رئيس التحرير
عصام كامل

بيزنس «الأطراف الصناعية».. المرضى بين نار «البتر» وجحيم أسعار الشركات الخاصة.. غياب الرقابة على المصانع والشركات.. وعمليات نصب على المرضى في رحلة البحث عن «الطرف الألماني»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

وفقا للإحصائيات هناك ما يقرب من 8 ملايين مريض بالسكر، ومتوقع أن يزيد العدد لــ12 مليون خلال 10 سنوات، وبحسب الدكتور محمد عبدالحميد استشارى القدم السكرى فإن 25% من مرضى السكرى معرضون لإجراء بتر في القدم، سواء بترا صغيرا أو كبيرا، وبخلاف مرضى السكر هناك عشرات الآلاف يتعرضون لحوادث بتر ناتجة عن الحوادث اليومية، فضلا عن الأطفال الذين يولدون بعيوب خلقية، وعدم اكتمال أطرافهم، ومرضى السرطان أيضا نسبة منهم تتعرض لبتر في القدم أو اليد، كل هؤلاء المرضى يحتاجون إلى تركيب أجهزة تعويضية، لكى يستمروا في الحياة أفرادا منتجين لا تؤثر الإعاقة سلبا عليهم.


بحسب المتخصصين في الطب الطبيعى والعاملين في مجال الأطراف الصناعية، هناك مئات الآلاف من المرضى يركبون أطرافا صناعية بآلاف الجنيهات، دون أن تكون صالحة لهم، والسمة الغالبة على مجال الأجهزة التعويضية هي المتاجرة والأرباح التي تصل في بعض الحالات إلى 200 و300%.

الدكتورة رنا الهلالي، أستاذ الطب الطبيعى بجامعة عين شمس، أكدت عدم وجود رقابة على سوق الأطراف الصناعية وعلى جميع الشركات العاملة فيه، مشيرة إلى أن صاحب أكبر شركة تصنيع أطراف صناعية خريج طب بيطري، وليس له علاقة بالمجال نهائيا، وأكملت: الأماكن الوحيدة الخاضعة لإشراف طبى معهد التأهيل الحركى بوزارة الصحة، ومعهد القوات المسلحة فقط، وأغلب الأماكن التي تصنع أطرافا يشتريها المرضى تكون غير صالحة لهم ويرمونها ويخسرون أموالهم فيها، وأغلب العاملين في المجال فتحوا مصانع رغم أنه ليس لديهم خلفية طبية أو فنية أو علمية أو هندسية “كل الموجودين حاليا أي كلام”.

وتابعت: ”الشركات والمصانع تلك تبيع الوهم للمرضى، والمريض يكلف نفسه ويدفع مالا وفى النهاية لا يرتدى الطرف وأحيانا كثيرة يوهمون المريض بأن الطرف ألمانى أصلى وهو صينى فكيف سيعرف؟! فضلا عن عدم تأهيله لارتداء الطرف، لذا يجب تأهيله قبل وبعد تركيب الطرف، ويتعلم كيف يرتديه ويجرى جلسات علاج طبيعي، وفى دول الخارج يحجز المريض في المستشفى فترة لكى يتأهل، بينما في مصر يستلم الطرف من الشركة وتقوله له” معاك ربنا”.

في السياق قال ناصر لطفي، فنى صناعة أطراف صناعية منذ 30 سنة: شارع الساحة من أقدم شوارع الأطراف الصناعية منذ 30 و20 سنة كان يضم “الأسطوات” بينما الآن تحول لبيزنس وكل همهم استغلال المريض.

وأكد أنه لا توجد رقابة طبية وفنية على سوق الأطراف الصناعية، ومعظم العاملين في السوق غير حاصلين على تراخيص وغير مؤهلين للعمل بها، ولكن بهدف الربح السريع حيث تصل الأرباح إلى 200 و300%.

وواصل حديثه: يوجد مصنع حكومى تابع للمعهد القومى للتأهيل الحركى والعصبى منذ عام 1967، يعمل به فنيو أطراف صناعية حيث توجد مدرسة داخل المعهد لتعليم الفنيين، وعلى مدار 50 سنة تخدم المعاقين حركيا.

من جانبها قالت الدكتورة نجلاء جادالله، أستاذ الطب الطبيعى بجامعة عين شمس: أهم المضاعفات التي تنتج عن تركيب طرف غير صالح للاستخدام هي التقرحات والألم وعدم القدرة على السير بالطرف، وأنواع الأطراف متعددة منها ما يحاكى الطبيعى وتصل تكلفته إلى 100 ألف جنيه.

وأكدت أن تركيب الطرف الصناعى يعتمد في الأساس على التكلفة والثمن، قائلة “كله بتمنه” حسب قدرة المريض المالية سواء يرغب في الألمانى وهو الأول في السوق يليه الأنواع الأخرى، موضحة أن مصر بها أكبر نسبة حوادث ينتج عنها حالات بتر كثيرة، إلا أنه لا يوجد إحصاء دقيق لعددهم.

بدوره قال أحمد جلال إخصائى العلاج الطبيعي، مدير إحدى شركات الأطراف الصناعية بالإسكندرية: صناعة الأطراف الصناعية تواجه عدة مشكلات وتحديات، أهمها أن أغلب الشركات العاملة فيها غير خاضعة لإشراف طبي، لافتا إلى أن عددهم ما يقرب من 100 شركة، منهم 5 فقط خاضعون لإشراف طبي، وأشار إلى أن نسبة كبيرة من الشركات يديرها أفراد غير متعلمين، تعلموا فقط مهنة الصناعة، ولأنها مجال مربح ويحقق مكاسب لهم عملوا فيها، لافتا إلى أن الأطراف الرديئة المصنعة في أماكن غير مؤهلة تسبب مشكلات للمريض.

مشيرا إلى وجود أنواع متعددة منها التركى والصينى والمصرى والألماني، لافتا إلى أن الأنواع المتوفرة في التأمين الصحى يتم توريدها من خلال مناقصة تحدد سعرا معينا للطرف، وتتقدم الشركات لتقدم عروضا بأسعار قليلة ويحصل التأمين على الأقل سعرا ويصل إلى 1000 جنيه للطرف تحت الركبة، و1500 للطرف فوق الركبة، ويصنعها المصنع بـما يقرب من 500 جنيه.

وكشف عن غياب الضمير في مجال صناعة الأطراف الصناعية خاصة وأنها تجارة مربحة ومكسبها مرتفع، ويمكن لأى شخص أن يفتح شركة تجارة الأطراف الصناعية ولا يحتاج إلى بطاقة ضريبية وسجل تجارى ومكان.

وحول قائمة أسعار الأطراف الصناعية، قال: بالنسبة للأطراف “تحت الركبة” تتراوح أسعارها من 2 إلى 5 آلاف جنيه، والأكثر جودة يبدأ من 8 آلاف إلى ما لا نهاية، بينما الطرف فوق الركبة يبدأ سعر الأجود من 70 ألفا إلى 130 ألف جنيه، ويتوقف السعر حسب درجات الجودة وإمكانيات الطرف والقدم إذا كانت متحركة أم لا وبلد المنشأ والخامات، بينما أسعار الأصناف الأقل جودة من 7 إلى 10 آلاف، لافتا إلى وجود أطراف ميكانيكية من 15 إلى 20 ألف جنيه، بينما الأطراف الهيدروليكية من 30 إلى 150 ألف جنيه، وهناك أنواع إلكترونية تحاكى القدم السليمة، وتشعر بحركة القدم الأخرى وتكلفتها تبدأ من 30 ألف دولار وتباع في مصر.

وأوضح أن المراكز المتخصصة بها أخصائى العلاج الطبيعى لتأهيل المريض قبل وبعد التركيب، لكى يستطيع المريض القدرة على الحركة، مشيرا إلى أن الأطراف الصناعية معفاة من الجمارك إلا أن التجار ليس لديهم رحمة في الأسعار، وتكلفتها مرتفعة نتيجة تعقيد صناعتها، ويتم تركيبها للمرضى من خلال الجمعيات الخيرية القائمة على التبرعات.

وفى جولة لـ”فيتو” على المراكز التي تعمل في مجال الأطراف الصناعية اتضح أن أسعار الطرف فوق الركبة بلغت في أحد المراكز بالقاهرة للنوع التركى 10 آلاف جنيه، بينما الطرف الألمانى بلغ سعره 21 ألف جنيه، فيما بلغ سعر الطرف تحت الركبة بالنسبة للتركى 6 آلاف جنيه، والألمانى يبلغ 12 ألف جنيه.

على الجانب الآخر أكد الدكتور محمد القرش، مدير المعهد القومى للتأهيل الحركى والعصبى تطوير مركز صناعة الأجهزة التعويضية ليكون أكبر مصنع لإنتاج الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية في مصر، سوف يتم افتتاحه منتصف 2018 القادم. وأوضح أن المعهد يخدم حاليا من 2500 لــ2700 مريض سنويا.

من جانبه قال الدكتور عماد كاظم رئيس المجالس الطبية المتخصصة إنه تم إدراج الأطراف الصناعية مؤخرا في بداية 2017 في قرارات العلاج على نفقة الدولة، من خلال تقرير لجنة طبية ثلاثية من معهد التأهيل الحركى والعصبي.

"نقلا عن العدد الورقي"...
الجريدة الرسمية