رئيس التحرير
عصام كامل

محمود أبوحوش يكتب: الحلم أضحى كابوسًا استقلال كتالونيا وتسلط مدريد

محمود ابوحوش
محمود ابوحوش

طالما كانت الدول الدول ذات الطابع الديمقراطي أمثال الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا تتسم بنظام حكم فيدرالي الذي يعتمد على اللامركزية بين الوحدات المحلية والسلطة المركزية أي أن كل ولاية أو إقليم له استقلاله الذاتي في الأمور الحياتية ولة حكومة محلية وبرلمان لإدارة الشئون داخل الإقليم. أما فيما يتعلق بالعلاقات السيادية الخارجية للدولة فهذه تكون من اختصاصات الحكومة الفيدرالية (الحكومة المركزية). 

ولكن ماحدث في الأيام الأخيرة من تضارب بين الحكومة المحلية أو حكومة إقليم كتالونيا والحكومة المركزية من شدة التصعيد بين الطرفين فكلا منها يري أنه يطبق الدستور من وجهة نظرة فكتالونيا تريد الاستقلال وفي حين تري مدريد أن إقليم كتالونيا هو جزء لا يتجزء من الوحدة الإسبانية وعلي تلك الرؤى حدثت التصعيدات بين الطرفين من أجل تحقيق هدفه.

وبالتالي أعلن البرلمان الكتالوني تفعيل استقلال كتالونيا عن إسبانيا نهائيا وكان ذلك نتيجة موافقة 70 عضو داخل البرلمان ورفض 10 وامتناع 2 وبالتالي فإن هذا القرار كان له رد فعل عنيف في صورة تصريحات شديدة اللهجة من رئيس وزراء إسبانيا الذي قرر :-
1 – سحب سلطة حكومة الإقليم وإقال رئيسها ودعوة مسؤولين من الحكومة للامتثال أمام القضاء.

2- حل برلمان الإقليم لحين إجراء الانتخابات في 21/10/2017.

3-إقالة رئيس الشرطة المحلية بالإقليم وتعيين نائبة رئيسا لشرطة الإقليم.

وبصدد هذه التصريحات التي أصدرها رئيس وزراء حكومة مدريد كان قد تم تفعيل المادة 155 من الدستور الإسباني بتعليق الحكم الذاتي بالإقليم وبالتالي تكون مدريد فعلت سلطات دستورية لم تستخدمها من قبل في الإقليم وبالتالي فكان هناك ردا للإقليم شعبا وحكومة فقد تجمع الشعب في مظاهرات حاشدة لتأييد انفصال كتالونيا عن مدريد والهتاف برفض تصريحات رئيس وزراء الحكومة المركزية.

على الجانب الآخر فقد تجمعت مظاهرات في نفس التوقيت في العاصمة مدريد ترفض استقلال الإقليم وتدعم وحدة إسبانيا.

أما بالنسبة لرد حكومة الإقليم على تلك التصريحات فقد أعلن نائب رئيس حكومة الإقليم (أوريولجولكيراس ) بأن كارليسبوتشيمون رئيس حكومة الإقليم مستمر في منصبة كرئيس للإقليم وان (كارمي فوركاديل ) هي رئيسة البرلمان ولايجوز الخضوع لتصريحات الحكومة المركزية. ورفض الدعوة القضائية التي أصدرتها المحكمة الإسبانية العليا بحصوص امتثال مسؤولين من حكومة الإقليم أمام القضاء.

وكانت المحكمة الإسبانية العليا قد أصدرت قرار بالحجز على مسؤليين بحكومة الإقليم مؤيدين لقرار الانفصال ودعوة رئيس الإقليم أيضا بالامتثال أمام المحكمة في أن بوديشمون قد أعلن يوم الثلاثاء 31/10 /2017 في مؤتمر صحفي ببلجيكا بصحبة وفد من حكومته حيث قال أنه لن يعود إلى بلاده ما لم يحصل على ضمانات من قبل حكومة مدريد على أن تكون الإجراءات المتخذة عادلة.

وكان وزير الهجرة البلجيكي ( نيو فرالكين ) في تغريدة له على تويتر قال فيها أن من الممكن اللجوء إلى بلجيكا في إطار قضية أوروبية مشيرا أن بلاده لا تسعي لهذا السيناريو. وكانت النيابة العامة في مدريد قد أصدرت مذكرة توقيف أوروبية بحق كارليسبو دي شمونفي نتيجة لعدم امتثاله وعدد من أفراد حكومته أمام القضاء.

موقف الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا من قرار الانفصال:-

أولا :- الولايات المتحدة الأمريكية
فقد قالت المتحدثة باسم الرئاسة الأمريكية (سارة ساندرا ) أن البيت الأبيض يشارك الخارجية في موقفها الرافض لانفصال الإقليم وأكدت دعم الولايات المتحدة الأمريكية لوحدة إسبانيا. وكان من الطبيعي أن ترفض الولايات المتحدة الأمريكية هذا القرار باعتبار أنها دولة فيدرالية كل إقليم له استقلاله الذاتي في إدارة شؤونه الحياتية وإذا ما دعمت هذا الانفصال قد تذرع بذرة الانفصال داخل اقاليمها في المستقبل وبالتالي سوف يؤثر سلبا عليها.

ثانيا :- كندا
كان موقف كندا رافضا لهذا القرار ودعمت الحوار بين مدريد وكتالونيا وكان رئيس وزراء كندا (جاستنترودو) قد دعي إلى استبعاد العنف بين الطرفين أيضا يتشابة موقف كندا مع الولايات المتحدة الأمريكية بعتبارأن لديهم أقاليم تخضع للحكم الذاتي الداخلي.

ثالثا:- الدول الأوروبية
تعد الدول الأوروبية هي أكثر الدول التي ينعكس تأثير هذا الاستقلال عليها بالسلب ولذلك لأن هناك العديد من الإقاليم التي تريد أن تخوض تجربة كتالونيافي الانفصال.فعلي سبيل المثال بريطانيا تكرر لديها نفس السيناريو في استفتاء استقلال اسكتلندا ولكن كانت النتائج لصالح بريطانيا ولكن تنتظر استفتاء آخر جديد في السنة القادمة لـ أيرلندا الشمالية التي تريد أن تحقق استقلاها وبالتالي لن تدعم هذا الانفصال حتى لايؤثر عليها. نأتي إلى فرنسا التي يوجد بها أقاليم تريد الاستقلال خصوصا. كما أن إقليم كتالونيا في محيط يمتلئ بالرغبة الانفصالية في كل من إيطاليا بالإضافة إلى منطقة فلاندرز في بلجيكا وجزر فارو بالدنمارك.

السيناريوهات المتوقع حدوثها في هذا الصدد
على الرغم من أن أزمة إقليم كردستان كانت سابقة لإقليم كتالونيا إلا أن الأولى قد بدأت تهدأ بعض الشيء في حين استمرت الثانية في التصعيد على عكس التوقعات السابقة لهما وبالتالي فإن أزمة كتالونيالا نستطيع أن نحكم عليها أنها قد انتهت سواء بإعلان الاستقلال من جانب واحد من قبل حكومة الإقليم أو بتفعيل المادة 155 من الحكومة المركزية بإلغاء الحكم الذاتي على الإقليم.

الخلاصة
شتان ببن حالة كتالونيا في إسبانيا وكردستان العراق فعلي الرغم من أن مدريد مارست سلطويتها على الإقليم إلا أنها لن تستطيع أن تخمد رغبة المواطنين الكتالونيين.
الجريدة الرسمية