رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. حكاية «جحيم الأطفال» على يد مقاولي الأنفار في شرق العوينات

فيتو

أطفال سُرقت طفولتهم.. أعمارهم تتراوح ما بين الثامنة والخامسة عشرة.. جميعهم جلبهم الفقر من مناطق بعيدة ليعملوا في ظروف قاسية يتخللها الذل والقهر وانعدام الإنسانية، متحملين كافة أشكال التعب والقسوة كي يتمكنوا من تدبير نفقاتهم وتخفيف العبء الواقع على أسرهم.


أكثر من 500 طفل يعملون دفعة واحدة في مزارع شرق العوينات، التي تقع في أقصى المنطقة الجنوبية بالصحراء الغربية بنطاق محافظة الوادي الجديد، التي يوجد بها نحو 19 شركة زراعية تعمل جميعها في زراعة المحاصيل، وتعتمد جميعها على المعدات الزراعية والعمالة الكثيفة، خاصة في مواسم زراعة الفول السوداني وجمع البطاطس وتعتبر واحدة من أكبر المناطق التي تحتضن عمالة الأطفال الفقيرة في مصر.

وتعتمد هذه الشركات الزراعية التي تقع على الحدود الليبية والسودانية في موسم الحصاد على مقاولي الأنفار الذين يتعاقدون معهم سنويا لتوفير العمالة التي تساعدهم في جمع البطاطس والفول السوداني والمحاصيل الأخرى التي تحتاج إلى عمالة كثيفة، حيث يكون مهمة هؤلاء المقاولين جمع أكبر عدد من الأيدي العاملة ذات الأجور الرخيصة، الذين يوافقون أيضا على العمل في هذه المنطقة الجبلية التي تقع في حضن الصحراء.

يلجأ مقاولو الأنفار عادة إلى طرق غير مشروعة للحصول على العمالة اللازمة للعمل في هذه الشركات وذلك عن طريق استقطاب الأطفال الصغار المتسربين من التعليم الذين يعيشون في القرى الصغيرة بمحافظات الصعيد كالمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر مستغلين ظروفهم الأسرية وحاجة أهاليهم إلى المال، حيث يتم تجميع هؤلاء الأطفال في سيارات ربع نقل ويتم جلبهم إلى مدينة الخارجة ثم يقطعون مسافة 560 كيلو مترا مستقلين عددا من الأتوبيسات التي تنقلهم إلى منطقة شرق العوينات.

بمجرد وصول هؤلاء الأطفال الصغار إلى منطقة شرق العوينات، تبدأ رحلة العذاب الخاصة بهم، ويفاجئ هؤلاء الأطفال بعدم وجود مسكن ملائم لهم نظرا لعددهم الكبير، حيث يتم إقامة مخيمات ينامون بداخلها على الأرض، كما يتم تقديم وجبات الفول والحلاوة الطحينية والمربى لهم طول يوم عملهم، بالإضافة إلى أن بعضهم يتعرض لوسائل شتى من التعذيب البدني والنفسي فهناك من يتعرض منهم للضرب والتوبيخ وهناك من يحرم من الطعام وهناك أيضا من يتعرض للعمل الإضافي بدون مقابل أو يخصم منه عدة أيام عمل.

محمد علي يماني، رئيس مجلس إدارة إحدى الجمعيات الحقوقية بالوادي الجديد، أكد أن عمالة الأطفال بمنطقة شرق العوينات تحتاج إلى تدخل من الجهات الحكومية لمنع هذه الانتهاكات التي تمارس ضد الأطفال الصغار الذين لم تبلغ أعمارهم الخمسة عشر عاما، لافتا إلى إن هناك مئات الأطفال يعملون بهذه المزارع جميعهم متسربين من التعليم ومن أسر فقيرة مُعدمة، مشيرا إلى أن مقاولي الأنفار يجلبون هؤلاء الأطفال للعمل ولا يعطوهم حقوقهم، لافتا إلى أنه سبق وصادفنا أطفال صغار مشردين بواحة الداخلة استغلهم هؤلاء المقاولين في أعمال زراعية لفترة تزيد على شهر كامل وقاموا بتعذيبهم وضربهم ولم يعطهم أجورهم وألقوهم في الصحراء، مشيرا إلى أن أهل الخير من المواطنين قاموا بتوفير الأموال والمسكن والملبس والتواصل مع أسرهم لإعادتهم إليهم سالمين.

كما ذكر "يماني" أن هناك أحد الأطفال توفي منذ خمسة أشهر ويدعى مبارك نصير محمد ١٢ عاما ومقيم بمحافظة أسيوط، حيث لقي مصرعه أثناء عمله بجمع البطاطس بإحدى شركات القطاع الخاص بمنطقة شرق العوينات، وذلك نظرا لتعرضه لوعكة صحية شديدة أثناء عمله تحت أشعة الشمس ولم يتم توفير الرعاية الصحية له.

محمد عبد الله، مهندس زراعي بمنطقة شرق العوينات، أكد أن هناك مئات الأطفال يتم جلبهم شهريا للعمل في جمع المحاصيل بالشركات الزراعية جميعهم يتعرضون لظروف صعبة وتمارس ضدهم أشكال عدة من الممارسات غير الإنسانية، لافتا إلى أن الأمر خطير للغاية فهناك المئات من الأسر الفقيرة تدفع بأطفالها للعمل بمبالغ زهيدة في الظروف الصعبة.

وأشار إلى أن الفقر جعل هم كل هذه الأسر هو الدفع بأبنائهم إلى مقاولي الأنفار دون النظر إلى طبيعة المكان الذين سيعملون به، أو ما يواجهونه أو يتعرضون له، موضحًا أن هؤلاء المقاولين ينتهكون آدمية وبراءة الأطفال ويقسمون عليهم بطريقة مقبولة لإجبارهم على العمل طوال اليوم تحت أشعة الشمس وفي ظروف صعبة لمدة قد تزيد على 10 ساعات متواصلة.
الجريدة الرسمية