رئيس التحرير
عصام كامل

كارثة فلسطين لم تبدأ مع وعد بلفور.. من هنا بدأت الحكاية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

لم تطف فكرة تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين على السطح مع إعلان وعد بلفور كما يعتقد البعض، وإنما سبق ذلك العديد من التجهيزات التي استغرقت قرون ووضع أسسها مؤسس الصهيونية الأول، تيودر هرتزل.


تيودر هرتزل
وتيودر هرتزل هو صحفي يهودي نمساوي مجري، مؤسس الصهيونية السياسية المعاصرة، ولد في بودابست وتوفي في إدلاخ بالنمسا. تلقى تعليما يطابق روح التنوير الألماني اليهودي السائد في تلك الفترة، يغلب عليه الطابع الغربي حتى سنة 1878.

ونشر هرتزل في 1896 كتابه تحت عنوان، الدولة اليهودية، وإن لم يجد الكتيب صدا واسعا في البداية إلا أنه وضع فعلا حجر الأساس لظهور الصهيونية السياسية وتأسيس الحركة الصهيونية بعد انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية بين 29 و31 أغسطس 1897 وانتخاب هرتزل رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية، بعد ذلك بدأ هرتزل عدة محادثات مع شخصيات عديدة من دول مختلفة، مثل القيصر الألماني فيلهلم الثاني الذي التقى به سنة 1898 مرتين في ألمانيا وفي القدس أو السلطان العثماني عبد الحميد الثاني سنة 1901، بحثا عن مؤيدين للمشروع الصهيوني، لكن جهوده فشلت وتركت المجال مفتوحا لمواصلة العمل على تأسيس الدولة.

الحملة الفرنسية
البدايات الأولى لفكرة إنشاء وطن خاص باليهود، يجمع شتاتهم ويكون حارسًا على مصالح دول (أوروبا) الاستعمارية في الشرق إلى ما قبل الحملة الفرنسية على مصر، ظهر بوضوح في خطاب "نابليون" الذي وجهه إلى يهود الشرق؛ ليكونوا عونًا له في هذه البلاد.

ودخلت الفكرة مرحلة جديدة مع نهايات القرن التاسع عشر، انتقلت فكرة الصهيونية التي تزعمها "تيودور هرتزل" مؤسس الحركة الصهيونية من مرحلة التنظير إلى حيز التنفيذ، وذلك بعد المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل عام 1897م، وتجلى ذلك بوضوح في سعي الصهيونيين للحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى بإقامة وطن قومي يهودي.

محاولة استمالة السلطان العثماني
البداية إلى منح اليهود وطنًا في شمال أفريقيا، ثم تلا ذلك تحديد منطقة العريش، ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل، فاتجه تفكير اليهود إلى "فلسطين"، وسعوا للحصول على وعد من " تركيا" - صاحبة السيادة على "فلسطين" - لإنشاء وطن لليهود فيها، وسعى "هرتزل" إلى مقابلة السلطان "عبد الحميد"، وحاول رشوته بمبلغ عشرين مليون ليرة تركية، مقابل الحصول على فلسطين، ولكن السلطان رفض وقال: "لا أقدر أن أبيع ولو قدمًا واحدة من البلاد؛ لأنها ليست لي، بل لشعبي، لقد حصل شعبي على هذه الإمبراطورية بإراقة دمائهم، وفضلوا أن يموتوا في ساحة القتال.

بعد ذلك حول اليهود هذه الأفكار نحو فلسطين تحت مزاعم الوعد الإلهي ولم يكن عدد اليهود حينذاك تجاوز 5% من مجموع سكان فلسطين، وأرسل وزير الخارجية البريطاني، اللورد آرثر جيمس بلفور، في 2 نوفمبر عام 1917، رسالة إلى القيادي في الحركة الصهيونية، اللورد فولتير روتشيلد، تضمنت ما بات يعرف باسم "وعد بلفور"، كي يسلمها إلى حاييم وايزمان والقيادة الصهيونية.

وكتب بلفور في هذه الرسالة أنه "يسرني جدًا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وعرض على الوزارة وأقرته: إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية"، مشترطا "على أن يفهم جليًا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر، وسأكون ممتنًا إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علمًا بهذا التصريح".

وفور إعلان هذا الوعد سارعت دول أوروبا، وعلى رأسها "فرنسا" و"إيطاليا" و"أمريكا" بتأييده، بينما كان في مناطق العالم العربي وقع الصاعقة، واختلفت ردود أفعال العرب عليه بين الدهشة والاستنكار والغضب.

الجريدة الرسمية