ما هو القذر فى قرض صندوق النقد الدولى؟
ذلك القرض الذى طال شرحه وطال الحديث عنه وطاله النقد والعوار من قبل المحللين الاقتصاديين، والذين اختلفوا حوله ما بين مؤيد ومعارض، بعضهم قد رأى أن قيمة ذلك القرض هو أنه سيكون بمثابة الشهادة الائتمانية التى ستمنح الاقتصاد المصرى الثقة والطمأنينة من جانب دول العالم وهو الباب الملكى للاقتصاد المصرى لكل ما يقال من عثرته وينهض من كبوته.
أى إن قيمته ليست فى حجمه ومقداره بل فى مفعوله وآثاره العظيمة على الاقتصاد المصرى الذى يعانى من أزمة طاحنة، ولكن على الجانب الآخر يقف من يعرفون قصة صندوق النقد الدولى ورواياته فى العديد من الدول التى اقترضت منه، وكانت قروضه كالعدم ولم تسمن عن جوع، بل جعلت هذه الدول أكثر فقرا وعوزا، بل إنها قد زادت من همومها وديونها وأعبائها وزادت من معاناة شعوبها حيث أرهقتها بغرض المزيد من الضرائب التى لا تتحملها أجورهم ومرتباتهم، وذلك ضمانا لخدمة فوائد القرض واسترداده.
فالصندوق لا يقرض القرض الحسن، بل يقرض من أجل مصلحته، وهو لا يهتم كثيرا بمعاناة الناس ولا يهمه أن تملأ بطونهم طعاما، ولكن قد يضحى بكل ذلك وبغيره كظاهرة وعلامة صحية للاقتصاد، فإن ذلك التقشف الذى يفرضه على أناس متقشفين هو العلاج أو بمثابة الرجيم والحمية للاقتصاد لكى يتخلص من دهونه الزائدة وترهلاته، وهى توفير متطلبات الحياة السياسية للمواطنين الفقراء، تلك هى فلسفة صندوق النقد الدولى أو إن شئت فقل "النكد الدولى".
لذلك تأتى شروطه على غير هوى الدول ونحن نعلمها، ولكن للأسف قد نقبلها، وذلك عندما تكون المصيبة أكبر لدينا، ونحاول أن نخرج من مأزق أو زنقة شديدة، لذلك تقبلها على مضض بل وتحاول أن تحمل وجهها القبيح، ولعل ذلك هو ما يقف وراء وصف "القذارة" التى عنونت به أحد الصحف العالمية قرض صندوق النقد الدولى لمصر، وأنها تقبله لأنها ليس أمامها خيار، ولكى تفك زنقة، ولا ندرى ما هى بالفعل؟
وماذا يفعل هذا القرض أمام ذلك العجز الهائل، والذى تعجز أمامه القدرات والإمكانيات الاقتصادية؟ ماذا يفعل ويفيد فى اقتصاد يحتضر ومأزوم قد لا تفلح معه هذه الصدمات الكهربائية الضعيفة لكى ما تعيد النبض إلى قلبه، ذلك هو صندوق النقد الدولى وقرضه الذى يوصف بالقذر، ولا ندرى ما هو وجه القذارة المقصود هنا أو الذى يقصده من نعتوه به، ولكن من المؤكد أن لديهم أسبابهم كما هى لدينا، بل نحن الذين سنعاينها ونعايشها.