القصة الكاملة لقرار تعويم الجنيه الصادر في مثل هذا اليوم
في صباح يوم الخميس الموافق 3 نوفمبر 2016 فاجأ البنك المركزى المصرى بقيادة طارق عامر الجميع بإصدار قرار أقل ما يقال عنه بأنه تاريخى حيث خرج عن كل التوقعات وقرر تحرير سعر الصرف وجعل قوى العرض والطلب هي المتحكمة في سعر صرف بدون تدخلات.
وقبيل قرار التعويم صال وجال الجميع حول قرار تعويم الجنيه بين مؤيد ومعارض، إلا أنه وفى لحظة فارقة قرر عامر إقامة مؤتمر صحفى في مساء يوم قرار التعويم لشرح وإيضاح القرار التاريخى وتحدث باستضافة بالغة عن القرار حيث قال في كلمته إنه "خطوة تاريخية وغير مسبوقة"، تهدف إلى تصحيح أسلوب إدارة الموارد المالية حسب القواعد العالمية وتحقيق آمال الشعب المصري".
غرف عمليات
في نفس يوم قرار التعويم قام رؤساء البنوك المحلية بعقد غرفة عمليات تعمل على مدار الساعة لمتابعة ما يستجد على السوق بعد قرار التعويم حيث أصدرت البنوك تعليمات صارمة باستمرار عمل الفروع من صباح كل يوم حتى الساعة التاسعة مساء طوال أيام الأسبوع بغرض استقبال العملاء الراغبين في بيع الدولار، وأعقب ذلك القرار إصدار شهادات ادخار جديدة ذات عائد مرتفع 20 في المائة و16 في المائة قبيل قرار آخر للبنك المركزى في نفس اليوم وهو رفع الفائدة على الأوعية الادخارية بواقع 4 في المائة.
خسائر السوق السوداء
عاش تجار العملة في ذلك اليوم أسوأ الأيام إذ تكبدوا خسائر فادحة جراء قرار تعويم الجنيه وراحوا يطلقون شائعات تقلل من أهمية القرار إلا أن القرار سرعان ما نجح في احتواء السوق وجعل تجار العملة يبادرون في التخلص من العملة خوفا من زيادة خسائرهم.
الدولار في أول يوم تعويم
وقفز الدولار أمام الجنيه بشكل كبير في أول يوم عمل في البنوك عقب قرار البنك المركزى المصرى بتحرير سعر الصرف وسجل في ذلك اليوم ببنك مصر نحو 14.75 جنيها للشراء، و15.75 جنيها للبيع.
بينما وصل في البنك التجاري الدولي خلال تعاملات مساء اليوم إلى 15.5 جنيها للشراء، و16 جنيها للبيع، ثم تراجع إلى 15.25 جنيهًا للشراء و15.75 جنيهًا للبيع.
كما وصل في البنك العربي الأفريقي بتعاملات مساء اليوم إلى 15.5 جنيها للشراء، و16 جنيها للبيع، مقابل 13 جنيها للشراء، و14.30 جنيها للبيع.
السوق الموازية
وكان الدولار قبل قرار التعويم بساعات قد ارتفع إلى مستويات قياسية بالسوق السوداء وسجل إلى أكثر من 18.25 جنيها إلا أن قرار التعويم اطاح بالسوق السوداء نهائيا وبدأت البنوك منذ ساعة قرار تحرير سعر الصرف هي القبلة الأساسية لتغيير العملة واصبحت جميع المعاملات تتم من خلالها وبوجود سوق واحد لسعر الصرف بدلا من سوقين.
نجاح قرار تحرير سعر الصرف
نجح قرار تحرير سعر الصرف التاريخى في إحراز نتائج إيجابية استطاعت أن تصعد بمؤشرات أداء بعض القطاعات الاقتصادية المهمة.
وقد راهن البنك المركزى المصرى منذ قرار تعويم الجنيه في الثالث من شهر نوفمبر الماضى 2016 على تجاوز التحديات وإحداث نمو كبير في القطاعات الاقتصادية.
وأعطت المؤشرات الإيجابية التي تضمنها الاقتصاد خلال الفترة الحالية حالة من التفاؤل والأمل والثقة لدى قطاع كبير من المواطنين داخل الدولة بأننا نسير على الطريق الصحيح.
وضمن هذه المؤشرات الإيجابية على تحسن الاقتصاد، ارتفاع صافى احتياطي النقد الأجنبى لدى البنك المركزى في نهاية شهر أغسطس 2017 لأعلى مستوى له، بأرصدة 36.1 مليار دولار.
تراجع عجز الموازنة
وقد استطاعت الحكومة أن تنجح في خفض العجز التجارى بسنبة تصل لنحو 50% على أساس سنوى لينزل العجز خلال سنة بنسبة تصل لنحو 8.4% إلى 35.4 مليار دولار.
الاستثمار الأجنبي المباشر
تخطت نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر جميع الوقعات وذلك انعكاسا لنمو الاحتياطات النقدية من العملة الصعبة وتراجع العجز التجارى وتحسن أداء الناتج المحلى، حيث تشير الأرقام إلى أن صافي الاستثمارات الأجنبي المباشر سجل أعلى مستوى له ليصل إلى 13.3 مليار دولار متخطيا المستهدف بـ 10 مليارات دولار.
تحويلات المصريين بالخارج
أعلن البنك المركزي المصري ارتفاع إجمالي تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال شهر سبتمبر 2017 بمعدل 24.4% لتسجل نحو 1166.0 مليون دولار (مقابل نحو 937.3 مليون دولار خلال شهر سبتمبر 2016).
وشهدت الفترة من نوفمبر 2016 حتى سبتمبر 2017 (وهي الفترة التي أعقبت قرار تحرير سعر الصرف) ارتفاع إجمالي تحويلات المصريين العاملين بالخارج بمقدار 2.6 مليار دولار (بمعدل 17.8%) لتصل إلى نحو 17.4 مليار دولار (مقابل نحو 14.8 مليار دولار خلال ذات الفترة من العام المالي السابق).
ارتفاع الصادرات المصرية
وتأتى الصادرات المصرية وارتفاعها مؤخرا من أهم الدلائل التي تشير إلى تعافي الاقتصاد، فقد حققت قفزة كبيرة خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من عام 2016، وسجلت 11 مليارا و130 مليون دولار، مقابل 10 مليارات و295 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2016، بزيادة نسبتها 8%.
البورصة في صعود
ومن الدلائل القوية على تعافي الاقتصاد وتحسنه بشكل ملحوظ أن البورصة المصرية احتلت المرتبة الأولى على مستوى العالم منذ يونيو 2013 حتى 2017، على الرغم من الظروف العصيبة والتحديات التي مر بها السوق خلال السنوات الأخيرة.
استقرار سعر الصرف
ويشير تراجع سعر الدولار في البنوك إلى حالة الاستقرار التي يتمتع بها الاقتصاد المصرى، وشهد سعر صرف الدولار الأمريكى بالبنوك تراجعا طفيفا خلال الأيام الأخيرة، وسط توقعات قوية من جانب الخبراء والمؤسسات المالية العالمية بتحسن الجنيه في الفترة المقبلة، والتي من المحتمل أن تهبط فيها الورقة الخضراء إلى مستويات كبيرة قد تصل إلى 16 جنيها مع نهاية العام الجارى.
السياحة تعود
هناك تحسن تدريجي في مؤشرات السياحة المصرية، خاصة أن هناك العديد من دول العالم تراجعت عن قراراتها بشأن منع زيارة مصر، وارتفع عدد السياح القادمين إلى مصر بنسبة تصل لنحو 54% بإجمالي إيرادات بلغ نحو 3.5 مليارات دولار أمريكى.