مواجهة الإرهاب والتطرف
يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن العمليات الإرهابية التي تواجهها مصر تحظى بكثير من الدعم المالي واللوجستي والتقني من قبل دول وأجهزة مخابرات إقليمية ودولية، في محاولة لزعزعة استقرار مصر والنيل من قدراتها وإمكاناتها حتى لا تستطيع القيام بواجبها تجاه الحفاظ على الأمن القومى المصرى والعربى.. إذ لا جدال في أن مصر تمثل القوة الكبرى على مستوى المنطقة العربية.. ومن الواضح أن الإرهابيين على تواصل كامل مع الأجهزة المعادية لمصر، من حيث تلقى الخطط والبرامج والمعلومات التي تعينهم على ارتكاب جرائمهم، وبالتالى تحقيق أهداف هذه الأجهزة المعادية..
وهذا يستدعى بالطبع ضرورة وجود إستراتيجية مواجهة شاملة تتضمن إلى جانب الجهود الأمنية مجموعة من العوامل المهمة؛ أولا: العمل على تعزيز تنمية الانتماء للوطن وتماسك الجبهة الداخلية وارتقائها إلى مستوى التحديات الصعبة التي تواجهها مصر، ثانيًا: تنمية الوعي لدى الأفراد (على المستوى المجتمعى العام) بخطورة الإرهاب والتطرف على أمن وأمان الوطن، وأنه يعمل ضد مقاصد الشريعة الخمسة، وهى حفظ: الدين والنفس والنسل والعقل والمال، ثالثًا: العمل على تقوية كل مؤسسات الدولة، خاصة الجيش والشرطة، وإمدادهما بما يلزم من سلاح وتقنيات عالية لمواجهة واستئصال شافة الإرهاب والتطرف، رابعًا: استحداث تشريعات وإجراءات قانونية تناسب طبيعة المرحلة، خامسًا: التعاون والتنسيق بين مصر وبقية الدول العربية، خاصة فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب والإرهابيين، وسادسًا: ضرورة بذل أقصى الجهد للحصول على معلومات مسبقة عن تحركات وخطط وبرامج الإرهابيين حتى يمكن إجهاض أي محاولة قبل وقوعها..
يجب أيضًا ألا تغيب عن أذهاننا عمليات التجنيد النشطة التي يقوم بها الإرهابيون؛ سواء عن طريق الاتصال المباشر بالأفراد أو عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي.. وهذه وتلك تتم بشكل مؤثر وفاعل نظرًا لعوامل كثيرة ومتعددة؛ بعضها متعلق بطبيعة ونوعية الشخصيات ذاتها، الظروف البيئية التي نشأت وترعرعت فيها والمحيطة بها، وجهلها وعدم توافر أي علم أو فقه صحيح لديها.. وبعضها الآخر مرتبط بالفكر المنحرف والفهم المغلوط لديها، انحسار الدور الذي تقوم به المؤسسات الدينية، وعدم قدرتها على ملء الفراغ الثقافى الموجود، وأخيرًا وليس آخرًا أساليب الإغراء التي تتبعها جماعات العنف والتطرف في استقطاب وجذب الشباب..
لذا، رغم الضربات الإجهاضية التي وجهت للإرهابيين على مدى السنوات الماضية، فإن الإرهاب متوقع أن يستمر لفترة طويلة خاصة بعد تفكك دولة داعش في العراق وسوريا، وتفرقها وانتقالها إلى دول عربية مجاورة، إضافة إلى شمال سيناء.. والسؤال المهم هو: هل يمكن أن يحدث تنسيق بين تنظيمي القاعدة وداعش في هذه المرحلة، أم سيعمل كل واحد منهما مستقلا عن الآخر؟ لكن من الممكن أن يحاول تنظيم داعش استعادة بناء دولته المزعومة في صحراء ليبيا وتشاد والنيجر ومالى ونيجيريا، وربما يمتد إلى شرق أفريقيا؛ الصومال وجيبوتي وكينيا، وغيرها، وهو ما سوف يشكل وضعًا أكثر خطورة ليس لمصر وحدها، وإنما للمنطقة، بل للعالم كله..