هل يمكن إعادة بناء ثقافة الجماهير؟
هل يمكن إعادة بناء ثقافة الجماهير؟ سؤل أطرحه على المهتمين بالثقافة في مصر وعلى المثقفين الحقيقين ولكنى في اعتقادى ومن خلال قراءتى أتوقف عند مفهومين الأول: مفهوم الهوية الوطنية وقد كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة في أوساط من لا يفهمون بحديث غير دقيق ولا معبر عن هذا المصطلح، بل أقيمت المؤتمرات والندوات والمجالس عن هذا الموضوع على سبيل الشو الإعلامي وليس على صعيد التخصص، وقد كتبت مقالات سابقة عن هذا المفهوم بالتفصيل، أما المفهوم الثانى هو: الهوية الثقافية وهذا هو مربط الحديث إذ أردنا بصورة واقعية وإذا كانت هناك إرادة عامة لبناء ثقافة الجماهير، بل إذا كانت هناك إرادة حقيقية لبناء عملية التنمية والتحول الاجتماعى إلى الأفضل، لأنه إذ لم يتم الحفاظ على الهوية الثقافية من خلال مفهوم التنمية بمعناه الواسع فستظل هناك أحجار وصخور تعوق مسيرة التنمية، وقد ينتج عنها إشكاليات معقدة تطمس الهوية الثقافية للمجتمع بصورة كبيرة.
فالبعد الثقافى في التنمية الاجتماعية بعدا مهما يتطلب الوقوف عنده، فالهوية الثقافية الحقيقية وبمعناه الدقيق تستطيع أن تسهم في بناء وتقدم التنمية بكل أنواعها، كما تستطيع الهوية الثقافية إعادة إحياء ثقافة الجماهير والوعى الجماهيرى بمفاهيم عديدة ومهمة في بناء الشخصية المصرية، وما نراه الآن من ثقافات دخيلة علينا التوقف أمام ذلك المشهد الخبيث الذي يتم بناءه من سنوات وسنوات كالسوس الذي ينخر في العظام وعلى الجميع الانتباه إلى أنه يتم إحلال ثقافات دخيلة محل الثقافة الوطنية الحقيقية وأقصد بالثقافة الوطنية التي تأتي من أعماق التاريخ وتبعد عن الخرافات والتراث العقيم، وتتخطى الشعارات الوهمية والبعد عن الذاتية والتمسك بموضوعية الأحداث، فالهوية الثقافية هي حجر الزاوية لوحدة المجتمع وبناءه بناء حقيقيا.
بل تستطيع الهوية الثقافية الأصيلة أن تبني جسورًا للتواصل مع ثقافات مختلفة في ظل آليات العصر دون تغريب ودون أحادية الرؤية والفكر ويكون العنوان الأكبر لإعادة إحياء الهوية الثقافية هو الوحدة في التنوع أي تكون واحدة ولكنها تقبل وتحترم التنوع وتتحاور معه، ومن ثم تعمل على إعادة إحياء ثقافة الجماهير التي طمست في ظل مؤسسات ثقافية تدرك أن دورها كيفية الحفاظ على البيروقراطية وكيفية الاحتفاظ بمكان كل مسئول حفاظًا على المنافع المادية، فالهوية الثقافية جزء أصيل من الهوية الوطنية يجب النظر إليها بعين الاهتمام من خلال ربطها بمفهوم التنمية الحقيقية.