ماذا يعنى الإعتداءعلى الكاتدرائية ؟
سؤال يشغل بال الجميع، وهو ليس بالسؤال الهين، بل إن ما يحمله الكثير مما هو مفزع وتعلق على مستقبل مصر..مصر التى باتت تتلظى على صفيح ساخن بفعل أزمات متعاقبة وطاحنة، سياسية واقتصادية، وصراع سياسى لا يحمل صفة التنافسية، بل الإقصاء للآخر والاستقطاب ..
وفى مثل هذه الأجواء من السهل أن يزداد الاحتقان الطائفى، بل أن يصبح هدفًا فى حد ذاته .. لم تكن الاعتداءات على الكنائس بالأمر الغريب، ولكن قد حدث العديد من الوقائع والاعتداءات على دور العبادة المسيحية ..
ولكن أن يحدث ذلك على الكاتدرائية، المقر البابوى ورمز المسيحية، ليس فى مصر فحسب، بل والشرق الأوسط وأفريقيا، فإن الأمر لابد وأن نضع أسفله مئات الخطوط .. إن الهدف منه هو زيادة الاحتقان الطائفى، وإشعال فتنة طائفية يمكن أن تبتلع كل الأحداث التى من حولها، بل إنها يمكن، وذلك ليس به أدنى شبهة من المبالغة، أن تبتلع مصر كلها بتاريخها وحضارتها ..
وهنا قد يقول قائل ما هى العلاقة بين ما حدث بالخصوص وما حدث بالعباسية أمام الكاتدرائية ؟ .. لقد مر العديد من الأحداث التى يتم تدثيرها بالطائفية، ولكنها مع ذلك لا يمكن أن تدرج تحت المسمى الطائفى الأصولى، حتى وإن اقتربت منه ..
إن ما لدينا هو حالة من الاحتقان الطائفى الذى بدأ فى السنوات الأخيرة، أى فى منتصف السبعينيات وبداية الثمانينيات، كأحد أوراق اللعبة السياسية، والتى انقلب فيها السحر على الساحر، والتى انتهت باغتيال الرئيس السادات، وعلى الرغم من ذلك فقد استمرت هذه اللعبة، وقد تم تغذيتها فى فترة حكم الرئيس السابق، لكى ما تظل إحدى أوراق اللعبة السياسية، وللتغطية على فشل النظام فى مواطن سياسية معينة، ولكنها قد كانت دائمًا وأبدا سلاحًا ذا حدين، بمعنى أنه عادة ما ينقلب السحر على الساحر، وكيف أن الرئيس السادات عندما قام بعملية جمع كل القيادات الدينية والزج بهم فى السجون، على الرغم من أن دوافعه كانت سياسية بحته، وهى أن يمرر الفرصة على اليهود فى استرجاع أرض مصر فى أبريل ..
ولكن قد كان ذلك أحد الأسباب الرئيسة فى اغتياله وتصفيته من قبل الجماعات الإسلامية .. أيضا نفس الوضع فى عصر الرئيس مبارك، والتى كانت تسير فيه هذه اللعبة على استحياء، وفى صور معلومة ومحدودة تحت السيطرة، لكى ما تدار بها أزمات النظام، ولكنه لم يسمح لها أن تتفاقم، ولكن بعد أحداث كنيسة القديسين وأيًّا من كان وراءها، والذى اتهم فيها النظام السياسى، فهى قد كانت الأصل فى انهيار النظام السياسى، وسقوط الرئيس مبارك وحكومته ..
هذه هى ورقة الطائفية، ولكنها فى ظل الحكم الحالى الذى تحكمه مرجعية دينية وأجندات معروفة وليست مجموعة، ومن ثم فإن الوضع سوف يكون مختلفًا إذ إن ذلك سيكون فى هذه الحالة ليس مجرد لعبة سياسية، أو إحدى الأوراق، ولكن بمثابة سياسة وتوجه وسيناريو، وأن ذلك يعد أحد الأركان الأساسية، بل والقاعدة التى تحكم المنهج السياسى، ولكن مع ذلك تظل درجة الخطورة فى "طأفنة" الأوضاع على النحو الذى يتجاوز مرحلة اللعبة السياسية إلى الحرب الأهلية المدمرة .