رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. جيران النقيب «الحايس».. عندما تتجسد شهامة المصريين في «الحزن والفرح»

فيتو

في الخامسة من مساء الأمس، كانت «رضا» تحضر طعام الغداء لزوجها، لاقتراب موعد عودته من العمل، تردد الدعوات التي جف لها حلقها منذ ثلاثة عشر يومًا، "ربنا يرجعك لأهلك بالسلامة يا أستاذ محمد"، كأن أبواب السماء كانت حينها مفتوحة على مصراعيها، مهيأة لتحقيق أية أمنية مهما بلغت صعوبتها واستحالة تحقيقها، «سمعت صدى الزغاريد من الشقة قصادي، كذبت نفسي، دي شقة الدكتور علاء الحايس والد النقيب محمد علاء، إزاي يكون فيها زغاريد!».


هرعت «رضا» مع الحاجة نعيمة القاطنة بالطابق الأول، إلى الطابق الثالث حيث تكمن شقة عائلة النقيب محمد الحايس، فإذا بازدحام شديد عند المدخل، والده مغشى عليه، ووالدته في مرحلة الإفاقة، ماذا يحدث؟ هل حقق الله دعوة رضا والحاجة نعيمة!.

«إحنا عدى علينا أصعب 13 يوم في حياتنا، كأنه ابني أو ابن أختي شهيد الجيش اللي مات في أحداث يناير»، على مدار الـ 13 يومًا، كان حثيث دعوات السيدة «أمل» والدة النقيب الحايس، وهمسها في آخر الليل يتسلل إلى شرفة رضا، يمزق قلبها، فإذا بها تخرج متجهة إلى الصالة تردد الدعوات وتبكي، «لما كنت اسمعها شوية تصرخ وشوية تدعي وشوية تنادي على ابنها، مكنتش بعرف أنام».

بالرغم من سطحية العلاقة بين رضا التي انتقلت إلى شقتها في 16 حدائق الأهرام منذ بضعة أشهر، وعائلة الحايس القاطنة بذات العقار منذ ثلاث سنوات، إلا أن المحنة الأخيرة جعلتها تقترب من حياتهم أكثر، فمنذ أن علموا أنه ما زال على قيد الحياة ومفقود، أصبحت تنزل إلى الشقة يوميًا، تواسيها، وتؤكد لها أن الجميع معهم في مصابهم، وعما قريب سيعود محمد لعائلته.

ولم يتوقف الأمر على ذلك فقط، بل قامت بالزغاريد والرقص، وتشغيل الأغاني الوطنية بأعلى صوت، وأكدت على قيام عائلة النقيب «محمد» بتوزيع الشيكولاتة والشربات كنوع من التعبير عن الفرح، وأيضًا لم تتوقف الفرحة على جيران العمارة فقط ولكن على جميع الجيران بالشارع بأكمله، وأضافت أن أحد الجيران له شقة فارغة بالدور الأرضي فتحها لاستقبال جميع الضيوف منذ بداية اختطافه إلى الآن وأنهم تعاونوا كعائلة واحدة.

الدموع تتساقط من عيني «الحاجة نعيمة»، أقدم ساكنات العقار، وصديقة عائلة النقيب الحايس منذ الأيام الأولى لسكنهم، «أنا كنت معاها وقت استقبال خبر عودته، كانت صدمة زي صدمة يوم ما عرفنا إنه مات يوم السبت الساعة 3 الفجر، من فرحتنا كنا بنصوت».

وعن العلاقة الشخصية بين نعيمة، تؤكد أنها لم تر منهم سوى الطيبة والاحترام، أما عن النقيب «الحايس» فهي أيضا لم تلتق به كثيرًا لطبيعة عمله، وكان في المرات القليلة التي تلتقيه بها لم تشهد منه سوى الاحترام، وأشارت إلى أن والده رفض أخذ عزاء ابنه يقينًا منه أن نجله على قيد الحياة، وحتمًا سيعود يوما.

وأشارت إلى أن منزل النقيب «محمد» طيلة 13 يومًا لم يغلق ولو للحظة واحدة، وحين علموا أنه على قيد الحياة فقد والده الوعي، أما العائلة والجيران فلم يغفو طيلة الليل من الفرحة.
الجريدة الرسمية