رئيس التحرير
عصام كامل

روبرت موجابى.. انتهاء قصة رئيس طلب مضاجعة أوباما «بروفايل»

روبرت موجابى
روبرت موجابى

يغرق العالم منذ أمس الثلاثاء، وسط دوامة أخبار متناقضة حول مصير رئيس زيمباوي، روبرت جبريل موجابى، بدأت بالانقلاب العسكري على حكمه، وانتهت بإعلان بتأكيد متعلقة بسيطرة نائبه السابق إمرسون منانجاجوا على مقاليد السلطة.


أبو الاستقلال
موجابى زعيم سياسي زيمبابوي، لقب بـ"أبو الاستقلال" وتولى رئاسة الوزراء ثم انتخب رئيسا للجمهورية عدة مرات، وقد أثارت سياساته الاقتصادية عداء الغرب له.

ولد روبرت جبريل موجابي يوم 21 فبراير 1924 في كوتاما بزيمبابوي (روديسيا الجنوبية سابقا)، لأسرة مهاجرة من ملاوي وتنتمي إلى مجموعة "الشونا" التي تشكل نسبتها 80% من المجموعات العرقية في زيمبابوي، ونشأ في بعثة كاثوليكية يسوعية بعدما افترق والداه وهو ابن عشر سنوات.

تعليمه
تخرج موجابي معلما وهو ابن 17 عاما، فالتحق بجامعة فورت هير في جنوب أفريقيا لدراسة اللغة الإنجليزية والتاريخ وتخرج فيها عام 1951، وكان معه في نفس الجامعة بعض الزعماء الأفارقة مثل الإمبراطور الحبشي السابق هيلا سيلاسي، ورئيس زامبيا السابق كينيث كاوندا، والمناضل والمحامي الزيمبابوي هربرت شيتيبو، والسياسي الجنوب أفريقي روبرت سوبوكوي.

تابع دراسته في عدة جامعات في جنوب أفريقيا إلى أن حصل على الإجازة في التدريس، ثم انتقل إلى بريطانيا حيث حصل على الإجازة في الاقتصاد. وقد حصل على ثماني شهادات جامعية في الاقتصاد والتربية والقانون، ولديه العديد من الدرجات الجامعية الفخرية من عدة جامعات عالمية.

التوجه الفكري والوظائف
انخرط عام 1960 في صفوف الماركسيين معلنا توجها "ماركسيا لينينيا ماويا"، في إطار حزب يدعى الحزب الوطني الديمقراطي الذي سيصبح فيما بعد "اتحاد شعب زيمبابوي الأفريقي" المعروف اختصارا باسم "زابو".

وعاد إلى زامبيا التي كانت تعرف حينها باسم روديسيا الشمالية حيث عمل مدرسا، ثم انتقل منها إلى غانا أول مستعمرة بريطانية أفريقية تنال استقلالها عن التاج البريطاني، وفيها تزوج بزوجته الأولى عام 1961.

حياته السياسية
ترك موجابي حزب "زابو" في عام 1963، وأنشأ حزبا خاصا به عرف باسم "الاتحاد الوطني الأفريقي بزيمبابوي" المعروف اختصارا باسم "زانو"، وأغلب مناضليه من مجموعة "الشونا" العرقية، في حين تغلب على مناضلي "زابو" مجموعة "إنديبيلي" العرقية.

اعتقل في 1964 مع بعض المناضلين منهم المحامي هربرت شيتيبو، وأطلق سراحه عام 1974 فالتحق بموزمبيق حيث قاد حرب عصابات على نظام رئيس روديسيا الجنوبية (زيمبابوي لاحقا) أيان سميث، وبعد اغتيال رفيق دربه المحامي شيتيبو في زامبيا أصبح موغابي قائد المسلحين الناشطين ضد نظام أيان سميث العنصري.

الحزب الحاكم
لم يشارك حزب الرئيس (زانو) في أول انتخابات عرفتها البلاد عام 1979 لاقتسام السلطة بين البيض والسود، ففاز المجلس القومي لأفريقيا المتحدة بزعامة آبل موزوريوا، وفي تلك السنة عاد موغابي إلى بلاده وشارك حزبه في انتخابات مارس 1980، فحصل على 57 مقعدا من أصل 80 وعين رئيسا للوزراء يوم 18 أبريل 1980.

حاول أن يجمع في حزب واحد بين المجموعتين العرقيتين الزيمبابويتين المتنافستين وهما الشونا وإنديبيلي، وغير تسميات المدن الزيمبابوية عام 1982 فأصبحت سالسبوري مثلا تعرف بهراري (العاصمة).

صراع عرقى
لم يستطع موجابي عام 1983 التغلب على الصراع العرقي بين مجموعتي الشونا وإنديبيلي الذي خلف 10 آلاف قتيل، وفي عام 1987 تمكن من إبرام مصالحة عرقية بين المجموعتين. وعين زعيم مجموعة إنديبيلي جوشوا نكومو رئيسا للوزراء.

قام بإصلاح زراعي يحد من امتلاك السكان ذوي الأصول الأوروبية للأراضي بتوزيعها على السكان الأصليين (70% من تلك الأراضي يمتلكها أربعة آلاف مزارع من أصول أوروبية)، وأنشأ دستورا جديدا للبلاد عام 2000 ينص على الإصلاح الزراعي.

رئاسة الجمهورية
انتخب رئيسا للجمهورية 1987، وأعيد انتخابه 1990، ثم أعيد انتخابه للمرة الثالثة 1996 وللمرة الرابعة 2004 وللمرة الخامسة في 2008، وهي انتخابات شككت المعارضة في نزاهتها وأدت إلى حالة عدم استقرار سياسي قبل التوصل إلى اتفاق تولى بموجبه زعيم المعارضة مورغان تسفانغيراي رئاسة الحكومة.

وقد أعيد انتخابه مجددا في 3 أغسطس ٢٠١٣ بنسبة 61% من الأصوات.

ديكتاتور وعنصري
يتهم الغرب موجابي بالدكتاتورية وبفرض حزبه "زانو" على المشهد السياسي الزيمبابوي، كما تتهمه بالعنصرية ضد البيض وباغتصاب أراضيهم منذ 1999 أثناء ما عرف بالإصلاح الزراعي الذي يعيد تقسيم الأراضي من جديد بين السكان الأوروبيين ونظرائهم الأصليين في البلاد، مما أدى إلى هجرة الكثير من ذوي الأصول الأوروبية عن البلاد.

قامت لندن بإقرار عقوبات ضد زيمبابوي في إطار مجموعة الكومنولث وبتأييد أمريكي وأسترالي، غير أن الدول الأفريقية الأعضاء في الكومنولث رفضت القرار البريطاني.

اتخذ الاتحاد الأوروبي عام 2002 قرارا بمنع موغابي من أن يحل بأي دولة من دوله. وفي 8 ديسمبر 2003 علقت عضوية زيمبابوي في الكومنولث، وفي العام نفسه أقر الكونجري الأمريكيى عقوبات على حكومة موغابي واتهمها بالعنصرية.

أزمة مع أمريكا
منذ بداية القرن الحالي، غالبًا ما تصدّر موجابي عناوين الصحف العالمية بسبب انتقاداته اللاذعة للولايات المتحدة والقوى الاستعمارية السابقة، وخاصةً بريطانيا. وفي عام 2003، وصف قرار واشنطن ولندن غزو العراق بـ«غير العادل، وغير الشرعي... وباحتلال فعلي لشعب ذي سيادة».

وبعد عامين، شبّه الرئيس الأمريكى جورج بوش، ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، بـ«الرجلين الشريرين... يهاجمان، كما هتلر وموسوليني، الدول البريئة». وبعد عشر سنوات، كرّر الرئيس، في كلمة ألقاها في قمة الاتحاد الأفريقي الـ25، هجومه على الرجلين، واتهمها بقتل الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من أجل النفط، مشبّهًا ذلك بما تفعله واشنطن ولندن في أفريقيا من أجل الذهب الأسود.

ولم يتوقف يومًا الرئيس الذي قال إنه «يتفوّق على المسيح»، عن انتقاد الحكومات الغربية، وكذلك المنظمات العالمية (البنك الدولي، والأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية) التي يتهمها بخدمة الدول الغنية فقط.

وبالعكس من مواقفه السابقة دافع عن الرئيس الأمريكى الحالى، دونالد ترامب، وعن شعار «أمريكا للأمريكيين»، مشيرًا إلى أنه أيضًا يعتبر أن «زيمبابوي للزيمبابويين». وذهب «العنصري الأول» ضد البيض إلى أبعد من ذلك، ليعلن استعداده لإعطاء ترامب، المُتّهم بإيمانه بـ«تفوّق» العرق الأبيض، «فرصة».

وجاء ذلك بعد انتقاده الشهير لقرار الرئيس السابق باراك أوباما تشريع زواج المثليين في الولايات المتحدة، حين قال بسخرية: «بما أن أوباما يدعم زواج المثليين.. فأنا مستعد إذا لزم الأمر أن أذهب إلى واشنطن وطلب يده للزواج».
الجريدة الرسمية