رئيس التحرير
عصام كامل

هدف الإخوان وسبب وجودهم


كان الهدف الواضح الذى وضعته جماعة الإخوان المسلمين، أو وُضِعَ لهم، منذ تأسيسها هو ضرب المشروع الوطنى المصرى فى مقتل، فمنذ النهوض الأول للحركة الوطنية فى مصر على يد الزعماء السياسيين الأوائل أمثال مصطفى كامل وسعد زغلول فوجئ المحتلون البريطانيون بتوحد كل أطياف الشعب المصرى خلف هذه الشخصيات الرائدة.


وتأسيس مفهوم الهوية المصرية والحس القومى فى نفوس المصريين لأول مرة فى تاريخهم، فكانت منطلقا لحركة التحرر المصرية الكبرى والتى وصلت إلى مستوى نوعى وعالمى راقٍ، وتجلت قمتها فى أحداث ثورة ١٩١٩، وشكلت خطرا استراتيجيا على استمرار الوجود البريطانى فى مصر ذاته، بعد أن تحولت إلى كيان جامع فاعل مكتمل، يضم جميع فصائل الأمة بغير تجزئة ولا إقصاء.

ونجحت بوحدتها فى نقل القضية المصرية إلى الساحة الأوربية منتزعة وعدا باستقلال مصر، بالإضافة إلى امتداد تأثير حركة التحرر السياسى إلى الحالة الحضارية للمجتمع المصرى، فتأسست نهضة اجتماعية كبرى شاملة فى كل أنحاء البلاد، وظهر رواد كبار عظام فى كل مجالات المجتمع بغير استثناء.

فاتخذ المحتل البريطانى من مفهوم الوطنية المصرية عدوا، وتعاون مع جماعة الإخوان الوليدة ابتداء من عام ١٩٢٨ على أساسٍ من المصلحة المشتركة ووحدة الهدف، فلقد علم مؤسسها حسن البنا أنه لا أمل له ولا موضع فى مصر لجماعته مع بقاء مفهوم الوطنية المصرية والتى يسعى إليها كيان الوطن كله مكتملا.

فى الوقت الذى أسس جماعة الإخوان كأقلية مناوئة تضم فصيلا واحدا، وتقصى كل فصائل الوطن وتكفرها، وتسعى وتهدف للتمكين والمغالبة على الآخرين، فكان هدف المحتلين وهدف البنا واحدا، بعدها بدأت خطة التمكين والمغالبة تعمل ضد تطور المشروع الوطنى، فلم يمهل القدر البنا حتى قُتِل.

تعثر وقتها مشروع التمكين والسيطرة الإخوانية، فتلقفته حركة الجيش لستة عقود من الزمان، حتى تم استدعاؤه من جديد إبان ثورة يناير وظهور الحراك الثورى الوطنى والحس القومى من جديد، فتم التمهيد لحكم الجماعة لاستكمال المخطط لها، ومُكنت بالفعل من قصر الرئاسة، فكان أول ما فعلته هو ضرب القوى الوطنية بضراوة، وإيقاف الحراك الثورى الوليد، وما كان ذلك بغريب، فلهذا أُسِّست الجماعة، ولذلك الهدف كانت تسعى منذ ثمانية عقود!

الجريدة الرسمية