«المصرية لحماية الدستور»: مشروع تعديلات قانون الجنسية كارثي
أكدت المؤسسة المصرية لحماية الدستور أن التعديلات المقترحة من الحكومة على قانون الجنسية رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ يترتب عليها عواقب خطيرة وذلك للأسباب الآتية:
١- تنص المادة السادسة من الدستور على أن "الجنسية حق لمن يولد لأب مصري، أو لأم مصرية، والاعتراف القانوني به ومنحه أوراقا رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه". وبهذا النص غير المسبوق أكد الدستور المصري اعترافه برابطة الدم أساسًا للجنسية على أساس المساواة الكاملة بين الأب المصري والأم المصرية.
ويعد الحق في الجنسية من الحقوق الأساسية لكل مواطن يولد لأب أو أم مصرية وهي من الحقوق اللصيقة بشخص المواطن التي لا تقبل تعطيلا أو انتقاصا، ويلتزم المشرع بعدم المساس بأصل الحق في الجنسية عند إصداره لأى قانون ينظم وسائل الاعتراف بهذا الحق وإثباته، وذلك وفقا للمادة ٩٢ من الدستور. ولذلك فإن أي نص يسقط الجنسية الأصلية عن أي مواطن مصري يعد مخالفا للدستور.
٢- ووفقا لنص البيان الرسمي لمجلس الوزراء فإن التعديلات المقترحة تضيف حالة جديدة لسحب الجنسية عن "كل من اكتسبها عن طريق الغش، أو بناء على أقوال كاذبة، أو بعد صدور حكم قضائي يثبت انضمام صاحب الجنسية إلى أي جماعة، أو جمعية، أو جهة، أو منظمة، أو عصابة، أو أي كيان، يهدف للمساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعي، أو الاقتصادي، أو السياسي بالقوة أو بأي وسيلة من الوسائل غير المشروعة".
وبينما تساند المؤسسة سحب الجنسية المكتسبة بالتجنس عن طريق الغش أو بسبب الانضمام إلى الجماعات الإرهابية، إلا أن النصوص المقترحة لم تشر صراحة إلى الجماعات الإرهابية التي يدرجها القضاء ضمن قائمة الكيانات الإرهابية أو قائمة الإرهابيين وفقا للقانون والتي يصدر في شأنها أحكام جنائية نهائية وفقا للقانون ٨ لسنة ٢٠١٥، كما أن الصياغة الفضفاضة، والتي تسمح بسحب الجنسية كعقوبة على الانضمام لاى كيان أو تجمعات تهدف إلى "المساس بالنظام العام للدولة"، قد تفتح الباب لسحبها لأسباب لا تتعلق بالإرهاب بالمخالفة للهدف المعلن من التعديلات المقترحة.
٣- إن التشديد العقابي بسحب الجنسية دون إستراتيجية متكاملة ومتعددة الجوانب لمواجهة الإرهاب لن ينجح في تحقيق الهدف منه، كما أن التجربة أثبتت أن المبالغة في تغليظ العقوبة كأداة للردع غالبا ما لا تحقق الردع المطلوب، خاصة عندما تكون العقوبة الجنائية على الجريمة الأصلية مشددة بطبيعتها كالإعدام أو السجن المؤبد. بالإضافة لذلك فإن مشروع التعديلات أغفل بعض العواقب الخطيرة التي قد تترتب على تنفيذه مثل وضع "عديمو الجنسية".
٤- وأخيرًا فإن حرمان الأبناء البالغين للأم المصرية المتزوجة من أجنبي من اكتساب الجنسية المصرية بحذف حقهم في اكتسابها والاكتفاء بمنحها للقصر وفقًا للتعديلات المقترحة، يعد ردة عن حقوق حصلت عليها الأم المصرية منذ ما يقرب من ١٥ عامًا بموجب القانون ١٥٤ لسنة ٢٠٠٤، ولا يُتَصوَّر الرجوع عنها في ٢٠١٧ - عام المرأة المصرية - وفى إطار الدستور الحالي الذي أقر بنصوص قاطعة مبادئ المساواة وعدم التمييز ضد المرأة، كما يعد حرمان الأبناء البالغين من هذا الحق تمييزا صارخًا وإخلالا بمبدأ المساواة بين أبناء الأم المصرية، ومخالفا للمبادئ التي أقرها الدستور في المادة ٦ منه، فضلا عن الأضرار الاجتماعية الفادحة التي تلحق بأسرة الأم المصرية المتزوجة من أجنبي نتيجة التمييز بين أبنائها في حق اكتساب الجنسية.
كما تؤكد المؤسسة أن أبناء الأم المصرية اللذين اكتسبوا الجنسية المصرية بموجب القانون ١٥٤ لسنة ٢٠٠٤ -الذي أقر حق الأم المصرية في منح الجنسية لأبنائها- لا يجب معاملتهم باعتبارهم من أصحاب الجنسية المكتسبة بالتجنس، وإنما تعد جنسيتهم المصرية جنسية أصلية من الناحية الموضوعية، اعمالًا لقاعدة رابطة الدم التي يقوم عليها حق الجنسية الاصلية وفقًا للمادة ٦ من الدستور.
٥- تؤكد المؤسسة أن التعديلات المقترحة تتعارض في العديد من جوانبها مع فلسفة الدستور ونصوصه وروحه كما تقدم، وتطالب الحكومة بإعادة النظر فيها، كما تطالب مجلس النواب بعدم إقرارها في شكلها الحالي، احتراما للحقوق الأساسية للمواطنات وللمواطنين وفقا للدستور.