التجار والصناع يتحدون وزير التموين.. يؤجلون كتابة السعر على السلع ويعتبرونه «فنكوش».. مصيلحي يتجنب المواجهة ويحاول الخروج بدون خسائر.. خبير: التسعير علاج لفوضى الأسواق
ما زالت أحلام الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، تحلق في سماء ملبدة بالغيوم لا تكشف الحقيقة المرة التي يحاول بها الخروج من فوضى الأسعار العشوائية التي تجتاح الأسواق بعد أن تحولت حرية السوق إلى "حرية السوء" وخطف المستهلكين بأسعار غير مبررة لم تجد من يحميهم من وطيس ويلاتها في وقت تحول فيه الزعم بكون الدولار هو المسئول إلى التبجح لأن السلع تتحرك قبل استيرادها بمجرد الإعلان عن زيادة سعره بسبب الممارسات غير الشرعية التي تجتاح الأسواق تحت مظلة حرية قوى العرض والطلب.
تأجيل مستمر
المفاجأة الأولى أن "المصيلحي" بعد أيام معدودات من تقلد منصبه بالوزارة أعلن عن إلزام الشركات والمنتجين بكتابة السعر كأحد الآليات لضبط السوق على أن يبدأ التطبيق من منتصف أبريل الماضي بما ازعج الاتحاد العام للغرف التجارية واتحاد الصناعات بطلب مهلة للتخلص من المنتجات التي تتواجد بالمخازن لتصريفها لحين نهاية مايو الماضي ليستمر احتراف التجار والصناع وعلى رأسهم كبار رجال الأعمال منهم لتأجيل التنفيذ حتى يناير 2018 سبقه إصدار قرار وزاري حمل رقم 217 لسنة 2017 بالتطبيق وبما تضمنه من بنود منها أن يكون السعر واضحا وغير قابل للمحو أو الإزالة.
سيناريو متكرر
ووفقا لما تؤكده مصادر بوزارة التموين أن تراجع "المصيلحي" في التطبيق خلال الفترة السابقة والمقبلة سيناريو سوف يتكرر في المستقبل بسبب ضغوط الغرف التجارية وأخواتها من المصنعين للحيلولة دون التطبيق لدرجة اعتراف وزير التموين أن كتابة السعر يتم بالاتفاق والتوافق مع المنتجين ليترك الباب مفتوحا حتى يخرج منه مع حفظ ماء الوجه.
لجنة الخبراء
كما أن الوزارة ألغت لجنة الخبراء والتسعير منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي مضافا لذلك أن ترك كتابة السعر للشركات من تلقاء نفسها تعد هي الحكم والخصم في تقدير مدخلات الإنتاج، كما أن التكلفة المرتبطة بالدولار بعد التعويم ليست ثابتة بعدما أصبح الدولار كالسلعة تباع وتشتري وفقا لقوى العرض والطلب بما لا يدع مجالا للشك أن المنتج الواحد تتعدد أسعاره بين ما يتم طرحه للسوق المحلي أو التصدير كما أنه من غير المقبول ربط السلع بالتكلفة غير الثابتة في ضوء قرار وزير التموين.
دراسة القرار
والتجربة بكتابة السعر على المنتج مهددة بالفشل ما لم يكن هناك نوع من التريث لدراسة القرار من جميع المناحي كما يوضح الخبير الاقتصادي الدكتور علاء رزق رئيس المنتدى الإستراتيجي للتنمية والسلام واصفا أن ما يقدم عليه المصيلحي بأنه يتعارض مع قواعد التجارة الحرة ومؤسسات التمويل الدولية التي تسعى إلى تشجيع الاستثمار من قبل القطاع الخاص في الدولة على اختلاف معدلات النمو الاقتصادي بها لكونه قاطرة النمو التي تسحب التنمية إلى الأمام بما يفرز أطروحات.
فوضى سعرية
وفي سياق متصل كشف الدكتور محمد أبو شادي وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق أستاذ الاقتصاد والمالية العامة بأكاديمية الشرطة أن التسعير حسب طبيعة المنتج مثل المنتجات المعبأة لكنه لا يناسب القماش أو السلع التي يصعب كتابة السعر عليها والهدف منه ضبط حالة الفوضى السعرية التي تجتاح الأسواق لاختلاف سعر السلعة الواحدة من مكان إلى مكان آخر، كما أن التسعير منصوص عليه في القانون رقم 163 لسنة 1950 بإلزام كل منتج بتحديد السعر على منتجاته.
كما أن هناك فرقا بين النظم الرأسمالية والاشتراكية من الناحية النظرية لكن التطبيق يختلف لافتا إلى أنه لا يجب أن نكون ملكيين أكثر من الملك لكون التسعير يؤدي إلى استقرار المعاملات بالأسواق مع مراعاة هامش الربح لكل منتج بما يحقق رضا جميع الأطراف في ظل وجود الدولة.