رئيس التحرير
عصام كامل

محاكمة مشيرة خطاب.. ظالمة!


لو أن تحميل المستشارة مشيرة خطاب مسئولية الفشل في الحصول على منصب مدير عام اليونسكو يستند إلى حقائق ملموسة لكنت أول من يشارك في تلك الحملات التي لم تتوقف منذ تم ترشيحها.. وما زالت مستمرة، لتتحول إلى محاكمة.. وتوجه خلالها الاتهامات الظالمة.. دون حساب. 

والأمر المؤكد أن الدولة لو كانت رشحت آخر تتوفر لديه الصفات التي يحددها المعترضون على ترشيح السفيرة.. لما حقق الفوز في الانتخابات، وأظن أن تجربة وزير الثقافة فاروق حسني ليست بعيدة، فلم يكن الرجل بعيدا عن حقل الثقافة.. وكانت لديه علاقات واسعة على المستوي العالمي منذ عمله بالسفارة المصرية بروما، وأظن أن حظ الدكتور سراج الدين في الفوز، كان أوفر وكانت علاقاته في الغرب أوسع.. ولكن الدول الغربية لا ترغب في أن يتولي المنصب الثقافي الرفيع شخص من خارجها، وقد ظهر الأمر جليا في المساندة الأوروبية للمرشحة الفرنسية أودري أو زلاي، بينما كان أربعة من المرشحين العرب يتنافسون، بطرق بعضها مشروع ومعظها يخلو من أية مشروعية، ومن يتابع نهر الأموال الذي دفعته قطر للحصول على المنصب.. يدرك أن المعركة لم تكن نظيفة.. وكان موضع انتقاد الصحف العالمية.

بل إن أصواتا عربية اتجهت لصالح المرشحة الفرنسية بحجة الارتباط الثقافي مع فرنسا، كما أن الدول الأفريقية التي اتفقت على ترشيح خطاب لم تلتزم بالاتفاق، وساندت المرشحة الفرنسية علنا.. ثم كان للحملات المعادية للإسلام كدين وللعرب من أتباع هذا الدين، تأثيرها الواسع على تأييد المرشحة الفرنسية والابتعاد عن كل مرشح عربي ينتمي إلى دول يمارس بها الإرهاب تحت راية الدين، ولا يجب أن تتوقع من مواطني الدول الغربية التعرف على تعاليم الدين الإسلامي التي تدين العنف.. وتحرم القتل سواء لاختلاف العقائد أو الديانات، ولا شك أن تلك الحملات التي بدأت قبل معركة اليونسكو كان لها تأثير على عدم اختيار مرشح عربي مسلم.

وأضافت مشيرة خطاب في حوارها الرائع مع الإعلامية لميس الحديدي أسبابا أخرى لعدم حصول مصر على المنصب الثقافي الدولي، في مقدمة تلك الأسباب ما يثار حول ما يجري في مصر من انتهاكات لحقوق الإنسان، وصدور قانون الجمعيات الأهلية الذي يحد من انطلاق منظمات المجتمع المدني، وليس خافيا على أحد أن الدولة المصرية تتعرض لانتقادات واسعة في الغرب، كان لها تأثيرها على عدم اختيار المرشحة المصرية التي أدارت معركتها بكفاءة عالية.. وكانت موضع إعجاب الذين ساندوها أو الذين حجبوا عنها أصواتهم سواء لمصالح دولهم أو للرشي التي حصلوا عليها، أو لمواقفهم المعادية للسياسات المصرية، كل تلك الاعتبارات غابت عن الذين يحاكمون السفيرة خطاب، بينما اعترض أحد كبار المثقفين على أن الدولة لم ترشح أحد المدرسين من كليات التربية وهي منتشرة في مصر، أو مدرس من كلية الآداب مثل الدكتور حسن حماد من جامعة الزقازيق، الذي يدير ندوة عن سلامة موسى وإشكاليات النهضة.. إنها بحق محاكمة ظالمة!
الجريدة الرسمية