رئيس التحرير
عصام كامل

الحكم بعدم دستورية المادة 624 من قانون التجارة فيما يخص أمين التفليسة

 المحكمة الدستورية
المحكمة الدستورية العليا

قضت المحكمة الدستورية العليا،برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق بعدم دستورية البند رقم (4) من المادة (624) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999.


وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن المشرع يهدف من تقرير نظام الإفلاس في إطار قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 إلى وضع نظام محكم لتصفية أموال المدين المفلس وتوزيعها بين دائنيه توزيعًا عادلًا ينال به كل منهم قسطًا من دينه دون تزاحم أو تشاحن بينهم، فضلًا عن تزويدهم بالوسائل القانونية الكفيلة بتمكينهم من المحافظة على أموال مدينهم وإبطال التصرفات التي تصدر منه بعد اضطراب مركزه المالى؛ عن رغبة في تبديدها أو إقصائها عن متناولهم.

واشارت إلى أن هذا النظام يرعى المدين بالأخذ بيده وإقالته من عثرته متى كان إفلاسه غير مشوب بتدليس أو تقصير، مع قصر التجريم على التفالس بالتدليس أو التقصير، وذلك كله بقصد تقوية الائتمان وتدعيم الثقة في المعاملات التجارية، وهو ما أدى بالمشرع إلى تنظيم المسائل المتعلقة بتعيين أمين التفليسة واختيار أحد قضاة المحكمة قاضيًا لها، من أجل حسم المنازعات التي تثور خلال سير إجراءات التفليسة على وجه السرعة ؛ بما يحفظ للدائنين حقوقهم ويمكن المدينين من سداد ديونهم استقرارًا للمعاملات وحماية للاقتصاد القومى.

واضافت أن المشرع استحدث في قانون التجارة المشار إليه نظام مراقب التفليسة؛ وهو أحد الدائنين، لضمان الرقابة الفعلية والجادة على أعمال أمين التفليسة.

وتابعت المحكمة إن قضائها جرى على أن حرية التعاقد قاعدة أساسية يقتضيها الدستور صونًا للحرية الشخصية التي لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان على البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التي ينبغى أن يملكها كل شخص، فلا يكون بها كائنا يُحمل على ما لا يرضاه.

وأكدت أن حرية التعاقد فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فهى كذلك وثيقة الصلة بالحق في الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي ترتبها العقود - المبنية على الإرادة الحرة - فيما بين أطرافها؛ بيد أن هذه الحرية - التي لا يكفلها انسيابها دون عائق، ولا جرفها لكل قيد عليها، ولا علوها على مصالح ترجحها، وإنما يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها - لا تعطلها تلك القيود التي تفرضها السلطة التشريعية عليها بما يحول دون انفلاتها من كوابحها ويندرج تحتها أن يكون تنظيمها لأنواع من العقود محددًا بقواعد آمرة تحيط ببعض جوانبها.

واشارت إلى أن هذه القيود لا يسعها أن تدهم الدائرة التي تباشر فيها الإرادة سلطانها، ولا أن تخلط بين المنفعة الشخصية التي يجنيها المستأجر من عقد الإيجار - والتي انصرفت إليها إرادة المالك عند التأجير - وبين حق الانتفاع كأحد الحقوق العينية المتفرعة عن الملكية.

ولفتت المحكمة إلى إن ما تقدم مؤداه، أن النص المطعون فيه، أنشأ حقوقًا - بعيدة في مداها - منحها لأمين التفليسة، واختصه دون مسوغ، واصطفاه في غير ضرورة، بتلك المعاملة التفضيلية، متجاوزًا بها الشرط المانع من التنازل أو التأجير من الباطن، بما يلحق بالمؤجر وحده الضرر البين الفاحش، حال أن دفع المضرة أولى اتقاء لسوءاتها وشرورها، ولأن الأصل حين تتزاحم الأضرار على محل واحد، أن يكون تحمل أخفها لازمًا دفعا لأفدحها.

وأكدت أنه لا ينال من ذلك أن النص المطعون فيه قد رهن ممارسة أمين التفليسة وقاضيها لهذه السلطة الفعلية الممنوحة لهما بعدم الإضرار بالمؤجر، إذ لم يحدد الجزاء على مخالفة هذا الالتزام، كما خلا التنظيم الذي أتى به المشرع من تحديد وجه المصلحة الجدية المبررة له، ومفتقدًا للضمانات التي تكفل حقوق المؤجر الناشئة عن عقد الإيجار، وتحقق التوازن بين أطرافه، وكان ينبغى - من ثم - أن يترسم النص المطعون فيه تلك الضوابط التي تتوازن من خلالها العلائق الإيجارية بما يكون كافلًا لمصالح أطرافها، غير مؤد إلى تنافرها، ليُقيمها على قاعدة التضامن الاجتماعى التي أرستها المادة (8) من الدستور.

واشارت إلى أن هذه المادة ارست قاعدة مؤداها وحدة الجماعة في بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، واتصال أفرادها ببعض ليكون بعضهـــــــــــــــــــــــــم لبعض ظهيرًا، فلا يتفرقون بددًا، أو يتناحرون طمعًا، أو يتنابذون بغيًا، وهم بذلك شركاء في مسئوليتهــــــم قبلها، لا يملكون التنصل منها أو التخلى عنهـــــــــــــــــــــــا وليس لفريق منهم بالتالى أن ينال قدرًا من الحقوق يكون بها- عدوانًا - أكثر علوًا، ولا أن ينتحل منها ما يخل بالأمن الاجتماعى.

وقالت إن النص المطعون فيه قد خالف الأحكام المنصوص عليها في المواد (8 و27 و35 و53 و54 و92) من الدستور.
الجريدة الرسمية