وعد بلفور.. العرب يدفعون بعد 100 عام ثمن الصمت
ليست سوى رسالة لم تتخط كلماتها المائة وثلاثون كلمة بعث بها آرثر بلفور إلى اليهودي يونيل روتشيلد، أعلن فيها تأييد حكومة المملكة المتحدة لإنشاء وطن لليهود في فلسطين، وكتبت معها بداية الخراب للعالم العربي الذي صاحبه جرائم يهودية لم تنته منذ ذلك الوقت وحتى الآن.
مائة عام مرت على بداية النهاية، منذ أن خرج الوعد المشؤوم على يد من لا يملك لمن لا يستحق ليكتب بداية "عذاب العرب" تعانى من كوارث نتيجة منح وطن يهودي للإسرائيليين في فلسطين منذ ذلك التاريخ وحتى الآن.
بدأت عواقب وعد بلفور المأساوية منذ اللحظة الأولى لإقراره متمثلة في إقامة دولة الاحتلال الإسرائيلي على 78% من أرض فلسطين، واستمرار واستكمال المشاريع الاستيطانية التوسعية والتهويدية في الضفة الغربية والقدس، وتشريد ما يقارب 7 ملايين من الفلسطينيين في الشتات قرابة سبعة عقود من الزمن غير قادرين على العودة إلى موطنهم بالإضافة للممارسات العنصرية ضد ما يقارب 2 مليون عربي فلسطيني يقطنون في الداخل المحتل ومحاولة مصادرة أراضيهم وتهويدها، وارتكاب المجازر وشن الحروب المتكررة ومحاصرة وخنق ما يقارب من خمسة ملايين فلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس، ومحاولة تفتيت البنية الاجتماعية للشعب الفلسطيني.
تسبب "بلفور" الوعد، في مقتل وجرح مئات الآلاف وتشريد سبعة ملايين فلسطيني في منافي الأرض، وإرهاق الدول العربية والإسلامية وتكبيدها خسائر جسيمة في الأرواح والأموال خلال السنوات الماضية، كما تزامن إطلاق ذلك الوعد مع اتفاقية توزيع العالم العربي إلى دويلات في سايكس بيكو عام 1916 والتي سبقت هذا الوعد بعام تقريبًا.
أصبح الوعد بمثابة تحول في القضايا السياسية العالمية لخدمة الأقوياء في وقت كانت فيه الدول العربية قطاعات صغيرة متفرقة مستعمرة في أغلبها تحاول أن تنتزع أرضا لتعيش عليها ولم تكن تطلق عليها أوطان.
كانت زراعة إسرائيل في الأرض الفلسطينية لا تهدف إلى احتلال تلك الأرض فقط بل كان الهدف الأكبر لها هو زراعة إسرائيل فيها ومن ثم يكون بالإمكان زرعها في أي مكان في العالم، باعتبار فلسطين أرض للديانات جميعًا ووجود اليهود فيها يمنحهم الفرصة للتحكم في تاريخ أكبر منطقة تجمع للديانات العالمية، وخاصة عندما يكون للمسلمين والمسيحيين ارتباط ديني كبير في تلك الأرض وبذلك يبني اليهود، باختيارهم لهذه الأرض، تاريخهم على أنقاض المساجد والكنائس التي يرغبون في إزالتها مستقبلًا، وبعدها يسعون، زيفا، لإثبات أحقيتهم في هذا الأرض عبر لعبة التاريخ وليس لعبة الاحتلال.
وبعد مرور 100 عام على الوعد المشئوم، بدأ العرب يعانون من نتائج صمتهم في حينها، وزاد النفوذ الصهيوني بالمنطقة وبلغ الأمر ذروته بالجرائم اليهودية سواء في فلسطين أو خارجها والتي يقف الجميع يشاهدها مكتوف الأيدي.