مقالان بعد الخصم
بدأ نوفمبر ليُذكرنا باقتراب الشتاء، وهي المناسبة التي جعلت بعض المحال تعلن عن خصوماتها على ملابس الصيف المنتهي لتشجعك على الشراء، فتعرض عليك الحصول على قطعتي ملابس بسعر قطعة واحدة، وهي الفكرة التي سنطبقها اليوم لتحصل على مقالين بسعر مقال واحد.
المقال الأول: عندما يصيب الدمار صمامات أوردة الساق، فإن الدماء تخالف مسارها الطبيعي وتتحرك بشكل عكسي فتظهر "الدوالي"، وهي ليست مصغر "دولة"، لكنها تُشير إلى أن غياب المسار الطبيعي لتدفق المعلومة يجعل انتشار الشائعات وتصديقها تلبية لاحتياج أكثر من كونه تنفيذًا لمؤامرة.
لا نستطيع استنطاق الأحجار والصخور وإلا استمعنا بأنفسنا لما عاصرته من بطولات شهدائنا في الواحات، لذا كنا يومها في انتظار البيانات الرسمية التي تأخرت كثيرًا، لدرجة جعلت تربة الإنترنت خصبة لازدهار الأكاذيب التي لم تتوقف حدتها إلا فور إصدار بيان رسمي عن ملابسات الحادث أوضح أعداد الشهداء.. وهو الأمر الذي تم التعلم منه لاحقًا عبر إصدار سريع ووافِ للبيان الرسمي حول عملية تعقب الإرهابيين وتحرير النقيب محمد الحايس، وذلك لمنع تداول الأخبار المغلوطة.
رواج الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي يجبرنا على قراءة الإحصائيات التي تُشير إلى أن أكثر من ثلث سكان مصر يتواجدون عبر هذه المواقع، وهو رقم يزيد على تعداد سكان أكثر من مائة دولة، لذا علينا إدراك أهمية العمل على مخاطبة جمهورها وتشكيل إدراكهم وحماية أمنهم الفكري من التضليل الذي يمكن أن ينطلق من "تدوينة" واحدة يتداولها آلاف المستخدمين لتسهم بدورها في تكوين صورة سلبية عن شخص أو مؤسسة أو الدولة بأكملها.. ولمنع الشائعات علينا بناء تواجد قوي لمؤسساتنا المختلفة عبر هذه المواقع بجانب توفير المجال لتدفق المعلومات الصحيحة حتى لا تخالف الدماء مسارها الطبيعي.
المقال الثاني: بعيدًا عن فيلم (نهر الحب) حيث تمتزج مشاعر العشق مع الإحساس بالظلم، فبقية الأنهار تقطع طريقها لتصنع ضفتين، قد يقف عليهما الخصوم لا أمل في التلاقي، لكن يمكن أن تجذبك "النداهة" فتجد نفسك تائهًا وقد بدأت قطع الطريق بين الضفتين وألقيت نَفسك في الماء غير عابئ في محاولة مميتة للوصول إلى الضفة الأخرى.
صفحات إسرائيلية تخاطب المصريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحاول جذبهم إلى الضفة الأخرى لإغراقهم في وحل النهر، بعضها يستخدم "الكوميك" أو الصور الساخرة المقتبسة من لقطات لأفلام مصرية ليكتبوا فوقها تعليقات مهينة لمصر وتاريخها بهدف بث اليأس والإحباط بين زوار هذه الصفحات من المصريين وإعطائهم رسالة مفادها أنه لا أمل لديهم في المستقبل، وأن حاضرهم مظلم، وتاريخهم مزور.. احذروا "النداهة" فحتى إذا كان حاضرنا صعب فالتاريخ أنصف مصر علی الجميع في أوقات أكثر صعوبة.
الآن يمكن لك أن تحصل على المقالين بعد الخصم، لكن تذكر أن منع الشائعات، وبناء وعي وإدراك مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لا يقل أهمية عن محاربة الإرهاب.