المنطقة بين التوحيد والتفكيك
لعل أخطر وأهم ما كشفته المحنة الكبرى التي تعيشها المنطقة منذ انتفاضها ضد النظم التسلطية، هو انعدام قدرة تلك الجماعات المسماة بالإسلامية على توحيد الأمة ونظم أمرها، والأسوأ من هذا اندفاعها خلف مشاريع التقسيم التي يخطط لها الأمريكان والصهاينة، ويشرف على تنفيذها عملاؤهم في المنطقة مثل قزم الأردن وعجل قطر.
وبينما توالي إسرائيل كشف مواقفها المعادية لسوريا وإيران وحزب الله، وآخرها ما أعلنه رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، ورئيس معهد الأمن القومي عاموس يدلين عن سعي إسرائيل لـ "اتخاذ خطوات تضمن تفكيك محور الشر، إيران وحزب الله وسوريا، كما وصفها.
من خلال إضعاف الرئيس بشار الأسد، والعمل على إنهاء ولايته في أقرب وقت"، كما أكد أن "مَن لا يفهم أن سقوط الأسد هو تطور إيجابي لإسرائيل، يكون غير قادر على القراءة الصحيحة للأوضاع"، معتبراً أن "الرئيس الأسد هو عنصر سلبي في الشرق الأوسط، ومصلحة إسرائيل تتطلب إضعافه وإسقاطه لأن ذلك يعني تفكيك محور إيران سوريا حزب الله، وبالتالي يضعف حزب الله ثم إيران التي لن يعود لها أذرع قوية في المنطقة، وهذا يعود بالمصلحة على إسرائيل".
وإذا كانت المنطقة بحاجة إلى ديمقراطية وحرية رأي ومعتقد فهي تحتاج أيضا إلى قيادات واعية، وصلبة يمكنها توحيد الأمة ومواجهة التحديات الوجودية الكبرى الناجمة عن رغبة القوى الكبرى في الهيمنة على مقدرات الإقليم وثرواته وإعادته لمكانته اللائقة بدلا من التجول من أجل التسول على موائد الاستكبار العالمي، وهي مهمة ثبت يقينا أن تيارات الارتزاق بالدين لا تقدر على القيام إلا بعكسها.
عبثا تحاول أن تقنع (من لا يفهم) كما وصفهم يدلين من المرتزقة أن حكاية (المد الشيعي) لا تعدو كونها جزءا من الإعلام الحربي الداعم للمشروع الصهيوأمريكي، وعبثا تحاول أن تسمعهم أن هذه الحرب لا تهدف إلا لتفكيك ما تسميه إسرائيل (محور الشر: إيران وسوريا وحزب الله)!!.
عبثا تحاول أن تقنعهم ألا يرسلوا شبابنا للموت الجماعي في سوريا كما فعلوا في أفغانستان وغيرها، وعبثا تحاول أن تقنعهم أنهم يقدمون خدمات مجانية للصهاينة، ولكن هيهات هيهات.
إنه الهوى الذي يعمي ويصم...