صلاح حافظ يكتب: أقراص الأسبرين
في مجلة روز اليوسف عام 1952 كتب صلاح حافظ مقالا قال فيه: هناك في مكان دفين في المخ الإنساني مكتب صغير اسمه "مكتب تنظيم الحرارة "، ومهمة هذا المكتب أن يحتفظ بحرارة الجسم عند مستوى معين.
وتابع: "في الصيف مثلا حين ترتفع درجة حرارة الجو يبادر هذا المكتب فيصدر أوامره إلى جميع ثقوب الجسم بأن تفتح أبوابها ليتسرب العرق إلى الخارج حاملا معه كميات زائدة من الحرارة، غير إن لهذا المكتب مهمة أخرى مهمة كمهمة الصحافة الحرة في جسد المجتمع.. مهمة تتلخص في التنبيه والتحذير والإثارة، فإذا حدث مثلا أن اعتدت مجموعة من قراصنة الميكروبات على منطقة من الجسد ونشأت بينها وبين أهالي المنطقة معركة فإن الأشلاء التي تتخلف عن المعركة تجرى في الدم وتختلط به ويصل بعضها إلى هذا المكتب فيثور على الفور، ويذيع في كل مكان من الجسد أمر الغليان فيترتب عليه ثورة من الحرارة يسميها أنصار الحياة الحمى".
وأضاف: "كلما احتدت فيعرفون أن المعركة تحتد، ويحذر الأطباء من تناول الأسبرين لأنه يخدر مكتب تنظيم الحرارة فتضيع الحمى ولكن ظاهريا وينخدع الطبيب عن حقيقة ما يجري في الجسد بينما يكون القراصنة ما زالوا موجودين يزاولون نشاطهم في أماكن مختلفة".
وواصل "حافظ" في مقاله: "في جسم مصر اليوم قراصنة مجرمون ومعركة تتناثر أشلاؤها حول القنال كل يوم، وهناك صحافة حرة تريد ـــ كمكتب تنظيم الحرارة ـــ أن تؤدى دورها وواجبها.. لكن هناك من يصر على أن تبلع الصحافة أقراص الأسبرين ثلاث مرات يوميا.. فهناك وزير يأمر بالهدوء، وينصح بعدم الغليان.. ويطلب أن تضيع الحمى ويبقى الميكروب.. أنه وزير من مصر، ومالك أرض في مصر، ولكنه ليس أبدا من أنصار الحياة لمصر".