الدهس بالشاحنات سلاح «داعش» الجديد.. مرصد الأزهر: مئات القتلى والجرحى يسقطون في هجمات متفرقة.. قتل الأبرياء همجية وسوء فهم للإسلام.. والمواجهة الفكرية السبيل الوحيد للقضاء على الهجمات
مئات من القتلى والجرحى في نيويورك وبرشلونة وبرلين ونيس وباريس ولندن وبروكسل، ومدن أخرى لقي الأبرياء من قاطنيها حتفهم جراء استخدام عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، إستراتيجية جديدة لتنفيذ هجماتهم الإرهابية وإيقاع أكبر عدد من الضحايا، تتمثل في استخدام المركبات والشاحنات كوسيلة حديثة بديلًا عن القنابل والرصاص، مستفيدين من عدم الحاجة إلى المخاطرة في توفير متطلبات الهجمات الإرهابية التقليدية، فالسيارات متوفرة في كل مكان والاشتباه بها معدوم ومنعها أمر شبه مستحيل، والحيطة منها ليس بالأمر اليسير.
ويستعرض مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، في هذا التقرير عددًا من الهجمات الإرهابية التي نفذها عناصر تنظيم «داعش» باستخدام المركبات والشاحنات في مجموعة من العواصم والمدن الأوروبية، التي تشير إلى أن أثر الهجمات التي يستخدم خلالها الإرهابيون المركبات والشاحنات أشد ضررًا وأكثر إيلامًا، وأن أعداد ضحاياها أكثر ارتفاعا عن غيرها من الوسائل الأخرى المعتادة.
"نيس" الفرنسية
في الرابع عشر من يوليو عام 2015، بمدينة «نيس» الفرنسية، وخلال الاحتفال باليوم الوطني الفرنسي، أدى هجوم بشاحنة على مشاركين بالاحتفال إلى مقتل وإصابة قرابة الثلاثمائة شخص، وهو الهجوم الذي يعد الأسوأ في تاريخ المدينة وربما فرنسا بأكملها.
وفي أواخر ديسمبر من عام 2012، ووسط العاصمة الألمانية «برلين»، قام «أنيس العمري» أحد عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، بعملية دهس للمشاركين في احتفالات عيد الميلاد، مستخدمًا سيارة شحن وهو ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين.
لندن
كما شهدت مدينة لندن، عددًا من الحوادث المشابهة لتلك التي وقعت في برلين ونيس، حيث وقع في المدينة حادثا دهس هذا العام أسفرا عن عدد من القتلى والجرحى، وفي مدينة برشلونة الإسبانية، قاد أحد الإرهابيين في أغسطس الماضي شاحنته تجاه المارة ما أدّى إلى مقتل وإصابة أكثر من 130 شخصًا.
سلاح الدهس
ويشير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إلى أن استخدام هذا النوع من السلاح «سلاح الدهس بالشاحنات»، لم يكن موجهًا فقط ضد المواطنين الغربيين من غير المسلمين أو كان مقتصرًا استخدامه على التنظيمات الإرهابية، بل استخدمه أيضًا العنصريين واليمينيين المتطرفين ضد المسلمين كما حدث في لندن، حيث قام أحد العنصريين بدهس مسلمين أمام أحد المساجد ما أدّى إلى وفاة شخص وإصابة آخرين.
وأشار إلى أن هذه الوقائع تؤكد أن هناك أمور خمسة يجب أن يعيها العالم وبالأخص الأفراد المسئولين عن مكافحة التطرف والإرهاب، وهي أننا أمام سلاح فعال، وعدد ضحاياه كبير، ومنعه أمر ليس باليسير، والإشتباه به مستبعد، والتنبؤ به أمر غير وارد.
وأضاف أن هذا السلاح يُعد إستراتيجية جديدة اتخذها تنظيم «داعش» منذ فترة وحرض أتباعه على استخدامها، وهو الأمر الذي حذّر منه مرصد الأزهر مرارًا وتكرارًا، ونوه أن تلك الإستراتيجية الجديدة للتنظيم الإرهابي، لا تنم إلا عن همجية وسوء فهم، فما ذنب أولئك الأشخاص الذين يسيرون مطمئنين في أوطانهم أن يجدوا من يقتلهم بلا ذنب ارتكبوه ولا جريمة فعلوها.
المواجهة الفكرية
وأكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن مواجهة هذا النوع من الهجمات والقضاء على منفذيه لن يتحقق بين يوم وليلة، وأن استخدام «العقل» أو «المواجهة الفكرية» هي أُولى سبل القضاء على هذا النوع من الهجمات، فالمواجهة الحقيقية ذات الأثر الإيجابي تبدأ من حيث بدأت الجماعات الإرهابية، فكما سيطر هؤلاء على أفكار من ينفذون تلك الهجمات وأوهموهم بأنهم على طريق الحق والصواب، يجب تفنيد مزاعمهم بالأدلة والبراهين العقلية التي تثبت كذب ما يروجون.
وأشار إلى أن منع انتشار أفكار الإرهابيين الضالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من مختلف الوسائل الإعلامية، تُعد من أهم السبل الناجحة في تطويقها، وأخيرًا تأتي المواجهة الميدانية عن طريق اتخاذ إجراءات حماية إضافية لمنع وقوعها.