رئيس التحرير
عصام كامل

طه حسين أمام جمال عبد الناصر: مُنحت لنا الحياة لنكد لا لنستريح

فيتو

في عام 1958 فاز عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين "رحل في مثل هذا اليوم عام 1973" بجائزة الدولة التقديرية، أقيم حفل كبير حضره الرئيس جمال عبد الناصر الذي سلم الدكتور طه حسين الجائزة، وبدوره ألقى عميد الأدب العربي كلمة قال فيها:


سيدي الرئيس أرجو أن تأذن لي في أن أهدى إليك من أستاذي الجليل أحمد لطفى السيد ومني ومن كل هؤلاء الذين أتيحت لهم فرصة أن يروك الليلة.. أقدم لك أصدق التحية وأعمق الشكر والاعتراف بالجميل بعد أن أتيح لهم أن يروك لا في حفل سياسي ولا في حفل اجتماعي أو اقتصادي ولكن في تحية الأدب والعلم والفن.

ونحن حين نتلقى منك هذا الشرف العظيم إنما نسعد لأننا نتلقاه من شخص نحبه ونُجله، نتلقاه من شخص يمثل الدولة ويسدي إليها باسمها تقديرها وتكريمها.

وإنى يا سيدي الرئيس لأشعر بأنك تكرمني مرتين، تكرمني حين تكرم أستاذى أحمد لطفي السيد؛ فكل تكريم للأستاذ إنما هو تكريم لتلاميذه أيضا، وأشعر بهذا التكريم حين أتاح لي مجلس الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية أن أتلقاه من يدك الكريمة.

وأحب أن أقول يا سيدي الرئيس لهؤلاء الذين ظفروا بالجوائز التشجيعية والدرجات العلمية أن الجوائز والدرجات العلمية مهما تكن ومهما تعظم لا ينبغي أن تغر طالب العلم والأدب عن نفسه ولا ينبغي أن ترضيه عن نفسه أيضا فويل لطالب العلم إن رضي عن نفسه مهما كان متفوقا.

وويل للعالم مهما برع وللأديب مهما نبغ ونجح أن يرضى عن نفسه، لأنه يوم يرضى عن نفسه لا ينتج شيئا ولا ترضى عنه الإنسانية.

إن الكمال يخيل إلينا دائما أنه قريب منا ويدعونا دائما إلى أن نسعى لندنو منه ولنبلغه ويدفعنا دائما إلى الجد والكد والعمل لنقرب منه قليلا.. لكنه ينأى عنا كلما دنونا منه ينأى عنا لنزداد جدا وكدا وعملا وسعيا.

فلنكن دائما مطمئنين إلى أن حياتنا لم تمنح لنا لنستريح ولا لنربح.. وإنما منحت لنا لنكد ونجد وندفع غيرنا دائما إلى الكد والجد والعمل والاجتهاد.
الجريدة الرسمية