رئيس التحرير
عصام كامل

مفتي الأردن: الفتاوى المضللة شجعت المتطرفين على الخوض في دماء الناس

فيتو


  • >> على المؤسسات الدينية مواجهة الفتاوى المضللة من خلال توضيح صحيح الدين للناس
  • >> الفتاوى المضللة فتحت الباب أمام المتطرفين للغلو في الدين
  • >> لدينا قانون في الأردن يمنع من الطعن على فتوى الهيئات العامة
  • >> هناك أمور واجب على من يتصدر للفتوى مراعاتها
  • >> الفتاوى المضللة تمثل خطرا على الأمة العربية


الفتاوى المضللة والشاذة لها تاريخ قديم ودائما ما سعت المؤسسات الدينية وعلى رأسها دور الإفتاء في العالم لمواجهتها ومحاولة التصدي لها، وما بين الإخفاق والنجاح في التصدي لتلك الظاهرة حديث كثير، وفي إطار جهودها لمواجهة تلك الفتاوى ومحاولة ضبطها عقدت دار الإفتاء المصرية مؤتمرها العالمي الثالث، تحت عنوان "دور الفتوى في استقرار المجتمع" بمشاركة وفود من أكثر من 60 دولة.

"فيتو" التقت الشيخ محمد أحمد الخلايلة المفتي العام للمملكة الأردنية الهاشمية، الذي أكد على خطورة الفتاوى الضالة والشاذة على المجتمعات العربية، موضحا القواعد والأسس التي يعتمد عليها أصحاب تلك الفتاوى ومفندًا طرق العلاج والتصدي لتلك الظاهرة، وإلى نص الحوار...

◄بداية.. كيف ترى دور المؤسسات الدينية في تحقيق استقرار المجتمعات؟
لا شك أن المؤسسات الدينية ودور الإفتاء بوجه خاص في المجتمعات الإسلامية تلعب دورا مهما في استقرار المجتمعات من خلال مواجهة الأفكار المتطرفة، والأفكار الشاذة، وما يجري من تطرف وعنف في العالم الإسلامي خاصة في هذه الفترة.

◄كيف يمكن مواجهة ظاهرة الفتاوى المضللة والشاذة؟
اليوم أصبح واجب على دور الإفتاء في العالم الإسلامي، أن تواجه تلك الأفكار من خلال طريقين أولهما هو الرد عليها بتصحيح مفهوم الدين للناس، وثانيًا العمل على تحصين المجتمعات والأجيال المقبلة حتى لا تنخرط في التطرف، من خلال نشر الأفكار الصحيحة للإسلام.

◄ ماذا عن رأيك في مؤتمر"دور الفتوى في استقرار المجتمعات"؟
أعتقد أن مؤتمر دار الإفتاء يأتي في وقت مهم جدًا، وفي إطار تحصين المجتمعات من تلك الفتاوى الضالة والشاذة والرد على الأفكار المتطرفة من جهة أخرى، وهو أمر مهم جدًا لاستقرار المجتمعات العربية.

◄كيف ترى خطورة الفتاوى المضللة على المجتمعات الإسلامية؟
الفتاوى المضللة حقيقة قدمت مسوغا لكثير من المتطرفين حتى يخوضوا في دماء الناس وهذه الفتاوى، أوجدت مصوغا أيضًا للمتطرفين ومن يستغلون تلك الفتاوى، للهجوم على علماء المسلمين ولعل التفسير الخاطئ لمسألة الجهاد كانت لها أثر كبير في خلق أبواب جديدة للمتطرفين وأصحاب العقول السيئة، وغيرها من المسائل الأخرى مثل الولاء والبراء وغيرها من المسائل الخلافية وفي العادة من يتصدر لتلك الموضوعات لا يكون على دراية كاملة بحقيقة والمفهوم الأصلي لتلك المفاهيم، ويجب مواجهة تلك الأفكار بكل قوة وهنا يأتي دور المؤسسات الدينية وعلى رأسها دار الإفتاء في التصدي لتلك الظاهرة، وتوضح حقيقة هذه الأمور للناس.

◄كيف ترى مجهودات دار الإفتاء المصرية في هذا الشأن؟
نحن لمسنا تطورا كبيرا لدى دار الإفتاء المصرية من خلال تواجدها الكبير على منصات التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا، وهو أمر في غاية الأهمية لأن وعلى المؤسسات الدينية الاحتكاك بمشكلات الناس، من خلال النزول إلى تجمعات الشباب من خلال الفضاء الإلكتروني الذي يشغل بال الكثير من الشباب، حتى المراصد التي أقامتها دار الإفتاء كان لها دور مهم في التصدي للفتاوى الشاذة، ونحن في الأردن سعينا للاستفادة من التجربة المصرية في هذا الشأن وأصبح لدينا وجود على منصات مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها وذلك يأتي من إيماننا بدور المواجهة الفكرية لتلك الظاهرة ويجب استغلال تلك المواقع لحسم المواجهة في ميدان الفكر.

◄ وهل تعاني الأردن أيضا من ظاهرة الفتاوى الشاذة؟
نحن في الأردن لدينا قانون الإفتاء لضبط عملية الفتوى بالشكل الصحيح ويمنع أي طعن عن الفتاوى الصادرة عن المفتي العام، وعن مجلس الإفتاء، والفتوى في الأردن تصدر عن دار الإفتاء العامة، وهي صاحبة الاختصاص وما يصدر عنها دائما مقبول من الشعب، وهي أتاحت الفرصة للتواصل مع كافة الشعب من خلال الهواتف الخلوية الخاصة بهم وصفحاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

◄ما هي أهم الأمور التي يجب على المفتي مراعاتها عند تصديه للفتوى؟
هناك أمور كثيرة يجب على من يتصدى للفتوى أن يراعيها ومن أهمها، أن لا يختار قولا متفهما في دليله بحيث لو اطلع صاحبه على أدلة غيره لعدل عنه، وأن يكون في فتواه صلاح الناس ومصلحتهم، من غير تشديد يهلكهم ولا تساهل يفسدهم، وأن يكون حسن القصد فيما يختار من آراء العلماء بقصد الفتوى، فلا يختار رأيًا يوافق فيه هوى الناس ورغباتهم، بجانب أن يختار من آراء العلماء للفتوى أقواها دليلًا ولا يفتي بالفتاوى الشاذة، وأن يفتي ما أمكن بالمجمع عليه ولا يعدل عنه إلى المختلف فيه إلا إذا كان في ذلك صالح الناس ومصلحتهم.

◄ما هي الأصول التي تقوم عليها الفتاوى المتطرفة؟
الحقيقة الفتاوى المضللة تقوم على عدة أصول من أهمها.. أولا: الغلو في التوسع في نواقض الشهادتين، فمن أهم الأصول التي بنى عليها أصحاب الفكر المتشدد مذهبهم في تكفير الآخرين هو فهمهم الخاطئ لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما ورد عنه أنه قال: (إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا واحدة، وهي الجماعة) فمن أشد الفتاوى تطرفًا هي تلك التي تكون نتيجتها تكفير الآخر وإخراجه من الملة، حيث تنبني هذه الفتاوى على نقض أصل الإسلام وهو الشهادتان على حساب التعرف على يقينية دلالة الشهادتين ورسوخها، وكل ذلك في سبيل إظهار أنفسهم أنهم هم اتباع الحق والسنة، وأنهم على منهج النبي وأن باقي الفرق الإسلامية كافرة مشركة مصيرها إلى نار جهنم. 

ثانيًا: الأخذ بظواهر النصوص وعدم تفسيرها التفسير الصحيح اتباعًا للأهواء: فمن أهم الأصول التي قامت عليها الفتاوى المتطرفة هي النظر في ظواهر النصوص مع عدم امتلاك أدوات الاجتهاد وعدم الرجوع إلى العلماء الراسخين في العلم القادرين على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها، ثالثًا: الانتقائية في اختيار النصوص التي توافق هواهم، وعدم استنباط الأحكام من مجموع النصوص، بالإضافة إلى الإفتاء بالهوى والانحلال من المذاهب الفقهية الأربعة.

◄وما هو أثر الفتاوى المتطرفة وخطرها على المجتمع؟
انتشار ظاهرة التطرف في المجتمع أمر خطير وله عواقب تضر بأمن المجتمع وتفتت بنيانه، ومن أهم هذه الآثار أولًا: انتشار التعصب في الرأي والغلظة في التعامل بين أبناء المجتمع، ثانيًا: تدمير مقومات الأمة الإسلامية: ويكون ذلك من خلال تدمير الاقتصاد، ففي المجتمع الذي تسوده الأفكار المتطرفة ينتشر الخوف والجوع والاضطراب فلا تزدهر الحضارة مع وجوده ولا يُشيد عمران؛ لأن الإنسان إذا فقد الطعام والأمن عاش في قلق وحيرة واضطراب، وفقد الاستقرار النفسي والاطمئنان الاجتماعي ولا تستقيم الحياة مع ذلك، وقد قال النبي _ صلى الله عليه وسلم- (من أصبح منكم آمنًا في سربه معافًى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حِيزَت له الدنيا).

ثالثًا: تحييد الأمة من الإفادة من الحضارات المعاصرة: فالإسلام دين ودولة، عقيدة وشريعة، وهو يحض على الإفادة من الحضارة المعاصرة، التي لا تتعارض مع أصوله المقررة، أو قواعده العامة، رابعًا: شيوع القتل وسفك الدماء والاعتداء على الحرمات وانتشار الخوف والجوع والفزع في المجتمع خامسًا: التعدي على الحاكمية: وقد تجاوز المتطرفون حدودهم فتعدو على حقوق ولي الأمر، لأنه هو المخول بإقامة الحدود، وتنفيذ العقوبات مما يجعل أمر المجتمع في ضياع وانفلات دون ضوابط شرعية، إنما اتباعًا للأهواء.
الجريدة الرسمية