رئيس التحرير
عصام كامل

اختفاء أدوية المناعة يهدد حياة 60 ألف مريض كلى.. مستشفيات وزارة الصحة خالية منها.. الصيدليات تعلن عدم توافرها للمحتاجين.. والبحث عن الدواء يكشف الأسباب والبدائل

 وزارة الصحة
وزارة الصحة

في مصر من لم يمت من المرض مات من إهمال وتقصير المسئولين.. عبارة تلخص وقائع ما يجري لمرضى الكلى، الذين أجروا عمليات زرع الكلى، لكنهم اصطدموا بنقص حاد في الأدوية اللازمة بعد العملية، خصوصا الأدوية المثبطة للمناعة، حيث يضطر المريض للحصول عليها مدى الحياة؛ لكي يحافظ على الكلى المزروعة له، بدلا من أن تفشل مرة أخرى وتتعرض حياته للخطر.


عدد كبير من زارعي الكلى أعلنوا استياءهم من عدم توافر الأدوية ونقصها في السوق، وأكدوا أنها غير متوفرة سواء في الصيدليات أو المستشفيات، وعلى رأسها معهد الكلى بالمطرية، التابع لهيئة المعاهد التعليمية بوزارة الصحة.

60 ألف مريض
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد مرضى الفشل الكلوي في مصر يقدر بما يقرب من 60 ألف مريض، هم من يجرون غسيل كلوي، جميعهم بحاجة إلى عمليات زرع كلى، إلا أنه نظرا لارتفاع تكلفة عمليات الزرع، إضافة إلى صعوبة الحصول على متبرع، لا يوجد أمام المريض إلا الاستمرار في الغسيل الكلوي.

ووفقا لوزارة الصحة، فإن عدد عمليات زرع الكلى سنويا في مستشفيات التأمين الصحي يبلغ ما يقرب من 600 عملية سنويا، بينما تصدر قرارات علاج على نفقة الدولة لما يقرب من 500 مريض سنويا؛ لإجراء عمليات الزرع بجانب العمليات التي تجرى في الأماكن الخاصة.

وليد جابر مريض يبلغ من العمر 32 عاما من محافظة قنا، أجرى عملية زرع كلى في معهد الكلى بالمطرية، وتبرعت له والدته بكليتها، وليد الذي يحصل على أدوية للحفاظ على الكلية المزروعة له روى لــ«فيتو» معاناته مع غيره من المرضى، خاصة ممن جاءوا إلى القاهرة من محافظات قنا والأقصر وسوهاج لصرف العلاج إلا أنهم منذ شهرين لا يجدونه ولم يحصلوا عليه، والإجابة الوحيدة لهم بصيدلية معهد الكلى أن الدواء غير متوفر، بحجة عدم توريد وزارة الصحة الأدوية لهم، «واللى عايز يمشي ويجيب الدواء من مكان تاني يجيبه».

وأضاف أنه يحصل على أدوية «سيلسيبت، السانديمون، برجراف» وغير موجودة بمعهد الكلى، وإن توفر نوع لا يجد النوع الآخر، ويضطر لشرائه من الخارج بأسعار باهظة الثمن، لا يقدر عليها، فيضطر المرضى للانتظار وتضيع عليهم الجرعات.

وأشار إلى أن قرار العلاج على نفقة الدولة يصدر لهم بــ7500 جنيه لمدة 6 أشهر، أي 1250 جنيها لكل شهر، أدوية لا تكفي للعلاج، إضافة إلى أن الشهر الذي لا يصرف العلاج فيه من المعهد يضيع عليه قيمة قرار نفقة الدولة، ويصرفها المعهد، وهو أمر يتكرر مع عدد من المعاهد سواء الكلى أو معهد ناصر.

نقص حاد
محمود فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء قال لـــ«فيتو» إن أدوية المرضى ما بعد زرع الكلى تشمل «برجراف، مايفورتك، سليسبت، ساندميون»، مشيرا إلى أنها تشهد نقصا حادا في السوق حتى في المستشفيات، مشيرا إلى أن معهد الكلى التابع لهيئة المعاهد التعليمية أكد نقصانها على الرغم أنه يخدم آلاف المرضى.

وأضاف أن وحدة زراعة الكلى في مستشفيات جامعة المنصورة أعلنت منذ فترة عن توقفها عن إجراء عمليات الزرع؛ لعدم وجود أدوية المناعة اللازمة للمريض، وبدونها تفشل تلك العمليات لضرورة حصول المريض على أدوية مثبطة للمناعة.

تحرير سعر الصرف
وأكد أن الأزمة بدأت منذ قرار الحكومة المصرية بتحرير أسعار الصرف، مما أدى إلى أن إحجام الشركات عن الاستيراد من الخارج والتوريد للمستشفيات، لكن عدم وجود سياسة لحل الأزمة من قبل وزارة الصحة أدى إلى تفاقم المشكلة التي تضاف إلى أعباء مرضى الكلى في مصر، الذين تحملوا مشقة نقص المحاليل الطبية أكثر من عام كامل.

البدائل
الدكتور كريم كرم عضو المركز المصري للحق في الدواء قال لــ«فيتو» إن الأدوية المثبطة للمناعة ناقصة في السوق، منها عقار براجراف ويبلغ سعره 1600 جنيه، بالإضافة إلى أدوية ساندميون 50 مجم 700 جنيه، وميفورتك 360 مجم 2580 جنيها، وميفورتك بــ1380 جنيها.

وأوضح الدكتور حاتم السمري استشاري أمراض الكلى، أن مرضى زرع الكلى يواجهون صعوبات في مرحلة ما بعد الزرع، أهمها توفير الدواء الذي يعتمد عليه كفاءة الكلى المزروعة.

وأشار إلى أن جميع الأدوية المستخدمة بعد الزرع مستوردة، إلا أنها أنواع منها الأمريكي والألماني وهي الأدوية الأصلية، ومنها البدائل المستوردة صناعة صينية بمادة خام أقل في الكفاءة، وهي أقل في السعر من الأمريكي.

وأكد ارتفاع أسعار أدوية ما بعد الزرع ويصل منها الصنف الواحد إلى 1500 جنيه، مشيرا إلى أن الأدوية البديلة للصينية، يمكن أن تطيل عمر الكلى المزروعة إلى 3 سنوات، بينما الأدوية الأمريكية الصنع يمكن أن تطيل عمر الكلى المزروعة إلى 10 سنوات وأكثر، وأشار إلى أن مريض زرع الكلى الذي تفشل عملية الزرع له يضطر إلى إجراء عملية غسيل كلوي من جديد، ويكلف الحكومة قرارات نفقة الدولة أو علاج بالتأمين الصحي، ويضطر لإعادة الزرع من جديد، والبحث عن متبرع جديد، ويضيع على المتبرع الأول له كليته.

وأشار إلى أن التأمين الصحي يوفر تلك الأدوية بنسبة 60% للأدوية المستوردة البديلة، و40% أدوية أصلية، موضحا أنها تتوفر على مراحل، ومن أهم التحديات التي تقابل المرضى إهمالهم لأنفسهم، وعدم الحصول على الدواء بانتظام والاستمرار فيه يؤدي إلى عودة الفشل الكلوي مرة أخرى، إضافة إلى عدم وجود سبب وراثي يجعل الفشل الكلوي يعود مرة أخرى، مؤكدا أن فشل زراعة الكلى السبب الرئيسى فيه يرجع إلى الدواء.

وأوضح أن تكلفة قرار نفقة الدولة التي تصدر للمرضى في مرحلة ما بعد الزرع 15 ألف جنيه، لا تناسب قيمة الأدوية التي يحتاج إليها المريض، مشيرا إلى أن عمليات زرع الكلى حاليا أصبحت مكلفة للغاية، تصل إلى 90 ألف جنيه كتكلفة مستلزمات وأجرة مستشفى وفريق طبي في حالة إذا كان المتبرع قريب المريض في الأماكن الخاصة، بينما في حالة شراء الكلية، وهو أمر مخالف للقانون في أماكن خاصة، تصل التكلفة إلى 200 ألف جنيه للعملية.

الدكتور أحمد شقير أستاذ أمراض الكلى بكلية الطب جامعة المنصورة، أكد من جانبه اختفاء مثبطات المناعة التي يحتاج إليها مريض زرع الكلى مدى الحياة، مشيرا إلى أن جميعها مستوردة، وأسعارها مرتفعة يصل سعر الحقنة التي يحتاجها بعض المرضى لــ5 آلاف دولار، وألا يتم طرد الكِلية من الجسم وغير متوفرة.
الجريدة الرسمية