رئيس التحرير
عصام كامل

حسام عبدالله يكتب: ومن الحب ما انتحر

حسام عبدالله
حسام عبدالله

طالعتنا الصحف منذ فترة قريبة بحادث أليم، يعكس حالة من عدم الاستقرار العاطفي، الذي يدفع بصاحبه إلى الانتحار.

حيث قام ابن إحدى قرى محافظة الجيزة، بالانتحار شنقا داخل غرفته، حيث وُجِد معلقا بسلك "الدِش"، بعد أن يأس من الوصول إلى محبوبته؛ بسبب خلافات عائلية بينها وبين والدته، فقد تركت زوجته البيت وفرت إلى أهلها في أسوان، وأبت الرجوع إلا بشروطها، وهو ما تعارض مع رغبة والدته.


وهنا سقط العاشق في غياهب الجب حيث وقف عاجزا عن الحصول على محبوبته، التي امتلكت روحه وعقله وفؤاده، فبعد أن شعر بالأمان والاستقرار بجوارها، استيقظ على كابوس الفراق الأسود، وانهارت آماله في الحياة، وأظلمت الدنيا في وجهه، واستحالت الألوان إلى ظلام، وتبدلت الأرض غير الأرض، وشعر بالوحشة والغربة، بل وشعر بالعجز والضعف؛ لعدم قدرته على استرداد محبوبته.

إن الضعف هو أسوأ الأمراض التي تؤذي الرجل في علاقته مع محبوبته، حين يعجز عن تحقيق مطالبها المشروعة في السعادة، والشعور بالأمان معه، وحين يضعف عن القرب من محبوبته لوجود حائل منيع، فإنه يصل إلى أقصى درجات الإحباط، التي قد تؤدي إلى تفكيره في الخلاص من حاله، حيث يجد في الانتحار حلا لعذاب روحه، ووجع الفؤاد.

إن الانتحار في مثل هذه الحالات هو بمثابة الصعود إلى قمة المشكلة، ثم القفز من فوقها، فحين يكون الارتباط شديدا بين الحبيبين، والظروف الحائلة سدا منيعا عاليا، يتولد اليأس، أو كما يقال: «ضُمنة» أو «كش ملك.. مات»، فيقرر العاشق في هذه اللحظة، أن يلملم ما تبقى من أوراقه ويرحل، يرحل بعيدا إلى عالم- وفق ظنه- يخلو من الأوجاع والآلام.

إن اختيار الانتحار، ينظر إليه العاشق على أنه "الخلاص"، في حين ينظر إليه الدين والمجتمع على أنه ضعف، وكفر بقضاء الله وقدره، وهذه حقيقة، فإن الحلول لم تُعدَم من هذا الكون، ولكل مشكلة حلها، وعلينا إذ ذاك أن نتحلى بالصبر، والرضا بقضاء الله.

فإن الانتحار حل غير مشروع في الواقع، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يلجأ إليه الإنسان، تحت أي ضغوط؛ إذ إن الحياة متشابكة جدا، ووجود المشكلات بها أمر طبيعي، فما علينا إلا البحث عن الحلول، والصبر على المصاب، خاصة مرافقة الأحباب.
الجريدة الرسمية