رئيس التحرير
عصام كامل

ثورة ٢٥ يناير.. والإرهاب


سوف يمضي وقت طويل حتى يمكن تقويم ثورة ٢٥ يناير -والآثار التي ترتبت عليها- على الوجه الأشمل والأكمل.. لقد كانت حدثًا مهمًا في تاريخ مصر، مثلت لحظة انفجار لغضب محصور في صدور قطاعات بعينها من الشعب المصرى.. وكانت فرصة ثمينة لكل فصائل التيار الإسلامي، والأحزاب الرسمية لمراجعة حساباتها ومواقفها، وترتيب أوراقها للتوافق مع متطلبات المرحلة الجديدة، لكنَّ شيئًا من ذلك لم يحدث، وظل كل شيء -كالعادة- على ما هو عليه.. في تلك الفترة، تكلمت كثيرًا مع بعض الإخوان، أن يغتنموا الفرصة لتغيير لائحتهم الداخلية، وإعادة النظر في هياكلهم التنظيمية ولجانهم النوعية، وتفعيل مجلس الشورى العام الخاص بهم، فضلا عن ضرورة اختيار قيادات جديدة تناسب وتلائم طبيعة المرحلة، عبر انتخابات حقيقية وليست صورية.. لكن للأسف، ذهبت جهودي أدراج الرياح، وكما يقال: قد أسمعت إذ ناديت حيا.. ولكن لا حياة لمن تنادى!


وغنى عن البيان أنه عقب ثورة ٢٥ يناير مباشرة برز أسوأ ما فينا؛ الانتهازية، الانفلات القيمى والأخلاقى، الفوضى، التراخى، والإهمال..إلخ.. وكان واضحًا أن الثورة كانت فرصة ذهبية لفصيل، أو بالأحرى فصائل، من المخربين والغوغاء والدهماء للقيام بعمليات السلب والنهب والتخريب والتدمير، ناهينا عن عمليات الاعتداء على النساء.. من ناحية أخرى، كانت فرصة ثمينة أيضًا للتيار الإسلامي بجميع فصائله كى يخرج من الجحور، ويعلن عن نفسه في سفور.. وقد رأينا رايات سوداء ترفرف في ميدان التحرير، وغيره من الميادين، تؤكد وجود مجموعات تابعة لتنظيم القاعدة وغيره من التكفيريين.. وخلال الـ١٨ يوما، ثبت أنه كانت تجرى عمليات تجنيد لشباب عادى كى ينضم لهؤلاء الخوارج الجدد..

وبشكل عام، لم يكن الشباب المشارك لديه علم ولا فقه ولا إدراك لما تحتاجه الثورة، ولا فهم لما يناسبها من رؤى وأفكار ووسائل وأدوات وآليات كى تصل إلى أهدافها الصحيحة.. كان هم فصيل الإخوان -على سبيل المثال- انتهاز الفرصة ليصعد على عجل فوق أكتاف الجميع إلى سدة الحكم، متصورًا أنه يستطيع أن يحقق غاياته التي سعى إليها عبر عقود طويلة من الزمن.. كان هناك خلط عجيب ومذهل بين الدين وثوابته العليا، والسياسة التي هي بطبيعتها متغيرة؛ بين الدعوة والتربية والارتقاء القيمى والأخلاقى والإنسانى للمجتمع، والعمل السياسي الذي يستهدف بطبيعته المنافسة على السلطة.. ومن هنا كانت الكارثة!!

ومن الأسف أن نقول إن صعود الإخوان ووصولهم إلى السلطة في مصر، أتاح للخوارج الجدد (القاعدة والدواعش فيما بعد) الوجود والتحرك في مصر على أوسع نطاق ممكن، علاوة على الإفراج عن قياداتها الموجودة في السجون، والآخرين الذين كان يتم التحقيق معهم آنذاك.. ناهينا عن السماح لهم بإقامة معسكرات في سيناء، ووصول كل أنواع السلاح إليهم.. وقامت ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لتصحيح أوضاع كارثية، وأطيح بحكم الإخوان بعدها بأيام، وكان اعتصام رابعة والأسلحة التي كانت فيها، ثم ما حدث بعد فض الاعتصام من تخريب وتدمير وعنف وإرهاب مستمر، تماهى فيه الإخوان مع الخوارج الجدد، وهو ما يمثل أكبر الكوارث والمصائب التي حلت بمصر.
الجريدة الرسمية