رسالة الرئيس ميشال عون اقتراحات صيغة للتحرك دوليًّا، كان المستشار الدبلوماسي أوريليان لوشوفالييه قد جاء بها إلى بعبدا الأسبوع الماضي. وإذا ما اختار اللبنانيون اعتبار أن قضية احتجاز الحريري تمسّ الأمن والسلامة، وعنصر تهديد للاستقرار في لبنان
مجلس الأمن
يري مراقبون أن لبنان سستجه إلى مجلس الأمن إذا لم يعد الرئيس الحريري إلى بيروت في نهاية المهلة التي تنتهي غدا.
وحسب المراقبون فإنها من المرجح أن تدعو فرنسا إلى اجتماع مجلس الأمن، كخيار أول، كما يقول خبير دبلوماسي في نيويورك، لبحث الأوضاع في لبنان، وقضية الحريري.
وقالت صحيفة "الجمهورية اللبنانية" إنها حصلت على معلومات من مصادر مطلعة في لبنان، أن "الحراك الذي يقوده عون يتصاعد ليبلغَ ذروته بالذهاب إلى تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي في حال لم يعُد الحريري إلى بيروت قريبًا ليُبنى على الشيء مقتضاه في موضوع استقالته في ظلّ إصرار على استمرار الحكومة الحالية حتى لو اضطرّ الأمر إلى إجراء استشارات يعاد بنتيجتها تكليف الحريري".
وأضافت الصحيفة أن الرئيس اللبناني أبلغ وفودًا دبلوماسيةً التقاها أنه "لن ينتظر أكثر من أسبوع لجلاء مصير الحريري، قبل أن يضطرّ إلى نقلِ الملف إلى المجتمع الدولي.
ولفتت "الجمهورية" إلى أن "هنالك استعدادات دولية لمساعدة لبنان في هذا المسعى، في إشارة ضمنية منه إلى استعدادات روسية وأخرى غربية"، وفق قولها.
دعم روسي
من جانبه قال المحلل السياسي اللبناني نضال السبع، إن لبنان سيتوجه إلى مجلس الأمنإذا لم تبادر السعودية إلى إطلاق سراح الرئيس سعد الحريري وعائلته وتأمين عودته إلى بيروت قبل نهار الخميس.
وأوضح السيع، أن السفير الروسي لدى لبنان ألكسندر زاسبيكين، أعطى إشارات إلى الدولة اللبنانية بدعم موقفها في التوجه إلى مجلس الأمن لإفراج السعودية عن الحريري.
وأوضح أن هناك موقفا أمريكيا وفرنسيين يدعم الموقف اللبناني في عودة الحريري، كما أشار إلى دعم فرنسي بالذهاب إلى مجلس الأمن لإعادة الحريري.
وأوضح أن موقف الاتحاد الأوروبي، شدد على أهمية عودة الحريري إلى بيروت، لأنه يخشى وجود انفلات أمني في لبنان فتستقبل موجة نازحيين جدد خاصة أن لبنان يوجد بها أكثر من 2 مليون ونصف لاجئ سوري.
يرى المراقبون أن السعودية أمام أمرين أما إتاحة حرية الحركة لرئيس الوزراء سعد الحريري بالتحرك والعودة إلى بيروت، أو اختيار إبقاء الحريري في الرياض فيتم التأكد من أنه محتجز فعلا ومعا تتعرض السعودية لقرار دولي قد يكون الأول من نوعه في تاريخ البلاد، أضحت أزمة الحريري "فخ" وقعت فيه القائمين على الأمر في السعودية، ولكن يحتاج هذه الأمر إلى ذكاء للخروج من هذا الفخ ربما يكون عبر البوابة الفرنسية أو المصرية.