... وخرجت روسيا عن بكرة أبيها تستقبل مرسى!!
فهمت مما كتبه البعض حول زيارة السيد الرئيس محمد مرسى إلى روسيا، خاصة ما خطه صديقنا عبدالناصر سلامة؛ رئيس تحرير الأهرام، بقلمه تحت عنوان "توفير احتياجات مصر من القمح وتطوير السد العالى والحديد والصلب"، أن كل هذه المسائل كانت معطلة حتى وصل بسلامته محمد مرسى إلى أرض روسيا المباركة خاصة مسألة القمح.
ومسألة القمح لمن لا يتذكر تعتبر واحدة من أهم نقاط نهضة مرسى وجماعته، فقد أعلنوا أننا سنحقق الاكتفاء الذاتى من القمح فى لمح البصر، وها هو مرسى يعلن عن نية جماعته التى قررت فجأة تحقيق الاكتفاء الذاتى الروسى من القمح، وهو نوع جديد من الاكتفاء؛ حيث يكتفى المرء بما يريد من منتج يستورده من الخارج، ويصبح من حقه أن يقول على الملأ أنه اكتفى!!
والمدقق فى هذا المعنى يدرك أن محمد مرسى قد تحوّل فجأة إلى تاجر، فالأصل فيما نشر أننا سنستورد وندفع قيمة ما نستورده، وبالتالى فقد كان لزامًا علينا أن نردد ما قاله جحا "الفلوس فى جيبى والحمير فى السوق".
وفلوس مرسى حاضرة على الترابيزة.. ترابيزة الأمير المفدى.. أمير قطر الذى قالت عنه الصحافة الإسرائيلية: إن ما قدمته بلاده لتل أبيب يفوق ما قدمته بريطانيا صاحبة وعد بلفور.
ومعنى القول: إن الفلوس قروض من قطر والبضاعة فى روسيا، وبالتالى تصبح إنجازات مرسى فى زيارته لروسيا أنه وفّق راسين فى الحلال.. الرأس الأولى شعب يبحث عن لقمة عيش، والرأس الثانية شعب يزرع ويفيض عنه ما يصدره لقاء المال.. إذن أين النتائج المهمة التى حققها المتعوس أو رفيقه "خايب الرجا".
ما تردده وسائل الإعلام عن النجاحات المذهلة دفعت أستاذًا جامعيًّا تابعًا للجماعة إياها أن يقول: إن مرسى حل مشكلة المياه بزيارة واحدة لإثيوبيا، فى الوقت الذى أرسلت فيه الحكومة الإثيوبية الاتفاقية إلى البرلمان، وفى الوقت الذى كان فيه مرسى لا يعرف عن أزمة المياه ما يعرفه عيّل فى ابتدائى، ومثل هذه الإنجازات الوهمية دفعت "بنى آدمين" عاديين من لحم ودم، ولهم نفس التكوين الذى عليه البشر، أن ينشروا كتابًا تحت عنوان "إنجازات مرسى".
هذا الفعل المشين رأينا بعضًا منه عندما كنا ذات مرة بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان مبارك فى زيارة لها.. فى نفس اليوم كان خبر الزيارة على عمودين فى الصفحة الثانية لمعظم الصحف، بينما كان أحد عناوين الصحف القومية "أمريكا تستقبل مبارك اليوم"، وفى متن الخبر ما يفوق تصورات العقل البشرى من نفاق لم يصل إلى حده إلا فى أيام مرسى هذه؛ حيث تعدى مرحلة النفاق إلى مرحلة القلش، أى أنها وصلت إلى حد القول بأن الشعب الروسى خرج عن بكرة أبيه، وملأ الشوارع ورفع لافتات رسم عليها السيفين والمصحف بألوان خضراء، تعبيرًا عن تقديرهم للجماعة التى "خلّفت" الرئيس، واحترامًا وإجلالًا للرئيس الحكيم محمد مرسى العياط.
ومرحلة القلش لمن لا يعرفها هى واحدة من احتجاجات شباب اليومين دول، وهى تطلق على كل نكتة سخيفة أو تعليق غير موفق، أو تدخّل غير محمود، أو قفشة من ذلك النوع الذى يطلقه عصام العريان، أو على أقصى تقدير تعليقات محمد البلتاجى..
المهم أن الحديث عن زيارة استقبلوا فيها رئيس مصر عبر موظف مربوط على الدرجة الثالثة، وركنوه كام ساعة حتى حنّ عليه الرئيس بوتين، وقابله بازدراء أو بلا مبالاة، لو أردنا أن نخفف من حدة إهانة مصر فى شخص مرسى.