رئيس التحرير
عصام كامل

4 أسباب لإحياء «قرية القرنة».. أهمها الحفاظ على هوية مصر المعمارية

قرية القرنة
قرية القرنة

«ما يحتاجه الناس هو الفراغ الغامض الموجود بين الداخل والخارج، الذي يُشعر بالانتقال بين الاثنين وبالحركة الناشئة عن الأبواب.. مكانًا للصمت والسلام والمتعة الداخلية».. تلك هي النظرية التي اعتمد عليها المعماري حسن فتحي؛ مهندس عمارة الفقراء، ليصبح بعد 117 عاما من ميلاده، أيقونة العالم لبناء المجتمعات أكثر من تشييد المباني، فكان رائدا في تقديم نماذج لمباني تحترم تقاليد الأماكن وتراعي جميع مناحي الحياة.


ولأن الأفكار لا تموت برحيل أصحابها، فحرص الجهاز القومي للتنسيق الحضاري برئاسة المهندس محمد أبو سعدة، على إعادة إحياء فلسفة مهندس عمارة الفقراء، من خلال إعادة مشروع إحياء قرية القرنة الجديدة - بمحافظة الأقصر- وذلك بعد أن تعرضت للإهمال الشديد في السنوات الأخيرة، التي تعد جزءا من تاريخ البناء الشعبي الإنساني.

وقال المهندس محمد أبو سعدة، إن فكرة مشروع إعادة إحياء قرية القرنة بالأقصر، تهدف إلى إعادة طراز وأسلوب حسن فتحي في البناء مع الاستفادة من هذا التكنيك المعماري الذي لا يعتمد على الأسقف الخرسانية إنما على القباب، مع كيفية الاستفادة بالمواد الطبيعية المستخدمة في البناء، ومعرفة سمك الحوائط التي تتوافق مع البيئة المناخية في مصر، بالإضافة إلى إعادة هذا الطابع المعماري المتفرد الذي لا يوجد إلا في عمارة حسن فتحي، عن طريق تدريب وتخريج عدد من الحرفيين والفنيين الجدد على هذا الأسلوب.

وفي تصريح خاص لـ«فيتو» أوضح أبو سعدة، أن عمارة حسن فتحي هي عمارة بيئية أي تحترم البيئة المحيطة بها، وتتعامل مع المواد المحلية وتعالج بعض المواد المعمارية المستخدمة، واستخدام حلول معمارية طبيعية مثل مساقط الهواء والتعامل مع الفراغات والإضاءات، ولذلك هناك الكثير من دارسي عمارة حسن فتحي حول العالم، مؤكدا أن عمارة حسن فتحي مرتبطة بالامتداد الأفقي أكثر من الرأسي، ولا تزيد على طابقين بشكل عام، وبالتالي هي تعبر عن الفكر والرؤية الحقيقية التي تمثل العمارة العربية والشرقية، وهذا ما نسعى إلى الحفاظ عليه كجهاز تنسيق حضاري، حيث نؤكد على هويتنا المعمارية التي قد يستخلص منها المعماريون الجدد أساليب جديدة في البناء، دون استيراد طرز معمارية أجنبية، فغير مقبول أن تكون مصر- وبطبيعة مناخها- كل أبنيتها تعتمد على الزجاج والألومنيوم وغير ذلك.

وأما بالنسبة إلى التكلفة المالية لعملية التطوير، أشار أبو سعدة إلى أن منظمة اليونسكو ترعى عمليات تطوير القرية، والمرحلة الأولى من مشروع إعادة إحياء قرية القرنة الجديدة، تبدأ بتطوير ثلاث مناطق وهي الخان والسوق والمسجد، وبناء على تلك المناطق وبعد المسح الاستكشافي ورصد منسوب المياه الجوفية هناك، ومعرفة نتيجة الدراسات عليها، سيتم حساب التكلفة الإجمالية للمشروع، مؤكدا أنه ستقام مجموعة من ورش العمل أثناء عمليات تطوير وترميم القرية، لرفع كفاءة الحرفيين، كما سيتم الاستعانة بشباب القرية نفسها لأن بعضهم محترف في تنفيذ هذا الطابع المعماري وبعضهم يحتاج إلى مزيد من الخبرة.

واختتم رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري حديثه، قائلا: أقمنا على هامش احتفالية إطلاق المشروع اليوم، معرض لرسومات وصور قرية حسن فتحي كما كانت في السابق عند تأسيسها، بعد حصولنا على أرشيف الصور وذلك بالتعاون مع الجامعة الأمريكية، بالإضافة إلى عرض رؤيتنا في كيفية التطوير وعمليات الترميم، التي سيقدمها المهندس الاستشاري الدكتور طارق والي، مضيفا أن الجهاز القومي للتنسيق الحضاري استلم الموقع بالفعل، وسنعيده إلى سابق عهده بعد ما أصابه من تدهور شديد وتغيير للشكل العمراني المحيط به.


الجريدة الرسمية