رئيس التحرير
عصام كامل

الأردن وإسرائيل.. علاقات تاريخية دعمتها المتغيرات الإقليمية.. خبراء: التعاون بين عمان وتل أبيب لم ينقطع ويشهد تطورا ملحوظا.. حباشنة: زيارة الوفد الدبلوماسى الإسرائيلى بداية لتفكيك الأردن وتوريط جيشها

فيتو

التطور غير المسبوق فى العلاقات التى تربط المملكة الأردنية والإدراة الإسرائيلية، أصبح مسارا للجدل وسط صفوف الخبراء والمحللين، خاصة بعد أن دخلت الأردن على خط الأزمة السورية وفتحت حدودها لاستضافة قوات أمريكية غير معلوم مهمتهم، إلى ذلك ترددت أنباء عن فتح المملكة ممراتها الجوية للطيران الحربى الإسرائيلى وهو ما سارعت بنفيه المملكة.



وتجسد رفع سقف التعاون مع إسرائيل بما نشر أيضًا حول إرسال تل أبيب لبعثة دبلوماسية ضخمة تضم 30 شخصية إسرائيلية إلى عمان نهاية الشهر الجاري، فى مهمة مجهولة التفاصيل أرجعها البعض إلى ترسيخ لعودة الدفء بين الأردن ودولة الاحتلال، بينما يرى آخر أنها واقعة لا تستحق الاهتمام كون التعاون بين الطرفين تاريخيًا وهناك تنسيق أمنى بينهما على أعلى المستويات، وعلى العكس من هذا وذاك كان هناك رأي آخر يرى أن زيارة وفد كبير من الخارجية الإسرائيلية يعد إشارة لبدء تطبيق خطة الوطن البديل للفلسطينيين وبيع القضية الفلسطينية للمرة الثانية.. للوقوف على حقيقة هذا التعاون والدفء فى العلاقات رصد "فيتو" رأى الخبراء للوقوف على شكل هذه العلاقات ومستقبلها ومدى تطورها.


تفكيك الدولة:

فى البداية قال الخبير الإستراتيجى والعميد الأردنى المتقاعد الدكتور علي الحباشنة، إن الزيارة المعلنة لوفد الخارجية الإسرائيلية المكون من 30 دبلوماسيل إلى العاصمة الأردنية "عمان" ومن قبلها الإعلان رسميًا عن وجود قوات أمريكية داخل الأراضى الأردنية تحت ذريعة حماية الحدود مع سوريا، ما هى سوى محاولات لتوريط الأردن في العدوان على سوريا.


وأضاف الحباشنة، أن ذلك يأتي في سياق تفكيك الدولة الأردنية، وبصورة أساسية من خلال تدمير قدرات الجيش العربي الأردني بوضعه في مواجهة جيش النظام السوري، تمهيداً لإعادة تركيب الدولة الأردنية على مقاس مؤامرة الكونفدرالية والوطن البديل، وخدمة للأهداف الاستعمارية في المنطقة والهيمنة على الوطن العربي.


وأوضح الخبير الاستراتيجى والعميد الأردنى المتقاعد أن زيارة الرئيس الأمريكى بارك أوباما للأردن بينت حرصه الشديد على المصالح الصهيونية، بزيارة القدس المحتلة، وتبنيه "يهودية الدولة العبرية"، وأن كل ما يهم دوائر القرار الأميركية التي يمثلها أوباما هو ضمان سيطرة "إسرائيل" على المنطقة، ودعمها في مؤامراتها الاستيطانية ومحاولاتها تفريغ الأراضي الفلسطينية المحتلة من أهلها.


ومن جانبه لم يستغرب الدكتور مضر زهران المعارض الأردنى وكبير مستشارى مؤسسة "جيت ستون" الأمريكية، الدفء المعلن مؤخرًا فى العلاقات الأردنية – الإسرائيلية، مؤكدًا أن العلاقات بين الجانبين قديمة والتعاون بينهما لم يتوقف أبدا، والملك عبد الله العاهل الأردنى أصبح فى وضع صعب وحرج مما جعله يبحث عن أى نوع من التغطية الغربية.


وأضاف أن هذه الزيارة لا تستحق زخما إعلاميًّا فهى مجرد إجراء بروتوكولى لا يعكس أى شىء، فالتعاون الأمنى بين الطرفين قديم ومستمر، وربما يروج له النظام الأردنى ولغيرها من الإجراءات المشابهة كى يسوّق نفسه كوسيط إقليمى وإظهار نفسه ملتحفًا بغطاء غربى.


وشدد المعارض الأردنى وكبير مستشارى مؤسسة "جيت ستون" الأمريكية على أن ملك الأردن شعر بوضع نفسه فى موقف مأزوم عندما بادر بدعم النظام السورى لفظيًّا فى بداية الأزمة، مما وضعه فى موقف صعب مع الدول العربية وخاصة الخليجية المساندة للثورة السورية، ومع وصول موجات الاحتجاجات الداخلية ضده سارع فى البحث عن حل ينقذه من موجة السقوط التى طالت عددًا من الأنظمة العربية، والطريق السهل الذى اختاره هو تغطية نفسه بديكور الدعم الغربى بزج نفسه بالقضية الفلسطينية والثورة السورية، بمعنى أدق النظام الأردنى مأزوم ويحاول إظهار نفسه بمظهر المدعوم.


مرحلة تعزيز العلاقات: 

وعلى جانب آخر رأى المحامى والمعارض الأردنى فيصل الخزاعى، أن الزيارات الرسمية لمسئولين إسرائيليين إلى الأردن مستمرة ولم تنقطع، والتنسيق الأمنى بين عمان وواشنطن وتل أبيب، على أعلى المستويات.


وأضاف: "العلاقات الأردنية الإسرائيلية على الصعيد الرسمي لم تكن باردة لكنها تعززت للظروف التى تمر بها المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بالملف السوري، وقد توجت هذه العلاقة مؤخرًا بعد سحب الأردن لمشاريع قرارات تقدم بها مع السلطة الفلسطينية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلى لدى منظمة اليونسكو الدولية للتربية والعلوم والثقافة بسبب نشاطاتها الاستيطانية ومحوها الطابع العربي لمدينة القدس.


وحول ما تسرب من أنباء عن استضافة الأردن لقوات أمريكية على أراضيها ودلالة ذلك على المتغيرات الإقليمية، قال المعارض الأردنى: فيما يتعلق بوجود قوات أمريكية على الأراضى الأردنية فهي موجودة بأعداد بسيطة منذ الشهر التاسع من العام المنصرم بعد مناورات (الأسد المتأهب) مع 17 دولة شاركت بهذه المناورات في الأردن وأن الرقم الذي سيصل الأردن حوالي العشرين ألف جندي أمريكى خلال الفترة القادمة.


مخطط الوطن البديل: 

وعلق الدكتور محمد جميعان، الباحث الأردنى على زيارة 30 شخصا من الخارجية الإسرائيلية إلى الأردن خلال الشهر الجاري، قائلًا: إن كل ما يجري من زيارات غربية أمريكية وإسرائيلية إلى الأردن تستهدف تهيئة الأجواء لتثبيت خطة الوطن البديل للفلسطينيين.


ولفت "جميعان" إلى اهتمامات القوى الصهيونية وحلفائها من خلال السفارات الغربية في عمان ومطالبها الملحة لزيادة تمثيل الفلسطينيين في الأردن، الذي يعني زيادة الألقاب والمناصب السياسية، محاولة لدسترة التوطين وشرعنته سياسيا واستراتيجيا لتطوى صفحة فلسطين إلى الأبد وقطع الطريق على أي دعم لها، باعتبار أن الضفة أصبحت جزءا من دولة لا يجوز التدخل في شئونها.


وقال: إن هناك ما هو أعمق وأكبر من فكرة الحديث عن علاقات ثنائية، يتمثل في المؤامرة الكبرى الثانية على فلسطين بعد ضياعها أو بيعها في المؤامرة الأولى.
الجريدة الرسمية