رئيس التحرير
عصام كامل

مصطفى محمود يكتب : السم والعسل في الحب

مصطفى محمود
مصطفى محمود

في مجلة صباح الخير عام 1957 كتب الدكتور مصطفى محمود مقالا عن الحب الصحيح قال فيه: إن علاقاتنا بعضنا البعض مشوهة لأن مجتمعنا يتصارع ويدخل كل اثنين فيه في سباق غير شريف، وكل واحد شعاره أريد أن أفوز، وشعاره أيضا أنا ثم أنا.


والنتيجة أن حبنا يمسخه الغرور والأنانية والكبرياء والأمراض النفسية، حبنا مجرد علاقة ينفث كل منا فيها سمه وعسله وما أكثر السم، وما أقل العسل.

وكيف تفسر عواطف رجل لا تحركه إلا زوجات الآخرين ؟ أتكون هذه العواطف حبا، لايمكن أنها نوع من المبارزة تنتهى فورتها بمجرد الانتصار، والزوجة في هذه اللعبة مجرد مادة لغروره.

وقد يظل الزوج يكره زوجته حتى يغازلها رجل آخر فيهتاج ويثور ويغلق عليها الأبواب ويبدأ مغازلتها..أيكون هذا الحب الفجائى حبا..لا..أنه مجرد كرامة.

أين الحب إذا..اين هو تحت ركام هذه العقد، أنه موجود مثل الماء في باطن الأرض يجب أن تدق عليه ماسورة فينفجر في ينبوع لا ينضب.

الحب إحساس جاهز فطرى في داخلنا ينمو إذا واتته الظروف، وهو يضيع ويفقد في اللحظة التي يبدأ فيها الاثنان يصنعانه صنعا كما تصنع الأدوية التركيب

يبدأ بإحساس فطرى بالمسرة والفرح والارتياح لمجرد التلاقى بدون الحاجة إلى كلام، يأخذ كل حبيب ويعطى من ذاته لحبيبته دون أن يدرى ويأخذ في التضحية دون أن يدرى أنه يضحى.

كل منهم يعطى ولا يطلب ولا يجد حاجة إلى الكذب لأنه يحس بالأمان ويحس أنه وجد سكنا يأوى إليه ويستريح حيث الظل والماء والطعام والفراش المريح.

وهناك حب حقيقى، توجد لذة من نوع آخر غير لذة الصداقة والانسجام العقلى، لذة هي مزيج من السخونة والتنميل، ونوم مؤقت في التفكير يبعث في الجسد الاسترخاء، وفى الجسد التلذذ ويجعل الكلام والضحك شبيهان بالاحتقان.

وهناك حب حقيقى عنيف يمكن أن تؤدى القبلة ما تؤديه لذة جنسية كاملة، ويمكن أن تكون لمسة اليد شيئا لذيذا ممتعا.

والحب الصحيح خال من الغرض، إنما تأتى الأغراض فيما بعد..حينما يحس كل حبيب أنه عاجز عن الحياة بدون الآخر، وأنه في حاجة إليه كل يوم وكل لحظة ولا وسيلة إلى ذلك في مجتمعنا إلا بالزواج.
الجريدة الرسمية