رئيس التحرير
عصام كامل

«الأفيال» تعيش آخر أيامها


لم يعد أمام الفيلة الأفريقية سوى ١٠ سنوات فقط، قبل أن تنقرض بالكامل بسبب الصيد الجائر غير القانوني، نعم، ١٠ سنوات فقط لا غير!! البشر هم وراء القضاء عليهم تمامًا؛ بسبب تجارة التحف والحلي المرصعة بالعاج أو المصنوعة بالكامل من العاج، لكن الفرصة متاحة أمامنا الآن من أجل إغلاق أكبر أسواق العاج في العالم.. السوق الأوروبية.


يقتل الصيادون ١٠٠ فيل يوميًا.. يتم إطلاق النار عليهم من الطائرات المروحية، أو قطع الأنياب العاجية، بينما لا يزالون على قيد الحياة، في عمل أقل ما يوصف بأنه وحشي، لانهم يموتون بعدها بساعات قليلة، وأسوأ ما في الأمر هو أن الفيلة تدرك تمامًا ما يحدث لها، حيث تمضي ساعات في البكاء على أفراد عائلتها المقتولين.

كانت سهول أفريقيا وغاباتها فيما مضى تحتوي على ٢٥ مليون فيل، لكنها مهددة اليوم بالانقراض خلال عقد من الزمن.. هذه إشارة سيئة إلى مدى انفصال البشر عن محيطهم البيئي والطبيعي.

قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الفيل الأفريقى مهدد بالانقراض خلال قرن من الزمان، بسبب عملية قتله المستمرة للحصول على العاج، وفى دراسة جديدة لـ "ناشيونال جيوجرافيك"، تعد أول دراسة موثوق بها، وأجريت على مستوى القارة حول الصيد غير المشروع، فإن أكثر من 100 ألف فيل تم قتلها منذ عام 2010.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة "جورج ويتماير"، الأستاذ المساعد بجامعة كولورادو، إن هناك كارثة حقيقية، ولو استمرت الاتجاهات الحالية، فإن الصيد قد يؤدي إلى انقراض الفيل الأفريقى في غضون 100 عام، ولو استمرت الأمور كما نراها اليوم، فإن هذا ما يمكن أن نتوقعه.

واستخدمت الدراسة التي نشرت في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم، بيانات جمعتها منظمة "رصد القتل غير القانونى للفيلة".. ووجد الباحثون أن معدل المواليد لا يتماشى مع الزيادة في معدلات الوفيات، التي تضخمت بشدة بسبب الصيد الجائر، وقالت الدراسة إن مستويات القتل غير القانونية لم يكن من الممكن تحملها للأنواع بين عامى 2010 و2012، وأشار الباحثون إلى أنه في عام 2011، عندما تم صيد 40 ألف فيل، فإن الأنواع تضاءلت بنسبة 3%، وهذه النتائج تقدم أشمل تقييم لحصاد العاج غير القانونى حتى اليوم لتأكيد أن استهلاك العاج الحالى غير قابل للاستمرار.

وقال ويتيماير: إن بعض الفيلة تحظى بحماية أفضل من الأخرى.. ومن بين الأكثر عرضة للخطر أفيال أفريقيا الوسطى التي قضى الصيد على أكثر من 48 ألفا منها منذ عام 2010.. وأنه في حين أن ثلاثة أرباع الأفيال تتراجع، فإن 25% مستقرة أو تتزايد.

وعن تجارة العاج، يقول ويتماير: إنه عندما بدأ البحث في تجارة العاج، فكان سعر الرطل في السوق السوداء 30 دولارا.. وارتفع هذا الرقم في الأعوام الخمسة الماضية، وأصبح الآن 100 دولار للرطل الواحد.. وفى عام 2011، عندما بلغ القتل ذروته وصل سعر الرطل إلى 150 دولارا، وعندما سمحت الصين ببيع العاج الأفريقى لمرة واحدة عام 2008، ازدهرت تجارته.

والآن فإن بعض التقديرات تشير إلى أن رطل العاج يمكن أن يباع بـ 1500 دولار في الصين، ويشير ويتماير إلى أن هذا مبلغ كبير من المال، فالفيل الذكر الكبير يمكن أن يخرج 40 كيلو، أي 90 رطلا، بعد أن وجد الخبراء أن تجارة "التحف والحلي القديمة" المصنوعة من العاج تدفع عصابات الصيد نحو قتل المزيد من الفيلة لأنها توفر غطاء قانونيًا للعاج غير القانوني، فتح الاتحاد الأوروبي باب المشاورات العامة، حيث طلب دليلًا على ما يدعيه الخبراء، وفي حال توافر هذا الدليل فمن الممكن فرض حظر نهائي وشامل على تجارة العاج في أوروبا.

ويعمل حاليًأ فريق عمل منظمة "آفاز"، بالشراكة مع جامعة أكسفورد، وكبار المحققين في جرائم الحياة البرية، على تحديد مصدر العاج في جميع أنحاء أوروبا، وإجراء اختبار الكربون المشع عليه لتحديد عمره.. ومن شأن هذه العملية أن تقدم الدليل القاطع الذي نحتاجه من أجل فرض حظر نهائي على تجارة العاج في أوروبا.

والطريقة الوحيدة لإنقاذها تتمثل في فرض حظر شامل على تجارة العاج الدموية، فقد فرضت الولايات المتحدة والصين حظرًا على تجارة العاج، وتعتزم هونج كونج القضاء نهائيًا على هذه التجارة بحلول العام ٢٠٢١، بينما علق الاتحاد الأوروبي مؤخرًا تصدير أنياب العاج الخام، ويدرس حاليًا إمكانية اتخاذ إجراءات أكثر تشديدًا.
الجريدة الرسمية