رئيس التحرير
عصام كامل

خطة الآثار لتطوير طريق الحج القديم

وزارة الآثار
وزارة الآثار

رغم أن مصر تمتلك رصيدا هائلا من العالم السياحية الدينية، إلا أن القاهرة ظلت لفترة طويلة غير مدرجة على خريطة المقاصد السياحية، وبقيت آثار مصر الإسلامية والمسيحية بعيدة عن اهتمامات كثير من السياح الغربيين، لكن مباركة بابا الفاتيكان مؤخرا مسار العائلة المقدسة في مصر فتح المجال لتسليط الضوء على بعض المناطق الأثرية التي تستحق أن تكون على خريطة السياحة العالمية ووجهة للسياح حال الاهتمام بها وترميمها وتطويرها وخلق مسارات رسمية لزيارتها بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية التي تؤمّن زيارة الوفود السياحية لتلك المناطق.


لكن هناك العديد من العقبات والعراقيل التي تقف حائلا دون إدراج الكثير من هذه المناطق الأثرية على خريطة السياحة العالمية، وذلك لوقوعها داخل المناطق السكنية الشعبية التي تشتهر بضيق شوارعها، وعلى الرغم من ذلك تحاول وزارة الآثار إعداد خطة لخلق مسار للزيارة بشارع الجمالية الموازى لشارع المعز وبعض المناطق الأثرية في الجمالية.

ومن أهم المناطق الأثرية الإسلامية التي تهدف وزارة الآثار إلى وضعها على خريطة السياحة العالمية إلى جانب إحياء مسار العائلة المقدسة “طريق الحج القديم بسيناء” و”مسار آل البيت بالقاهرة” وبعض المناطق الأخرى بالمحافظات، مثل “دير جبل الطير” بمركز سمالوط بمحافظة المنيا الذي شهد رحلة هروب العائلة المقدسة لمصر، واختبأت فيه 3 أيام.

وتقوم منطقة آثار مصر الوسطى للآثار المصرية والإسلامية، بتطوير مسار العائلة المقدسة بجبل الطير الذي يعد جزءا من تطوير مسار العائلة المقدسة بداية من “العريش، الفرما، بلبيس، مصر القديم، وادى النطرون، المعادي، البهنسا، جبل الطير، الأشمونين، القوصية، المحارقة، دير درنكة بأسيوط”، وبلغت تكلفة المشروع نحو 2.5 مليون جنيه لتطوير البنية التحتية والطرق والبوابات ومداخل ومخارج منطقة جبل الطير.

ولمنطقة جبل الطير أهمية تاريخية وحضارية كبيرة ففى عام 328 ميلادية جاءت إلى الجبل الملكة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين الأول، وعندما علمت من الأهالي أن العائلة المقدسة زارت هذه المنطقة واختبأت في المغارة، أمرت بنحت وتفريغ الصخرة المحيطة بالمغارة على نظام طقس الكنيسة الأرثوذكسية، وحولت كل المناطق التي مرت بها العائلة المقدسة لأديرة وأطلقت عليها اسم دير السيدة العذراء، وهى عبارة عن صخرة واحدة تم تفريغها إلى أربعة حوائط صخرية، وبالصحن 10 أعمدة صخرية، وفى عام 1938 تم تجديد وبناء الطابق الثانى والثالث بالكنيسة على يد الأنبا ساويرس مطران المنيا.

وأطلقت مؤخرا وزارتا الآثار والسياحة 8 محطات من 25 محطة كمرحلة أولى من مراحل الرحلة الثلاث، على أن يتم الترويج لهذا النوع من السياحة على نطاق واسع في الخارج وتدشين مبادرة لتشكيل جمعية عالمية لأصدقاء العائلة المقدسة، تضم الفاتيكان وأقباط المهجر والكنائس الشرقية وعددا من المؤسسات الدولية.

ويتم التركيز في الوقت الراهن على عدد من المواقع الأثرية في المرحلة الأولى لتطوير مسار العائلة المقدسة والتي تستغرق من 3 إلى 5 سنوات والمرحلة الثانية تستغرق حتى 7 سنوات والمرحلة الثالثة قد تستغرق 10 سنوات، وشملت المرحلة الأولى الكنيسة المعلقة وكنيسة العذراء بالمعادى وأديرة البارموس والسريان والأبنا بيشوى بوادى النطرون، وجبل الطير بالمنيا ودير المحرق ودرنكة بأسيوط، ومن المقرر دخول شجرة مريم بالمطرية، وكنيسة زويلة، ولكن العشوائيات بهذه المناطق تحول دون ذلك في الوقت الراهن.

وحول سبل مواجهة العشوائيات في المناطق الأثرية على مسار الرحلة المقدسة، تقوم وزارة الآثار بحملات توعية بأهمية تنمية المنطقة بين السكان وإزالة الأكشاك ونقل الباعة الجائلين، وتوفير فرص عمل حتى يعرف السكان أن التنمية لها أوجه إيجابية، حيث يوفر المشروع 4 ملايين فرصة عمل وتقدر أرباحه التي يدرها على البلاد بـ 30 مليار دولار.

ومن جانبه قال محمد مصطفى، مدير عام التعديات بمنطقة آثار مصر القديمة، إنه يجب إجراء صيانة وترميم لكل المزارات التي تقع في مسار الزيارة حيث تشترك وزارة الآثار مع كافة المجالس المحلية في تطوير مسار الزيارة، وعمل دعاية خارجية وداخلية لمسار الزيارة ولكافة المنشآت الدينية، وتنشيط دور إدارة الوعى الأثرى باستخدام التكنولوجيا الحديثة في الترويج.

وأكد مصطفى، أن من أهم المزارات السياحية القبطية كنيسة أبى سرجة الأثرية، وترجع أهميتها لوجود الكهف «المغارة» التي احتمت بها العائلة المقدسة لمدة نحو 3 أشهر “السيدة العذراء، والسيد المسيح، ويوسف النجار” هربا من هيردوس ملك اليهود.

وأوضح مصطفى، أنه تم ترميمها إنشائيا ومعماريا ترميما دقيقا في عهد البابا تواضروس، مشيرا إلى أنه يجب كذلك ترميم وتطوير مجمع الأديان؛ لأنه يعتبر من أساسيات الزيارة الذي يضم الكنيسة المعلقة والمعبد اليهودى وجامع عمرو بن العاص.

ومن جانبه أكد الدكتور محمد عبد اللطيف، مساعد وزير الآثار لشئون المناطق الأثرية، ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، أن الوزارة تعمل في الفترة الحالية على دراسة تطوير طريق الحج القديم ومسار آل البيت لتسليط الضوء عليه سياحيا، إلى جانب تطوير مدينة رشيد الأثرية بعد إعداد تقرير يتضمن الحالة المعمارية والإنشائية، والوضع الراهن لتلك الآثار، والسلبيات والإيجابيات، وإمكانية توظيف وإعادة استخدام الأثر لتعظيم الاستفادة الاقتصادية والتاريخية والثقافية وبث الروح الوطنية لدى الأجيال والشباب، وزيادة العائد المادى من تلك الآثار.

وأكد عبد اللطيف أن مدينة آثار رشيد بها العديد من الآثار الإسلامية التي تستحق وضعها على خريطة السياحة الإقليمية والدولية، حيث تتمتع بمكانة فريدة بين المدن المصرية لما لها من تاريخ عريق، والتي تعتبر الثانية من حيث الآثار الإسلامية بعد مدينة القاهرة.

وأضاف عبد اللطيف أن مدينة رشيد عاشت العديد من الملاحم التاريخية، التي تعد بحق فخرا لكل المصريين، وصفحة مشرفة للعسكرية المصرية من مقاومة الحملة الفرنسية والتصدى لحملة فريزر في عام 1807، مؤكدا أن رشيد تمتلك نماذج من العمارة الدينية مثل المساجد والعمارة المدنية من بيوت سكنية وطواحين، بالإضافة إلى العمارة الحربية مثل قلعة قايتباى وسور مدينة رشيد.
واقترح عبد اللطيف، تقسيم جميع آثار رشيد إلى 12 مجموعة ترتبط ببعضها البعض في النسيج العمراني، حيث سيتم إعداد مقترحات بكيفية ربطها ببعضها في محاور متكاملة.
الجريدة الرسمية