دود الأرض.. إرهاب «الصعيد الجواني»
تواصل قواتنا المسلحة والشرطة حربها الشرسة ضد الجماعات الإرهابية والتكفيرية، وتغلق عليها كل المنافذ التي تسعى تلك الجماعات للخروج منها، لترويع المواطنين الأبرياء، وإراقة مزيد من الدماء، وكأن تلك الجماعات قررت في نفسها أن تكون «دود الأرض».. فما إن ضيقت القوات الأمنية الخناق عليها في المحافظات الحدودية وشمال سيناء، حتى اتخذت من الجبال والمحافظات النائية ملجأ لها، لتنفيذ مزيد من العمليات، وما أخصبها من تربة في «الصعيد الجواني».
تسلل عدد من العناصر الإرهابية عن طريق جبل الكرنك بمحافظة قنا، واستوطنت به واتخذت منه مكانًا للتدريب، والعمليات الخاصة بتهريب السلاح والذخائر، وقامت تلك العناصر الإرهابية بالكثير من العمليات الإرهابية في محافظات الصعيد، ومنها حادثا المنيا والأقصر، ومن أكثر العناصر الإرهابية المعروفة في المحافظة هي الخلية الإرهابية التابعة لعمرو سعد، المتهم بتنفيذ حادثى تفجير الإسكندرية وطنطا، وراح ضحيتهم العشرات من الأقباط.
وقد تم تصفية عدد من أعضاء هذه الخلية الإرهابية الكبيرة التي تنتشر في قرى الإشراف وجبال الكرنك بأبوتشت، وقامت هذه الخلية بتشكيل خلايا عنقودية لعمليات إرهابية خارج المحافظة، وذلك لأن قنا تمتاز بالقبلية والعصبية، ويصعب تنفيذ أي عمليات إرهابية داخلها، خوفًا من دخولهم في أزمات قبلية، خاصة أن الشخصيات معروفة، ويصعب على أي فرد القيام بأى عملية داخل نطاق المحافظة.
اتخذت تلك الخلايا من الجبل مكانًا وسكنًا لتنفيذ مخططاتها الإرهابية من خلال التدريبات العسكرية التي كانوا يقومون بها، فضلًا عن سفر البعض منهم إلى خارج البلاد، مثل البغدادى الذي كان دائم السفر إلى العراق وسوريا، وسعد الذي كان يسعى لتسفير الشباب إلى سوريا والعراق، لتلقى تدريبات عسكرية واستخدام السلاح، وكانوا يسافرون من البلاد عن طريق منافذ الجبل المفتوحة في جبل الكرنك، ناحية الطريق المؤدى إلى الوادى الجديد، ونظرًا لطبيعة هذا الجبل الذي يوجد به العديد من الكهوف والملفات الجبلية.
وكانت تلك المعسكرات ومراكز التدريب في حضن الجبل على بعد 50 كيلو مترًا، ويستلزم الدخول لديها أن يكون لديك سلاح وسيارة دفع رباعى حتى تتمكن من الوصول إلى نقطة معسكرات الإرهابيين، ويصعب على سيارات الأمن الدخول إلى تلك المناطق، وهو ما حدث في واقعة الجبل عندما غرست مدرعة الشرطة بسبب عدم معرفتهم بطبيعة تلك المنطقة الجبلية الوعرة ونعومة الرمال التي تجعلك تشعر بأنك في الربع الخالى حيث تسحبك الرمال لتنزلق بك إلى القاع، وهو الأمر الذي يستلزم كما ذكرنا أن يكون الدخول بسيارات مجهزة والأفضل استخدام الطيران في تلك المنطقة لرؤية وتتبع الجبل.
ويوجد في منطقة جبل الكرنك مغارات تشبه الأنفاق، يسير بها سرب سيارات من 10 إلى 15 سيارة تقريبًا لتهريب السلاح والمخدرات والإرهابيين وقطاع الطرق، وكل مغارة من هذه المغارات تدخل منها تخرج منها على طريق يؤدى بك إلى محافظة الوادى الجديد، وهناك بعضها يؤدى للهروب إلى حدود مصر مع السودان.
من جانبه، صرح مصدر أمني بمديرية أمن قنا بأن هناك ملاحقات أمنية لجميع عناصر تلك الخلية، ويتم من فترة إلى أخرى عمليات تمشيط في جبل الكرنك وجبال الإشراف وقفط، وغيرها من المناطق التي كانت لها علاقة بتدريبات تلك العناصر في جبال الكرنك، خلال حملة المداهمات التي وقعت على الجبل، وسوف يتم ملاحقة باقى أفراد الخلية لحين الانتهاء من تصفية تلك العناصر الإرهابية التي تتسبب في زعزعة الأمن والاستقرار بالبلاد.
الفيوم : «أنصار بيت المقدس» تقود العننف
تعتبر الفيوم إحدى محافظات تفريخ العناصر الإرهابية في مصر، ومع الثورة ظهرت تنظيمات اختلفت عن القديمة، فقد اختفت الجماعة الإسلامية و”الشوقيون” الذين شكلوا القوام الرئيسى للفكر الإرهابى أو التكفيرى في الفيوم، وظهر بدلا منها أنصار بيت المقدس وداعش، وإن كان معظم أعضاء التنظيمين من “الشوقيين”، إلا أن ظهورهما غير خريطة الجماعات بالفيوم.
مصدر أمني بالفيوم قال: إنه بعد الثورة حاولت بعض الجماعات التكفيرية النهوض من جديد إلا أنها اختفت مرة أخرى بعد 30 يونيو، ولم يستمر منها على الساحة إلا عناصر قليلة من تنظيمى داعش وأنصار بيت المقدس، وأضاف المصدر أن أبرزهم كان مجدى عبد التواب أحمد مرعي، الذي فجر كمينا لقوات الجيش الليبي، وهو من تنظيم داعش، وينتمى لأسرة فقيرة بعزبة خليل الجندى بمركز أطسا، كما تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط 3 أشخاص ينتمون لتنظيم “داعش” أيضا، أثناء تخطيطهم لتنفيذ عمليات إرهابية وتجنيد الشباب بالفيوم، وهم من المقيمين بقرية الروبيات، التابعة لمركز طامية، وتلقوا تدريباتهم بشمال سيناء، واعترفوا بتفجير أحد الأكمنة في سيناء.
كما ينتمى إلى تنظيم أنصار بيت المقدس محمود شفيق محمد مصطفى، الذي فجر نفسه بحزام ناسف داخل الكنيسة البطرسية بالعباسية، وأيضا البيطرى “حسام ع.م” 48 عاما، عضو ببيت المقدس، ضبط وبحوزته هواتف محمولة مدون عليها بيانات ومعلومات عن رجال الشرطة والمنشآت الشرطية بالمحافظة، وهو ابن عم سعيد محمد، القيادى البارز في جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية، الذي عثر على جثته على طريق أسيوط الغربي؛ نتيجة حادث مرورى أثناء تنقلاته بين محافظتى الفيوم وبنى سويف، كما ألقى القبض على الإرهابى أحمد محمد عبدالحكيم مصباح، من مركز طامية.
الوادي الجديد: أنصار الشريعة الأخطر
شهدت محافظة الوادى الجديد خلال الأربع السنوات الأخيرة، وخاصة بعد قيام ثورة 30 يونيو، ظهور عدد من الحركات والجماعات الإرهابية التي قامت بتنفيذ عدة مخططات بالمحافظة، واستهدفت تمركزات أمنية لقوات الجيش والشرطة على مدار السنوات الماضية، بعض هذه العناصر تابعة لجماعة الإخوان وتنظيم داعش وعدد من الحركات الإرهابية التي ظهرت في ليبيا مؤخرا، وتدعم صفوف الجماعات الإرهابية في داخل الأراضى المصرية.
تعد جماعة أنصار الشريعة واحدة من أخطر الجماعات الإرهابية التي ظهرت في ليبيا، بعد سقوط نظام معمر القذافى عام 2011 والتي تمتلك نفوذا كبيرا داخل الأراضى الليبية، وتضم داخلها عددا من الحركات الإرهابية الأخرى، وهى عبارة عن كتائب وميليشيات مسلحة منبثقة من تنظيم القاعدة، وارتبط نشاطها بتنفيذ مخططات إجرامية وإرهابية في حق المدنيين وقوات الجيش والشرطة، وذلك من أجل الهيمنة والسيطرة على السلطة، وتورطت جماعة “أنصار الشريعة الليبية” في عدد من المخططات الإرهابية في الداخل المصري، كان أبرزها استهداف كمين الكيلو 100 في واحة الفرافرة في عام 2014، ما أسفر عن استشهاد 5 جنود وضابط من القوات المسلحة، وأعلنت وقتها جماعة “أنصار الشريعة” مسئوليتها عنه.
تنظيم الصحوة
داعش الإرهابى وجماعة “الصحوة” التي ظهرت في ليبيا، اللذان نفذا أول مخطط إرهابى لهما في الصحراء الغربية، من خلال الهجوم الذي طال كمين الكيلو 100 بالفرافرة للمرة الثانية، بعد أقل من عام على استهدافه من قبل أنصار الشريعة الليبية؛ حيث أسفر هذا الحادث عن استشهاد 21 ضابطا ومجندا، وإصابة 5 آخرين من قوات حرس الحدود، فيما أعلن بعدها التنظيم الإرهابى مسئوليته عن الحادث، كما بث فيديو مصورًا لعملية الهجوم على الكمين.
وشهد مطلع العام الحالى أول ظهور لجماعة حسم الإرهابية والتي نفذت أول مخطط لها بمحافظة الوادى الجديد، عن طريق الهجوم بالأسلحة الثقيلة على كمين النقب الحدودى الواقع بين محافظة الوادى الجديد وأسيوط، والذي يتبع وزارة الداخلية، وأسفر عن مصرع 8 مجندين وضابط شرطة، وأعلنت بعدها جماعة حسم الإرهابية مسئوليتها عن الحادث.
كما شهد شهر سبتمبر الماضى أول ظهور لتنظيم “ولاية سيناء” الإرهابي، وذلك عندما رصدت قوات الأمن تحركات 3 أشخاص يشتبه في انتمائهم لجماعات إرهابية في المنطقة الواقعة بواحة الفرافرة ومركز ديروط التابع لمحافظة أسيوط، وباستهدافهم قام أحدهم بتفجير نفسه، فيما فر اثنان آخران تم تصفيتهما بعد ذلك، وبالكشف عن هويتهم تبين أن الأشخاص الثلاثة مطلوبون على ذمة قضايا، منها الانضمام إلى ولاية سيناء، كما أنهم كانوا في طريقهم لتنفيذ مخطط إرهابى يستهدف إحدى الكنائس، وقسم شرطة مركز الفرافرة.