في الفلبين.. معاناة سكان مراوي مستمرة بعد إجلائهم
على الرغم من إعلان الجيش الفلبيني انتهاء معركة مراوي، لا تزال "جمالية بينداتون" التي تحمل طفلها البالغ ستة أشهر بين يديها، تجهل متى ستتمكن من العودة إلى مدينتها التي سيطر تنظيم داعش لخمسة أشهر على بعض أحيائها.
وقالت السيدة البالغة 29 عامًا لفرانس برس من الخيمة التي تعيش فيها مع عائلتها في مخيم للإيواء الطارئ في بالو-أي، على بعد 20 كلم من مراوي: "لا نعرف إذا كان منزلنا لا يزال موجودًا".
وأضافت: "الحالة صعبة. ليس لدينا أي مدخول ونعتمد على المساعدات".
وأرغمت المعارك أكثر من 350 ألفًا من سكان مراوي على الفرار، وهي المدينة المسلمة الأكبر في جنوب الفلبين، الأرخبيل ذات الغالبية الكاثوليكية.
وسيطر مئات المسلحين الذين بايعوا تنظيم داعش في 23 مايو على أحياء بكاملها من مراوي، واستخدموا مدنيين دروعًا بشرية، في محاولة لإنشاء قاعدة لتنظيم داعش في جنوب شرق آسيا.
ودمر بالكامل تقريبًا النصف الشرقي من المدينة، بعد خمسة أشهر من القتال انتهت رسميًا الإثنين.
وأكدت السلطات التي تخشى وجود ألغام، أن على السكان انتظار أشهر أو حتى سنوات قبل العودة إلى منازلهم.
وتلقى نحو 10 آلاف من السكان الضوء الأخضر للعودة إلى ديارهم، في أحياء بعيدة عن ساحات القتال.
أكدت المسئولة في المدينة زريدة طه لوكالة فرانس برس أن 33 ألفًا آخرين سيتمكنون من العودة إلى منازلهم في مراوي الأسبوع المقبل.
وقد لجأ عدد من النازحين إلى منازل أصدقائهم أو أقاربهم فيما لم يكن لدى عشرات الآلاف من السكان سوى خيار اللجوء إلى مخيمات، على غرار جمالية بينداتون.
وبدأت الحكومة ببناء مساكن جديدة بأسعار معقولة لتسهيل الأمر، وهذا يثبت أن عودة السكان ليست قريبة.
وتقدم الحكومة مساعدة لكل عائلة تبلغ 200 بيزوس ما يعادل 3،30 يورو.
زوج جمالية الذي كان عامل بناء، يزرع حاليًا الذرة في أرض تابعة للحكومة، في إطار الوظائف البسيطة التي توفرها السلطات. لكنه لن يحصل على أجره إلا بعد بيع الذرة.
وتمتلك الفلبين، المعرضة باستمرار للأعاصير والفيضانات والزلازل، خبرة جيدة في إدارة الكوارث. إذ وضعت الحكومة برامج مساعدات إنسانية في وقت مبكر للذين تم اجلاؤهم من مراوي.
بغض النظر عن التمرد الإسلامي المستمر منذ عقود في جنوب البلاد، لم يشهد الأرخبيل كوارث واسعة النطاق افتعلها الإنسان مثل تلك الحاصلة في مراوي، منذ الاحتلال الياباني خلال الحرب العالمية الثانية.
وأعلنت الحكومة أن 920 مقاتلًا إرهابيًا و165 عسكريًا و47 مدنيًا، قتلوا خلال خمسة أشهر. وانهارت آلاف المباني فيما دُمرت أحياء بالكامل.
قدر وزير الدفاع الفلبيني دلفين لورنزانا أن عملية إعادة بناء البنى التحتية الأساسية مثل الكهرباء والماء والطرقات تبلغ قيمتها 1،1 مليار دولار.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن السكان "الأكثر تأثرًا" الذين يتراوح عددهم بين 30 ألف و40 ألف شخص، سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية (مواد غذائية ومساكن...) لسنوات عديدة.
وأكد رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنوب الأرخبيل روبيرتو بيترونيو لفرانس برس، أن "الوضع غير اعتيادي ونراه للأسف في عدد من المناطق في العالم مثل الشرق الأوسط أو حتى أفريقيا".
لم تدم الفرحة بالنسبة إلى غالبية السكان الذين تمكنوا من العودة إلى منازلهم، بسبب حالة مدينتهم وارتفاع حوادث السرقة التي لمسوها.
وقالت نورهانا سانغكوبان وهي تاجرة مسنة في حي ايست بازاك: "الباب كان محطمًا وعندما دخلت رأيت ملابسنا متناثرة على الأرض. كل مؤننا الغذائية اختفت".
ويشكل التعليم المدرسي مصدر قلق إضافي بالنسبة للسكان. فقد أغلق عدد كبير من المدارس أبوابه فيما تلقى الكثير من الأطفال صدمة جراء الذي حصل في مراوي.
المدرّسة ديانا ديمارو التي كانت تصطحب نحو 60 من تلامذتها للترويح عن نفوسهم في ملعب تابع لمبنى حكومي يعجّ بالعائلات التي تم اجلاؤها، أوضحت لفرانس برس أن "الأطفال بحاجة إلى مساعدة نفسية طارئة".
وأضافت: "يجب أن نشغلهم لينسوا صدمة ما شعروا به".