رئيس التحرير
عصام كامل

الوزير «الراجل»!


هذا الوزير يستحق الوقوف خلفه ومعه.. نعم.. فقد انتقدنا أمس تأخر تفاعل الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي، مع حادث اقتحام نائب عن الشعب -أو المفترض هكذا- لجامعة الفيوم والاعتداء بالصفع على وجه إحدى العاملات ثم الاتجاه للبحث عن موظفة أخرى منعت ابنته من دخول الجامعة لأنها لا تحمل بطاقة جامعية! وقلنا إن الموظفة تستحق التكريم وليس الإهانة والصفع لأنها التزمت باللوائح وطبقتها بغض النظر عن تهديدات الطالبة ولا نفوذ أبيها.. إلا أن الوزير كان عند حسن الظن به عندما طلب أولا تقريرًا عن الموضوع من رئيس جامعة الفيوم.. ليقف على التفاصيل من جهات تتبعه وليس من الصحف وهذا حقه.. ورغم أن رئيس الجامعة كان طرفا في الصلح الذي جرى بين النائب الفتوة والموظفة المحترمة فإنه قدم تقريرًا وافيًا للوزير، الذي ما أن تسلمه إلا وأمر بإلغاء التصالح الذي جرى ووجه الجامعة لإبلاغ النيابة وتعهد هو بإبلاغ البرلمان.. ولم يكتف بذلك بل اتخذ قرارا تربويا بعد الإجراءات القانونية إذ أمر بإحالة الطالبة ابنة النائب للتحقيق.. ولم يكتف بذلك بل أصدر قرارا إنسانيا يقضي باستقبال الموظفة بمكتبه وتوجيه الشكر والتحية لها!


الوزير المحترم يحافظ على كرامة الجامعة وهيبتها حتى أن ساحاتها ومبانيها -الجامعات- توصف بــ "الحرم الجامعي" نظرًا لقدسية أماكن العلم وللدور الذي تلعبه الجامعات في تنوير المجتمعات.. والوزير بهذه القرارات لا يدافع عن مرءوسيه فحسب ولا يدافع عن كرامته هو الشخصية فحسب ولا يرفع ظلما ويرد اعتبار موظفة شريفة فحسب ولا دافع عن هيبة جامعات مصر ومؤسسة رسمية تم اقتحامها بشكل غير مقبول فحسب.. وإنما لكل ما سبق معا، فضلا عن دخوله التاريخ كما فعل وزراء من قبل..

ففعلها اللواء سيد فهمي، وزير الداخلية، وقد رفض إطلاق النار الحي على المصريين في انتفاضة يناير 1977 وفعلها الشيخ الشعراوي وزيرا للأوقاف لرفضه قانون الأحوال الشخصية الشهير وقتها وفعلها المشير طنطاوي عندما رفض التسجيل التليفزيوني في ذكرى حرب أكتوبر مع مقدم برامج شهير جدًا لأنه لم يكن يرتدي ما يليق بحوار مع القائد العام للجيش العظيم.. وفعلها اللواء حبيب العادلي عندما رفض اقتحام أحد نواب مجلس الشعب أحد أقسام الشرطة وفعلها اللواء محمد إبراهيم للسبب نفسه.. وفعلها وزير الداخلية الحالي أيضًا مع نائب آخر لسوء التعامل مع ضباط أحد أقسام الشرطة بالصعيد..

والتاريخ يسجل ولا ينسى.. لكن يتبقى حماية الوزير أن قرر البرلمان دعم النائب، وبقدر ارتياح المصريين من قرارات الوزير أمس ودعمهم لها وابتهاجهم بها حتى قال البعض: "إننا بذلك في مصر نسير في الطريق الصحيح".. يقصدون دولة القانون التي لا يسحق البسطاء فيها وتحميهم نقول بهذا القدر من الرضا سيكون الوقوف خلف الوزير ومساندته.. وهذه ليست -طبعًا- دعوة للتحريض إنما هي صيحة للانتباه والاستنفار عند الضرورة لدعم الحق ومن ينحازون له.. واعتقادنا أن الأغلبية الكاسحة ستعرف دورها وواجبها.. عندئذ!
الرجولة -يا أعزاء- مواقف وليست شهادة يحررها موظفون صغار بوزارة الصحة في إحدى خانات شهادة الميلاد!
الجريدة الرسمية